الوقت- تتعدد عناوين الأزمات التي تتصدر الصحف العبرية ويتناولها المحللون , تحت مسميات الانتخابات المبكرة , صراع اليمين واليسار, سيطرة المتشددين الحريديم على الوسط السياسي , ازمة اقتصادية وحروب خاطئة , القرارت السياسة وفق مصالح فردية , السياسة الدولية والواقع الدقيق , تهديد فصائل المقاومة , ازمة فلسطينيي ال 48 , يهودية القدس... كلها عناوين أزمات يعانيها الكيان الصهيوني تتحدث عنها وسائل الاعلام والتحاليل السياسية, وكلها تشكل فعلا خطيرا على كيان لم يكتب له الاستقرار الحقيقي منذ أن صنع عام 1948 .
اسرائيل جيش أقيمت له دولة – تتقدم لكن نحو النهاية :
كل يوم يمر على تاريخ الكيان الاسرائيلي , يرسخ الاعتقاد عند اي مراقب موضوعي , أن هذا الكيان يتقدم فعلا , لكن نحو النهاية ..
ليس حلما ولا لغوا أن نقول هذا, بل انطلاقاً من تعريف اساسي أطلق على هذا الكيان " أنه جيش أقيمت له دولة " , يربط هذا التعريف قوة الكيان بقوة جيشه وأي جيش تمتلك اسرائيل؟؟ .
يأتي هذا التعريف من واقع نشوء هذا الكيان المصطنع الذي أسست حجارته عصابات الهغانا , وولد بقرار ظالم اراد فيه العالم استغلال التكتل اليهودي العالمي , ومجاراة الحلم الصهيوني بانشاء دولة لليهود في ارض التوراة, التي يدعون انها حق مقدس من الله اليهم .
فأتى وعد بلفور وما يحمله من حلم غربي- يهودي مشترك , بانشاء دولة اسرائيل في عمق الشرق الاوسط , لتكون اسرائيل دولة تحقق اهداف ومصالح الغرب في هذه المنطقة الحيوية من العالم مهد الحضارات, وقلب العالم , الذي كان وما يزال مطمع الامبراطوريات الغربية منذ القدم .
أثمر الحلم وللأسف , بفعل دهاء واخلاص امتلكه من مضى من مؤسسي ومنظري دولة بني صهيون , مستغلين تقاطع المصالح ما بينهم وبين الغرب الذي سعى كما ذكرنا , الى استعطاف الصهاينة لكسب ودهم ودعمهم بحجة التكفير عن خرافة " الهولوكوست " - التي هم اصلا إن صح وقوعها من افتعلها باليهود - فأهدوا الصهاينة ارضاً مقدسة فيها مهد الأديان ومعاجز الأنبياء , فلسطين , ليدفع شعب هذا البلد ثمن مطامع الغرب وكرم هداياه .
وكانت نشأة الكيان , بفضل خيانة العرب وتعويل القيادات الفلسطينية حينها , على ما يسمى شهامة العرب ونخوة القومية التي ينتمون اليها , فاستغرقوا وأسرفوا في اعطاء الثقة للعربان . فكان أن استفاقوا على واقع اصبحت فيه بيوتهم واراضيهم واعراضهم مستباحة من عصابات متشددة يهودية أتت بدعم بريطانيا ودول العالم , واجتاحت كل محرمات هذا الشعب وهجرته وأقامت بحقد وفي وضح النهار على أرضه كيانا لها اسمته اسرائيل. وصار الشعب الفلسطيني مأساة دامية , شتاتا , ينتظر ليمن عليه العالم بما يسمى مساعدات وجنسيات . فاضطر الشعب الفلسطيني ليقاوم من أجل ان ينتزع من العالم في محافله الدولية شرعية وجود دولة تدعى فلسطين أهداه العالم هذا لليهود .. فكان الشكوى للجاني على الجاني من دون جدوى وكان الثمن باهظا ..انها بداية السرطان الذي اصاب قلب العالم العربي .
هي اسرائيل التي مرت في عصر ذهبي اقامت فيه ناطحات السحاب في تل أبيب , ومصافي الغاز والطاقة في حيفا وغيرها. أقفلت باب القدس الخشبي بقفل حديدي أمام أهل القدس المسلمين وكنائس بيت لحم بوجه اهل بيت لحم المسيحيين , ومنعت كعادة اليهود القديمة أن تقام في المسجد والكنيسة صلاة !! وبدأ فساد اليهود الذي عبر عنه القرآن الكريم , حيث كان أول ما أهمهم البحث عن هيكل مزعوم لسليمان (ع) , زعموا أنه لا يمكنهم الوصول اليه الا عبر ممر من تحت المسجد الأقصى- قبلة المسلمين الأولى- الذي أصبح اليوم مهددا بالانهيار نتيجة الحفريات !!
هي اسرائيل وطغيانها ووقاحتها , وهم الاعراب وصمتهم وتآمرهم , وهو المجتمع الدولي , يحكي لنا قصة سلام مزيف بلسان الأمم المتحدة , ووساطة أمريكا , تلك الولايات التي اتحدت على أنقاض شعب الهنود الحمر الذي أبادته من جذوره . تعدنا هي والأمم المتحدة بسلام عادل وشامل , تلك الأمم التي أهدت بقلم بلفور دولة شعب لشتات , فصار الشتات شعبا معترفا فيه دوليا ً ,وصار الشعب الاصيل شتاتاً , في ليل قاس ما إن أشرقت شمسه حتى يكتشف العرب الغافلون في سبات , أنهم امام واقع يتطلب منهم البحث عن هوية لدولة عربية ضاعت أمام عيون دول النفط , الدول التي تستخدم اليوم بكل وقاحة سلاحها الاستراتيجي لتخضع ايران, الدولة التي تبنت بشعبها وقياداتها قضية فلسطين , وأقامت سفارة لها على اراضيها ودفعت وما تزال ثمن مواقفها من هذا الصراع , وتقدم التضحيات والدعمم وتقاوم في جهاد اقتصادي مضن , لأن بعض عملاء الغرب من العرب يتشاركون مع امريكا فرض عقوبات على ايران لاخضاعها واجبارها على تبديل سياساتها, ليت سلاح النفط استخدم حين قرر العالم سرقة فلسطين ربما أخطأ بعض العرب تحديد اتجاه الصراع !!
فلا الأعراب الذين أقاموا حروبا لمئات السنوات على قصص نساء في جاهليتهم المستمرة, ولا قصورهم العاجية ونفطهم الذي اتخم بطونهم وعيشهم , ولا أميركا التي قامت أصلا على انقاض الشعب الهندي وأبادته , ولا المجتمع الدولي العالمي الخاضع لمصالح الدول الكبرى , يعيدون للشعب الفلسطيني حقه .
ان الشعب الفلسطيني يؤمن بأنه لا يمكنه أن يحيا عزيزا بدون ارضه, ولأن بعض الدول والانظمة الملاصقة لاسرائيل ما زالت تؤمن ان اسرائيل كيان يجب ان يزول وتدفع الغالي والنفيس لتعيش قناعاتها وتحقق اهدافها .. لن ولن يكتب لاسرائيل الاستقرار !!
هي اسرائيل.. حتى ينقطع النفس وبكل المعايير والأدلة كيان مصطنع .. شعب لصيق هجين غير متحد الا على شعار تسخير العالم لمصاله والعيش على انقاض الشعوب الاخرى حيث يعتقد أن كل من ليس يهوديا خلق لخدمة اليهود !!
هي جيش أقيمت له دولة , وبانهيار قدرة هذا الجيش أمام ضربات الزنود السمراء المخلصة لقضاياها في شتى جبهات الممانعة, وانهيار اسطورة الجيش الذي لا يقهر , تنهار معالم استمرارية هذا الكيان ويصبح امام ازمة وجودية .
فهو اليوم مهدد في عمقه الاستراتيجي , حيث أصبح أمنه منكشفا في ظل اشتعال الجبهة الامامية الاستراتيجية التي تشكل القلب , الضفة الغربية واراضي 1984, بعد ان سقطت خواصر هذا الكيان في غزة وجنوب لبنان سابقا في حروب فاشلة انهكته وسطرت بداية انهياره , وصارت المقاومة قادرة على ان تمطر اسرائيل , كل اسرائيل , بصواريخها لتصنع النصر الحاسم !!
مجتمع مفكك هجين بلا حضارة ولا انتماء لا ينتج دولة منسجمة :
إن هذا المجتمع المصطنع لن ينتج يوما شعبا متأصلا له جذوره التي تجعله يتلاءم مع المحيط ويندمج فيه, ويتماهى مع ثقافته ويعيش بسلام , ولأنه هكذا في حقيقته التي لا يعيها, تجده يركب بيوته من الخشب !! لأنه ليس في مقره النهائي سيرحل حتى قبل أن يفككه, لن يستقر !!
ولأنه يدرك أنه ليس من سنخية الأرض التي استوطنها واستباحها , وان شرعية الأمم المتحدة لا تحقق له العيش بطمأنينة ووئام , ويدرك أنه يتنعم بخيرات شعب قد خسر كل شيء حين ضاعت اصوله بين زيف قرارات ولعب ومكر الأمم , فأصبح بكل وجوده يسعى لاستعادة كرامته .
ولأن المستوطنين يعرفون أن الصراع مع من خسر كل شيء رهان خاسر !! لأن شعبا مسلوب الهوية لن يوفر جهدا ولا نفساً ليحاول استرداد ما خسره , ولن يجد في التضحية ثمنا باهظا فهو لا يملك شيئا ليخسره ,وأمامه فقط قدر محتوم إما عيش المخيمات والمنن الدولية وأما حرب الارادة الصلبة التي تستعيد الكرامات والحقوق مهما بلغت التضحيات .
كل هذا تعرفه اسرائيل ويعرفها من زاغ نظره من مستوطنيها واستهواه منظر البيت الجميل والاراضي الواسعة التي سجلت باسمائهم زورا ومن دون مقابل لاستقطابهم من شتات العالم . فحمل حقائبه موعودا بالاستقرار في جنة الخلد اسرائيل . الآن تجده يعيش خلف جدار ليحميه !! يحاصر نفسه بنفسه !! ينتظر صفارة لينزل الى ملجئ يأويه ..
هل من استقر في جنة موعودة يحتاج الى ترسانة عسكرية والى الجدار مع جيرانه ليعيش بسلام ؟؟ أم أنه دلالة بداية انهيار الكيان , لأن شعباً محقاً مظلوماً , حاصره الجدار ومنعه من الاقدام لاسترداد ارضه .. لن يوفر السماء, والبحر, بل سيحفر تحت الأرض ليأتيهم , وهو هكذا يفعل مقاوماً !!
أم أن دولة السلام والأمن والجنة الموعودة تحتاج الى الحرب كل سنتين لتحاول كسر ارادة مقاومة تتربص وتعد العدة لها وعبثا تحاول لأنها لا تحصد الا مزيدا من الهزائم التي تزيد عمق قبرها وتؤكد قرب نهايتها !!
هي اسرائيل التي بدأ العالم ولو متأخرا يضج من تعنتها وحقدها وخشبيتها ويؤمن شيئا فشيئا أنها مصدر قلق للعالم أجمع, وأن حلم الدولة التي تحقق مصالحهم واطماعهم صار عبئاً عليهم وعالاً على من أوجده وطفلاً عاقاً بحق اهله الذين أنجبوه ورعوه .
هي اسرائيل .. أزمتها واحدة هي طبيعة وجودها !!
كل هذا المشهد كان مختفياً وراء عمليات تجميل , يقوم بها من أسس ونظر لقيام الدولة العبرية من أعمدتها السابقين , الذين يشهد لهم بعض الحنكة في ادائهم , وهذا ما منح اسرائيل فرصة الاستدامة الى تاريخنا هذا. حيث أحسنوا اقامة العلاقات السياسية , وصناعة السلطات والحكومات في الدول المحيطة بهم, عبر ما يسمى التطبيع , وفي المراوغة في تقديم تنازلات أمام العالم كانت مفروضة عليهم كاتفاق أوسلو الذي راح ضحيته رابين , حيث قتله اسرائيلي متشدد , ينتمي لتيار كان يعارض التسوية وتقديم تنازلات ,هي اصلا كانت شكلية وغير كافية لاداء حقوق الشعب الفلسطيني. وكذلك أحسنوا قيادة جيشهم فأرعبوا بعض العرب وسحقوا جيوشهم وأذلوهم وأجبروهم على اتفاقيات اقاموها معهم فكانت مخذية جدا بحقهم , وأعطت للاسرائيلي عمرا اضافيا وهيبة إضافية واهية .
كل هذا مد اسرائيل بالقدرة على الصمود والاوكسيجين الكافي للبقاء , وأعطاها فرصة التفوق في شتى المجالات وسط دعم عالمي على مختلف الاوجه لها, وتسخير كل الامكانات المادية والامنية والسياسية لخدمة استقرار هذا الكيان .
الى أن أتى اليوم الذي نبتت فيه بذرة طيبة من أرض طيبة , تمثلت بظهور حركات المقاومة في المنطقة , التي بدأت
تعيد الصراع الى نقطة الصفر ومن ثم حولت عصر التصاعد الذهبي الاسرائيلي الى عصر تسافل تسارعي , ووفقت هذه البذرة , بماء طيب من بركات الثورة الاسلامية الايرانية ووجود نظام وحيد يمتلك حساً عربياً شهماً , ويدرك معنى الكرامة التي استطعمها في حروبه مع اسرائيل , تمثل بنظام سوريا الأبي . نظام اسسه الراحل حافظ الأسد وما زال بقيادة نجله الدكتور بشار الاسد , الذي يخوض الى جانب الجمهورية الاسلامية وبعضا من الدول التي التحقت بقافلة المجد الداعمة كالعراق واليمن والبحرين حرباً عالمية على مختلف الجبهات , ويسطر نهاية حلم العالم البراغماتي ويسقط وعد بلفور الذي لم يكن الا فرصة يجتمع فيها فتات الحقد الصهيوني من كل ارجاء العالم , ليطمر في البحر مقابل ارض فلسطين لأن رفاتهم لن تجد لها مكانا لتدفن فيه على اليابسة في قادم الايام .
هذه الفترة الذهبية التي شهدت صعود تيار المقاومة, أسست لمرحلة جديدة من الصراع حيث اعادت للأمة العربية الاسلامية مجدها الذي ضاع على طاولة التفاوض , مما اضطر من كان يسود قيادة الكيان الصهيوني الاذكياء الذين كانوا يمتلكون الحنكة السياسة رغم وحدة الهدف, حيث كانوا يحسنون استعراض القوة في مكان تحقق فيه القوة الغاية , ويمدون يد التفاوض والتسوية والتنازلات الشكلية حين يجدون أن الأجواء الدولية واوضاع الكيان تتطلب تقديم التسويات ولو رغما عنهم . هذا كله كان مجديا في تمييع ظهور فعالية حركات المقاومة ومنع انتشار تيار المواجهة والممانعة والمقاومة وفكره لحساب حركات ودول كانت تتجه للتسويات .
لكن فصلا جديدا دخلته اسرائيل , بعد غياب أعمدة وأركان الكيان الصهيوني أمثال بيغن ومائيير ورابيين والتي ختمها غياب آرييل شارون - آخر كبار الكيان العبري – هذه الشخصيات التي تمتلك في سجلاتها ذكريات بطولات وانتصارات ومواقف مهمة في تاريخ الكيان الصهيوني, وتمتلك الحنكة والكياسة السياسية وتجمع بين منطق القوة والتكتيك السياسي, مما اعطاها القدرة على اقناع الشارع وتحصيل ثقته وكذلك قمع اصوات المعارضين التي كانت خجولة مقابل قايادتهم وانجازاتهم , وكذلك عرفوا من أين تؤكل الكتف في السياسة الدولية ومع حلفائهم , ومن ثم إن أغلب هؤلاء كان له نجاحات بارزة في الميدان العسكري لانهم تدرجوا من السلك العسكري وسجلوا نقاط تميز في ادائهم مما جعل القيادة العسكرية للجيش الصهيوني تسمع لهم وتنفذ اوامرهم بانصات وثقة .
الى أن أفل نجم حكماء بني صهيون "ملوك دولة اسرائيل" بغياب ارييل شارون عن الساحة السياسية , ومع غيابه , أصبحت السياسة الاسرائيلية تفتقد الى الرجل السياسي الذي يثق فيه الشارع , والقادر على قيادة الدولة العبرية. فبات القرار عند بعض السياسيين الجدد الذين يمتلكون في سجلاتهم السياسية ذكريات هزائم وانتكاسات استراتيجية واجتها الدولة العبرية في فترات حكمهم السابقة ولا يمتلكون القبول المطلوب من القادة العسكريين والأمنيين فضلا عن التمثيل الشعبي الضعيف , وهذا ما يظهر في تباين بين القيادات العسكرية والسياسية وتبادل للاتهامات فيما بينهما بعد كل مفصل سياسي حساس يعصف أو حرب يقوم بها الكيان العبري ويتخبط بنتائجها وتبعاتها. وقد ادى سلوك هذه القيادات الجديدة الى نتائج استراتيجية خطيرة , فهم افقدوا الجيش قدرة الردع وصدعوا ثقة الشعب بقوة جيشهم الذي لا يقهر , عبر زجه في معارك وحروب خاسرة أدت الى هزائم _ رغم عدم اعتراف العدو بحجمها _ وتركت اثرا خطيرا جدا , وفضحت مستوى هشاشة الامن والقدرة الاسرائيلية . فجعلت من اسرائيل مطمعاً ومكمناً لحركات المقاومة التي ازدادت حجماً وثقة واقداماً وجردت اسرائيل أمام مرأى هذه القوة من هيبة مزيفة كانت تتسر وراءها يصنعها لها بعض العرب الخائنين المخلصين في عمالتهم مقابل كرسي الحكم .
وكذلك جعلت من الصراع يتدحرج الى داخل العمق الاستراتيجي للدولة الصهيونية , فصارت المواجهات وحركات التسلح على اعتابها في الضفة الغربية واصبحت صواريخ المقاومة تضرب تل ابيب للمرة الاولى في تاريخ الدولة العبرية .
هذا فضلا عن اعباء اقتصادية حادة وخسائر تكبدتها هذه الحروب , جلبت العجز الى الاقتصاد الاسرائيلي . يضاف الى ذلك سلوكها السياسي المتعنت الذي ادى الى مشاكل حادة بينها وبين دول العالم الداعمة لاسرائيل , وصل هذا التصدع الى حد الاختلاف الحاد مع ادارة الولايات المتحدة الامريكية الحليف الاستراتيجي لاسرائيل . فكان هذا سبباً وفرصة لتصاعد تيارات المعارضة وازدياد التشرذم داخل الشارع الاسرائيلي, ووصوله الى هذه الحدة والانقسام والتعدد في الاحزاب السياسية المتناحرة وهذا ينتج صخباً سياسياً وتصارعاً في الوقت الراهن قبيل الاستحقاق الانتخابي القادم ويشق الشارع معه في منحى عمودي خطير جدا وانقسام سيرتب تداعيات كبرى على الساحة الاسرائيلية .
في ظل هذه النتائج اتاح المناخ للمؤسسة الدينية التسرب أكثر وازدياد هيمنتها على القرار السياسي الاسرائيلي واكتساب شعبية في شارع يبحث عمن يثق فيه ليجد التدين فرصة ومخرجا عله يأمن , فكان لهذا التوجه ايضا تبعاته في تغليب احزاب اليمين المتشدد وانحسار تيار اليمين الوسطي واليسار , ومع ما يحمله التشدد من انعكاسات خطيرة سلبية في ظل مناخ دولي جديد طور الولادة , يحمل متغيرات سياسية كبرى الى المنطقة يتطلب من اسرائيل تقديم تنازلات حقيقية وتقبل واقع عالمي جديد يفرض على اسرائيل اتخاذ مواقف لن يكون قبولها سهل في ظل سياسة التشدد المتزايدة , فصار الحل بانتشار التدين في توجه المستوطنين وتأييد التيار المتشدد أصل الخطر المحدق القادم .
إن الحديث عن وضع حرج جدا يهدد وجود هذا الكيان الذي يعاني من امراض مزمنة حادة , مقابل تقدم كبير وتطور على مستوى التجربة الرائدة للقوى التحررية الممانعة , هذا الحديث ليس أمنية أو حلما لممانع ينظر الى بلورة المستقبل بعين تفاؤلية , إنما هي نتاج وقائع يحكيها الداخل الاسرائيلي بنفسه ووسائله الاعلامية ومحلليه , هو مستقبل قادم يحمل الينا الأمل كل الأمل باخضرار ربيع عربي حقيقي أصيل في استعادة الأمة المقاومة لأرض فلسطين , زمن تفكك الكيان الذي يؤكد بنفسه انه مصطنع حتى يوم الزوال الاتي بإذن الله وأنهم سيخربون بيوتهم بأيديهم !! .
ختاما إن ما تقدم يستعرض لنا كيف أن الكيان الصهيوني يتقدم فعلا لكن الى نهايته التي يصنعها بيديه , ويوضح أن حقيقة الكيان الاسرائيلي الاصطناعية عين ذات أزمته الوجودية ..