الوقت- يحاول الإعلام الخليجي لا سيما قناتي الجزيرة والعربية، العمل على تشويه صورة قوات الحشد الشعبي، من خلال إظهارها بأنها قوات خارجة عن القانون، وتسعى لإقصاء أهل السنة في العراق. وهو الأمر الذي لم تُفلح السياسة الأمريكية إما من خلال العمل العسكري أو السياسي تحقيقه، لنجد أن الإعلام الخليجي أخذ الدور لعله ينال من العراق وإنجازاته إعلامياً. فكيف يمكن توصيف الحملة الإعلامية الممنهجة؟ ولماذا تُعتبر محكومة بالفشل؟ يمكن ومن خلال متابعة الإعلام الخليجي لا سيما قناتي العربية والجزيرة، ملاحظة السياسة المقصودة و الممنهجة لهذه القنوات، ومحاولتها تشويه صورة الحشد الشعبي وهو الأمر الذي يُعتبر تشويهاً لصورة العراق دولةً وشعباً. ولعل القنوات الخليجية الأخرى تمشي في نفس المسار، وتعتبر هاتين القناتين مصدراً لها. وهنا نُشير لبعض الأمثلة من باب الموضوعية في نقل الخبر.
على صعيد قناة العربية فقد نقلت القناة وتم النقل عنها عدداً من المقالات أو التقارير، والتي تحمل عناوين مختلفة مثل التقرير تحت عنوان "الحشد الشعبي في العراق: ميليشيا فوق القانون والدولة.. وجرائمها ضد أهل السنة لا تنتهي" الى جانب ما عنونته "الحشد الشعبي متهم بارتكاب جرائم حرب أثناء مواجهة داعش". أما الجزيرة فلم تختلف كثيراً عن مثيلتها العربية، حيث قامت بالحديث عن أهل السنة و وصفتهم بأن قوتهم محدودة ولا يستطيعون حماية أنفسهم من هجمات قوات الحشد الشعبي. فيما حاولت الناطقة بإسم السياسة القطرية، استفزاز الرياض عبر تسليط الضوء على كلام السفير السعودي حول الحشد الشعبي، ونقل احتجاج العراق في مقالٍ تحت عنوان "بغداد تحتج على تصريحات لسفير السعودية لديها".
وهنا فإن الكلام يطول في هذا السياق، فيما ليست هذه المحاولات إلا من ضمن السياق الطبيعي الذي تنتهجه هذه القنوات ومن يقف خلفها من الأطراف السياسية. ولعل الجميع يمكن أن يعود بالذاكرة لأسبوعٍ من اليوم، ويستذكر تفجيرات المقدادية والتي سرعان ما قامت هذه القنوات بإتهام الحشد الشعبي بالمسؤولية عنها. في وقتٍ أعلنت فيه الجهات الرسمية في العراق، والتابعة للشرطة العراقية، إلقاءها القبض على مجموعة تابعة لتنظيم داعش، اعترفت بمسؤوليتها عن الجرائم والتفجيرات في محافظة ديالي ومنها المقدادية. وهنا نقول التالي:
- على الرغم من أن الجهات الرسمية العراقية أعلنت مسؤولية داعش عمَّا جرى من تفجيرات. فإن القنوات الخليجية ما تزال تحاول إظهار الحشد الشعبي كطرفٍ مسؤول. وهو الأمر الذي يعني أن سياسة هذه القنوات، تتعمَّد بثَّ الفتنة والشقاق بين العراقيين.
- وهنا فإن هذه المحاولات، لا بد من أنها ستصل لنتيجة عكسية. فالحشد الشعبي يُعتبر جزءاً لا يتجزأ من الحالة الشعبية العراقية، كما يعتبره العراقيون سبباً لفخرهم وعزتهم. خصوصاً أنه كان النموذج الأول لوحدتهم على الصعيدين السياسي و العسكري.
- وفي نفس السياق، فإن السخط الرسمي في العراق نتيجة تصريحات السفير السعودي تجاه الحشد، ودعوات البعض لطرده، هو من الأمور التي تدل على الصفة الرسمية والشعبية للحشد، ويضحد بالتالي توصيفات قناة العربية بأنه خارج عن القانون. وهو الأمر الذي اكدته احتجاجات بغداد الرسمية.
بناءاً لما تقدم، يجب الوقوف عند هذه المحاولات، ليست من باب تأثيرها، إذ أنها تفتقد الى الآذان الصاغية. فالقنوات هذه لم تعد مرجعيةً، إلا لمن يُبحر في نفس أهدافها. فالشعوب العربية أصبحت تعي الحقائق. لكن لا بد من تأكيد التالي:
- يُعتبر الهجوم على الحشد الشعبي محاولةٌ بائسة لن تصل الى مُرادها، أي النيل من قدرات وإنجازات هذه القوات.
- فيما، أصبح الواقع العراقي بأسره واقعاً بعيداً عن الرهان على أمريكا وأدواتها الخليجية. وهو الأمر الذي يمكن أن يؤكد سبب إلتفاف العراق حول الحشد الشعبي كورقةٍ رابحةٍ له. خصوصاً أن أبناء الحشد هم عراقيون من كافة الأُطر الدينية والأطياف السياسية في العراق.
- وبالتالي، فكما أن المحاولات العسكرية والسياسية للنيل من العراق لم تُفلح، فإن المحاولات الإعلامية القائمة على بث الفتن والتقسيم لن تُفلح أيضاً.
إذن، لا تمتلك السياسة الأمريكية إلا أبواقاً قادرةً على تأجيج الفتنة والسعي للتقسيم. لكن هذه المحاولات لن تنجح. فيما يجب إعتبار هذه السياسة خطراً على العراق بأسره. بينما يمكن القول أنه بات بالإمكان الرهان على العراقيين شعباً ودولةً، لا سيما بعد أن وعوا حقيقة الجميع، وأصبحت الحرب حرباً مصيرية. الأمر الذي دفعهم لمعرفة العدو من الصديق. وهو الأمر الذي يجعلنا نطمئنُّ الى أن أمريكا وكل من يُبحر في مجراها، ليسوا أهلاً للثقة. ولعل المشهد الوحدوي الذي جمع أبناء محافظة ديالي، هو الرد الأمثل على فشل مشاريع التقسيم. لنقول لكلٍ من الجزيرة والعربية، لن تفلح مساعيكم. فالزمن الذي كنتم تستخدمون الإعلام فيه لتحريك الشعوب قد ولى. ولم تعد الآذان التي تسمع صوتكم، إلا آذان المفلسين. وهو ما لا ينطبق على الشعب العراقي، الذي يفتخر بإنجازات لجانه الشعبية، ويلتف بأسره حول الحشد الشعبي.