الوقت - أعلنت السعودية أن هذا البلد على استعداد لإرسال قواته العسكرية إلى سوريا. ولكن لماذا تم الإعلان عن هذا الاستعداد عندما فشلت محادثات جنيف، وبات الجيش السوري وبدعم من القوات الجوية الروسية على أعتاب تحرير حلب؟
إن السعودية ومنذ بدء هجمات ما يسمی بالتحالف الذي تقوده أمريکا ضد الإرهابيين، بدأت دخولها إلی سوريا عبر القصف الجوي، ونفّذت 190 عمليات جوية أيضاً. ولكن ينبغي الملاحظة بأن القوات البرية لهذا البلد، لم يتم اختبارها لمثل هذه الحرب وبهذا المستوى أبداً. فجيش هذا البلد مثل بلدان أخرى في المنطقة، يُستخدم دائماً لتأمين الحدود واتخاذ التدابير الأمنية، وليس لتنفيذ العمليات العسکرية خارج الحدود. بالطبع إن الإعلان عن استعداد السعودية للتدخل في سوريا، يحمل رسالةً إلى الدول التي تدعم بشار الأسد، وهي أن الحكومة السعودية لم تعد تتحمّل تقدم الجيش السوري.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هو إذا دخلت القوات البرية السعودية في سوريا، فإلى أي مدى سيکون حجم هذا التدخل؟ الإجابة ليست واضحة، والمسؤولون السعوديون لم يتحدثوا عن ذلك. من ناحية أخرى يجب اعتبار الحرب السعودية ضد الشعب اليمني، بأنها عمل إجرامي، بحيث أعلنت الأمم المتحدة أن الضربات الجوية السعودية ضد اليمن تنتهك حقوق الإنسان، وتتطلب تحرياً دولياً. لكن على الرغم من أن تدخل السعودية في سوريا، سيكون في الظاهر ضد الارهابيين، إلا أنه من المحتمل أن السعودية ستقوم بهذا الإجراء المحفوف بالمخاطر لمواجهة منافسيها الإقليميين الآخرين في سوريا.
في هذه الأثناء يجب الإشارة إلی نقطة هامة، وهي أن السعودية لا تجاور سوريا کما هي حال الأردن وتركيا والعراق. وهذا الصراع يختلف كثيراً عن اليمن أو البحرين. أحد الخيارات المحتملة في هذا المجال، هو إمكانية انضمام السعودية إلى تركيا إذا أعلنت الأخيرة منطقةً عازلةً في شمال سوريا، وفي هذه الحالة أيضاً فإن هناك احتمالاً لنشوب نزاع مع وحدات حماية الشعب الکردي المدعومة من قبل أمريكا. وعلى الرغم من أن البرلمان التركي أيضاً قد وافق علی إرسال قوات إلی سوريا بشکل مبدئي، لكنّ أردوغان لا يرغب في التدخل المباشر في سوريا، وأعلن أنه بدعم من الأمم المتحدة فقط وضمان رحيل بشار الأسد، سيقوم بإنشاء منطقة آمنة للمعارضة واللاجئين السوريين على طول حدود بلاده مع سوريا.
من ناحية أخرى فإن تركيا تخوض مواجهةً مع حزب العمال الكردستاني أيضاً. ومقاتلو هذا الحزب هم موجودون علی الأرض السورية، وأي دخول ترکي إلى سوريا، سيكون مجازفةً كبيرة لهذا البلد. وفيما يتعلق بالجيش التركي أيضاً فإنه منخرط في الألاعيب السياسية، وقد شهد في الماضي تغييرات علی مستوى الضباط والموظفين. کما أن التدخل في سوريا لا يلقی تأييداً شعبياً، وتحرك أردوغان في هذا الاتجاه سيكون مغامرةً مكلفةً.
ويجب أن نضع في اعتبارنا أن القوات الجوية السعودية، وعلى الرغم من أنها مجهزةٌ تجهيزاً جيداً بأحدث أسلحة العالم، ولكنها غارقةٌ في المستنقع اليمني. فالجيش السعودي لم يشهد صراعاً على عدة جبهات وبهذا المستوی علی الإطلاق. بالإضافة إلى ذلك، فإن حربها ضد اليمن باتت حرب استنزاف. لذلك، فعلى الرغم من أن التدخل السعودي في سوريا ليس مرجحاً کثيراً، ولکن إذا حصل ذلك، فإنه سيخلق وضعاً صعباً في سوريا، لأن السعودية وبدل أن تکون معنيةً بإعادة الاستقرار إلی سوريا، تسعی للتنافس مع القوى الأخرى في هذا البلد.