الوقت- (لم يكن بيننا وبين مصر خصومة لنعقد مع القاهرة مصالحة ) بهذه الكلمات أجاب أمير قطر تميم بن حمد ال خلفية عن سؤال حول عودة العلاقات بين مصر وقطر . هذا الجواب الدبلوماسي كان بداية التحول السياسي لموقف قطر اتجاه مصر برعاية سعودية كاملة والذي ظهر بشكل واضح في البيان الختامي لمجلس التعاون في الخليج الفارسي يوم (الثلاثاء) حيث جاء في البيان" الدعم التام لمصر ولرئيسها عبد الفتاح السيسي وبما يحقق استقرارها وازدهارها" فهل بدأت فعلا مرحلة جديدة من العلاقات المصرية القطرية ؟
تطور العلاقات منذ الثورة المصرية
اخذت العلاقات بين مصر وقطر تتصدر المشهد منذ ثورة 25 يناير 2011 بسبب الدور الكبير الذي لعبته دولة قطر عبر ذراعها الاعلامية (قناة الجزيرة ) فکانت تغطية هذه القناة تعكس الراي الرسمي لدولة قطر وأميرها أنذاك حمد بن جاسم اتجاه ما سمي بالثورة على مبارك . وعقب عزل محمد مرسي شنت قناة «الجزيرة» حملة شرسة على المجلس العسكري ووزير الدفاع حينها عبد الفتاح السيسي ، وافردت القناة أغلب وقتها للحديث عن اعتصامات رابعة العدوية وقامت بمتابعة المظاهرات التي قادتها جماعة الإخوان المسلمين في مختلف المدن والمحافظات المصرية ووصفت القناة في أدبياتها تلك المرحلة بـ"الانقلاب العسكري"على سلطة مرسي الشرعية . وخصصت أغلب برامجها لاستضافة المعارضين المصريين وشن إعلام الجزيرة هجوما شرسا ضد القيادة المصرية ومسؤوليها ، فكانت القناة بمثابة «لهب» استطاع بنجاح تأزيم العلاقات بين البلدين.. ووصلت العلاقات القطرية المصرية حينها الى حالة من التشنج قامت على اثرها القنوات المصرية الموالية لحكم عبد الفتاح السيسي بمحاولة الرد على قناة الجزيرة .هذه الحرب بين الاعلامين في البلدين والذي اضيف اليها استضافة الدوحة للقرضاوي وتصريحاته النارية التي كان يطلقها ضد السيسي وحكمه عكست بطريقة او باخرى الوضع السياسي القائم بين الدولتين .
أسباب المصالحة وتوقيتها
الموقف القطري من مصر بقي منحازا الى جماعة الاخوان المسلمين حتى وقت قريب،اما بعد ذلك ولحاجة في قلب يعقوب أعلنت قطر مؤخرًا ترحيل 7 قيادات من جماعة الإخوان المسلمين عن أراضيها،هذه العملية جاءت كما يراها البعض كبادرة حسن نية بعد ضغوط كبيرة من السعودية والامارت والبحرين والتي تحالفت مع مصر بسبب خشيتها من وصول الإسلاميين للحكم ، وبناءا عليها تم تنبيه قطر وتهديدها بقطع العلاقات واتخاذ عقوبات رادعة بحقها في حال عدم تغييرها للسياسات حتى وصلت تلك التهديدات الى حد سحب السفراء من قطر .
ويرى متابعون للقضية أن قطر تعرضت لعملية “ترويض” ممنهجة شاركت فيها مراكز قوى عربية واقليمية ودولية على رأسها السعودية التي سعت لحل الخلاف ليس لسبب الا كرما للعيون الامريکية ومصالحها في المنطقة التي تسعى الى كسر التقارب الروسي المصري وابقاء مصر متمثلة بالسيسي تحت جلباب العبائة الخليجية لكسر اي دور محتمل قد تقوم به مصر اتجاه حل الازمة في سورية وخاصة بعد أن ظهرت بوادر تقرب مصري مع الحكومة الروسية، وما يسرب عن اتصالات وتعاون بين الحكومة المصرية و الحكومة السورية .
دعم دولة قطر للرئيس المصري السيسي ووقوفها التام مع برنامجه السياسي، سيترتب عليها العديد من المتغيرات خلال الوقت الراهن بدءا من كبح شبكة قنوات الجزيرة وتغير طريقة تغطيتها للأخبار في مصر ..وصولا الى فض الشراكة بين الدوحة وانقرة فيما يتعلق بالنظرة لحركة الاخوان المسلمين اقله اعلاميا الان ...وانتهاءا بقيام الدوحة شأنها شأن بقية دول الخليج الفارسي بتقديم المساعدات المالية لحكومة السيسي المتعثرة اقتصاديا جراء الوضع السياسي المتأزم ..فهل قطر على استعداد لذلك ؟ ربما الأيام القليلة القادمة تجيبنا على تساؤلاتنا .
