الوقت- ضمن جولة إقليمية لحشد المزيد من الدعم لبلاده في محاربة الارهاب قام رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مؤخراً بزيارات الى عدد من الدول الاقليمية لبحث جملة من القضايا مع مسؤولي هذه الدول بشأن التطورات الامنية والسياسية التي يشهدها العراق بصورة خاصة والمنطقة بصورة عامة وسبل توحيد الجهود لمواجهة تنظيم داعش الارهابي .
وتعد هذه الجولة التي شملت ايران والاردن والامارات والكويت خطوة مهمة جداً لإعادة العراق الى محيطه الاقليمي وفتح آفاق جديدة لتطويرعلاقاته مع دول الجوار في ظل ما تشهده المنطقة من اضطرابات نتيجة لسياسات غير مسؤولة لبعض أطرافها والتي تشير المعطيات الى تورط بعضها مباشرة بدعم المنظمات الارهابية .
وخلال جولته أكد العبادي استعداد العراق للقيام بجميع الخطوات التي من شأنها تعزيز العلاقات مع دول الجوار حتى يتم القضاء على الإرهاب، مشيراً الى أن بلاده تخوض الآن حرباً شرسة مع عصابات ارهابية تحاول من خلال أجندات خارجية نقل صورة سلبية عن الإسلام، ما يستدعي من الجميع التعاون لمحاربة هذه الآفة الهدامة. وأوضح العبادي أن القوات العراقية تحقق انتصارات واضحة في جبهات القتال ضد داعش، مشدداً على أن خطر الارهاب لا يهدد بلاده فحسب وانما المنطقة والعالم بأسره، مشيراً الى أن هذا التحدي الخطير لا يقف عند المستوى العسكري والامني، وانما يتعدى الى الجوانب السياسية والاجتماعية والفكرية ما يتطلب زيادة الدعم الاقليمي للعراق للقضاء على العصابات الارهابية بأسرع وقت، من خلال التعاون لتجفيف منابع تمويلها ومنع انتشار فكرها المتطرف .
وتابع العبادي "سيقف العراق بوجه هذا الخطر الى نهاية المطاف، معرباً عن ثقته بقدرة الشعب العراقي وقواته المسلحة وقواه الشعبية للوقوف بوجه هذه التحديات وتحقيق الانتصار ".
ومن خلال استقراء اجواء جولتة الاقليمية التي من المقرر ان تشمل تركيا ايضاً يتبين ان حصيلة كبيرة من الدعم والتأييد قد حصل عليها العبادي خلال لقاءاته بكبار المسؤولين في الدول التي زارها كي يتمكن العراق من المضي قدماً في مواجهة الهجمة الإرهابية التي يعاني منها .
ولابد من الاشارة الى ان اختيار العبادي لطهران كأول عاصمة يقوم بزيارتها في هذه الجولة جاء ليؤكد ان العراق ينظر نظرة خاصة الى ايران بوصفها جار وصديق، وقف الى جانب الشعب العراقي بكافة مكوناته عندما نُكب بداعش انطلاقاً من المبادئ الاسلامية وما يمليه حق الجوار دون الأخذ بنظر الاعتبار الخلفيات القومية او السياسية او المذهبية للعراقيين .
وقد اثبتت جولة العبادي ان التصدي للمجموعات الارهابية التكفيرية هو مسؤولية جميع دول المنطقة، خصوصاً التي يستهدفها هذا الارهاب بالدرجة الاولى، اما الدول التي تدّعي مكافحة الارهاب، ولكنها متورطة بشكل او بآخر بدعمه وانتشاره، وتقف علانية ضد اي جهد لمحاربته لتحقيق اهداف خاصة فإنه لايمكن الاطمئنان والوثوق بها وبوعودها مهما تظاهرت وأدعت بأنها تحارب الارهاب .
والأمر الآخر الذي دفع الحكومة العراقية الى التشاور مع دول الجوار حول ضرورة التصدي لداعش والكيفية التي يجب ان تكون عليها عملية التصدي هو الشكوك التي تحوم حول طبيعة واهداف التحالف الذي تقوده امريكا ضد داعش، والذي أظهرت الوقائع عدم نجاعته وفشله في العراق وسوريا. فقد اثبتت تجارب الاعوام القليلة الماضية ان العراق محكوم بالتعاون مع جيرانه الذين تربطه معهم الاواصر التاريخية والثقافية والاجتماعية والدينية والجغرافية التي تفرض على هذه الدول ان تكون لديها استراتيجية موحدة في التصدي لهذا لخطر المدعوم من قوى اقليمية ودولية تدعي كذبا مكافحته، ووضع امكانياتها بين يدي الحكومة العراقية لتعزيز دورها في التصدي لتنظيم داعش والزمر الارهابية الاخرى .
وماشهدته الفترة الماضية من زيارات لوفود عراقية للعديد من العواصم الاقليمية يعطي الدليل الواضح بأن العراق يرغب بان يأخذ دوره المهم في محاربة الارهاب لاسيما وانه يمثل حالياً رأس الحربة ضد هذه الظاهرة التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم .
ولابد من التأكيد هنا على ضرورة انتهاج سياسة واضحة من قبل جميع الاطراف التي تسعى لمحاربة الارهاب والاصطفاف الى جانب الدول والشعوب المتضررة من مخاطره قبل فوات الأوان ومضاعفة الجهود لتجاوز هذه الظاهرة المشؤومة التي لا يجب ان تطول كثيراً لأنها لن تدع أحداً بعيداً عن آثارها المدمرة إذا ما وجدت الفرصة للانتشار ومد مخالبها أكثر فأكثر في جسد الامة في هذه الفترة العصيبة من تاريخها والظروف الامنية والسياسية البالغة الخطورة التي تمر بها في الوقت الراهن .