الوقت- بعد المؤتمر الذي نظمته الجمهورية الاسلامية الايرانية في مدينة قم المقدسة لمواجهة خطر التیارات التکفیریة الإرهابیة التي تجتاح المنطقة، وذلك من منظار علماء الاسلام ، عقد أمس (الأربعاء) في مصر مؤتمر مماثل بعنوان "الأزهر لمواجهة التطرف والإرهاب" فما دور هكذا مؤتمرات في تشكيل حركات ثقافية وسياسية وإعلامية لقطع بادر الارهاب وما هي المسؤولية المنوطة بعلماء الدين في تنوير أبناء الأمة وحمايتهم من خطر الانجراف في المد التكفيري؟
واصل مؤتمر القاهرة الذي يعقد تحت رعاية شيخ الأزهر، الشيخ أحمد الطيب أعماله بعقد جلسته الأولى بمشاركة وفد من الجمهوريه الاسلاميه الإيرانيه الذي وصل الى مطار القاهرة الدولى، مساء الثلاثاء، وتأتى مشاركة الوفد الإيرانى برئاسة السيد أحمد مشالو، رئيس بعثة إيران فى فعاليات المؤتمر هذا ضمن ۷۰۰ عالم دین إسلامی ومسیحی، من 120 دولة عربية وإسلامية وأجنبية، الذى يبحث على مدى يومين السبل الكفيلة لمواجهة التطرف والإرهاب باسم الدين، والتى انتشرت وتزايدت مؤخرا في المنطقة.
وأقیمت الجلسة الافتتاحیة برئاسة شیخ الأزهر حیث ألقی کلمة فی بدایة الجلسة دعا فيها إلى نصرة المسجد الأقصى المبارك، مقرراً تخصيص مؤتمر قريب حول القضية والمقدسات الفلسطينية. اعتبر الطيب أنه: "لا ينبغي أن نغض الطرف عن أفكار الغلو والتطرف التي تسربت إلى عقول بعض من شبابنا ودفعت بهم دفعا إلى تبني الفكر التكفيري واعتناق التفسيرات المتطرفة والعنيفة مثل تنظيم القاعدة والحركات المسلحة، التي خرجت من عباءتها وتعمل ليل نهار على مهاجمة الأوطان وزعزعة الاستقرار" وأضاف شيخ الأزهر أن: “تنظيم داعش وقبله وبعده ميليشيات طائفية أخرى قاتلة، تملك قوة دعائية هائلة، عادت بأسوأ العواقب على الإسلام والمسلمين في العالم كله”، موضحاً أن “انتشار تلك الجماعات المسلحة في العالم العربي والاسلامي له اسباب عديدة ولكن اهمها هي المؤامرة التي تحاك للعالم العربي لصالح دولة إسرائيل، فالعراق تم غزوها عام 2003 تحت أسباب ملفقة وعلل رددتها الصحافة العالمية”. قال شيخ الأزهر“نعاني آفة التفرقة والنزاع رغم تحذير الله لنا منها في قوله (ولا تنازعوا) ... ورغم جامعتنا العربية ما زلنا نفتقد لاتحاد يشبه الاتحاد الاوروبي مع أنه أمر ممكن وليس من المستحيلات وهو يحتاج لاستبعاد الخلافات البينية
ودعا الطيب الدول الغربية التي تزكي الصراع في منطقة الشرق الأوسط أن “تضع مصانع أسلحتها في الصحراء وتجربها هناك بدلاً من توجيهها لصدور العرب”.وعقب کلمة شیخ الأزهر القى بابا الإسکندریة وبطریرک الکرازة المرقسیة "البابا تواضروس الثانی" کلمته .
وفی حضور عدد کبیر من علماء المسلمین من مختلف أنحاء العالم، ورؤساء الکنائس الشرقیة، وممثلین عن بعض الطوائف الأخرى التی عانت من إجرام الجماعات الإرهابیة طالب مفتي نيجيريا الشيخ إبراهيم صالح الحسيني، الذي افتي بـتكفير تنظيم “داعش” الإرهابي،الدول الاسلامية بالعمل على قطع الإمدادات عن التنظيم الارهابي وبقية الجماعات المتطرفة حيث أن ذلك طريق عملي لإنهاء عمليات القتل التي تقوم بها تلك الجماعات.
وأكد مفتي نيجيريا أيضا إن: “المبتدعة الذين قاموا بأفعال التطرف، قاموا بكل ألوان الفساد، فالمتطرفون و داعش بغاة من حيث إدعائهم الخلافة الإسلامية، وهم محاربون فقاموا بإشاعة الفساد وهتك الأعراض وقتل الأنفس، ثم انتهوا إلى تكفير الأمة فتحقق فيهم الحرابة والبغي، فهم أشد من بدعة الخوارج، وقتال المسلم كفر وقد قتلوا المسلمين وأرواحهم، فهم حكموا على أنفسهم بالكفر بأفعالهم ومواجهة فتنة الدواعش والجماعات المتطرفة يتطلب مواجهة مسلحة لردع أعمالهم الإرهابية، وهذا دور المؤسسات العسكرية، ومن خلال نشر الفهم الصحيح للدين وإبداء النصح لمن يقف وراء تلك الجماعات المتطرفة”..
ومنذ بداية الغزو الامريكي للعراق في 2003 بدأت الخلايا الارهابية المرتبطة بالقاعدة بالظهور في المنطقة بدعم من قوات الاحتلال لازكاء روح الفتنة التقسيم الطائفي في المجتمع العراقي وصرف نظرهذا الشعب عن مواجهة القوات الامريكية الغازية. واتسعت رقعة الارهاب بعد الحرب على سوريا في آذارمن عام2011 والذي أدى لاحقا لإنتاج "النصرة "و" داعش " وأخواتهم تحت ذريعة مساعدة الشعب السوري وازدادت معه موجة التطرف بتحالف الارهاب مع البترودولار الخليجي.
فالإرهاب المنظم شكَّلَ ومازال أكبر الأخطار على مجتمعاتنا، فهو يستغل ثقافة مشوهة للدين؛ لإغراء أتباعه بالانضمام إليهم، وهذا ما يتطلب الصحوة الاسلامية التي بدأنا نراها في الأونة الأخيرة والتزام علماء الدين بواجباتهم اتجاه دينهم وتوعية أبناء الأمة الاسلامية والآخذ بناصية الإصلاح، فعندما يتخلى المسؤولون عن دورهم في الإصلاح؛ فإن ذلك يؤدي بطبيعة الحال الى إفساد الدين والمجتمع وبذلك لابد من اقتلاع الجذور العقائدية للتكفيريين من قبل علماء الاسلام ووسائل الاعلام والمفكرين و لابد أيضا من
دعم أصحاب الخطاب الديني المعتدل الذي يمثل أخلاق النبي (ص) وضرورة إنشاء المعاهد وتنقيح المناهج والتمسك بخط الوسطية والاعتدال.
ان مثل هکذا مؤتمرات تعد من الخطوات الهامة والأولى على الطريق الصحيح اذا عمل فعلا على تطبيق نتائجها ولم تبق تلك النتائج حبيسة أروقة المؤتمرات تلك وذلك باعتبارها لا تساعد على تشخيص الامراض والأخطار التي تواجه الأمة الاسلامية فحسب وإنما ايضا وضع العلاجات الناجعة لمعالجة الارهاب والتطرف من جمیع الطوائف.