الوقت- "كل جديدٍ يبلى"، فما بالك بما هو بالٍ، هذا ما يمكن وصف الكيان الصهيوني به، فبعد قرابة 67 عامًا من دخوله الأراضي الفلسطينية لم يستطع هذا الكيان إخفاء الفساد المتغلغل في مؤسساته وكياناته، ورغم أنه يغطي نفسه بغطاء لامعٍ براق، إلا أن الحقيقة يدركها الإسرائيليون أكثر من سواهم، فلا غطاء يحجب عنهم الرؤية، ولا إعلام مُسيَّس يغير لهم الحقائق التي يرونها ويتعاملون معها كل يوم.
الفساد الذي يعصف بهذا الكيان كَشفه استطلاع للرأي تم إجراؤه من قبل مؤسستي "ميدغام بروجكت" ومؤسسة "أيبانل"، وكانت نتيجة الاستطلاع أن 72.6% من الإسرائيليين يعتبرون أن الكيان يعاني من فسادٍ واسع منتشر في أجهزته، وذكر موقع "عاروتس شوع" أنه وفقًا للاستطلاع الذي تم إجراؤه بطلب من القناة الإسرائيلية الثانية فإن 55.7% من الإسرائيليين يعتبرون أن الكيان الإسرائيلي فاسد، في حين يعتبر 16.9% أن الكيان الإسرائيلي بلغ أقصى درجات الفساد.
وكشف استطلاع الرأي هذا أن 58% من المشاركين في التصويت يرون أن القضاة لا يتخذون أحكامًا عادلة، وأنهم يخضعون للأفكار العامة، وما يلفت النظر أن 92% من المصوتين اعتبروا أنهم يحتاجون إلى "واسطة" ومعارف كبيرة في الدولة ليستطيعوا تحقيق أغراضهم ونيل مكاسبهم، وهذه الإحصائيات تكشف حجم الفساد الذي يعاني منه الكيان الإسرائيلي والذي بات واضحًا للمواطنين.
وفي هذا السياق كشفت صحيفة الحياة اللندنية أواخر العام المنصرم بعض قضايا الفساد التي شهدها الكيان الإسرائيلي في أواخر عام 2015، ووثقت الصحيفة 7 قضايا فساد في أقل من أسبوعٍ واحد، وتنوعت هذه القضايا من فضائح فساد وتلاعب بالمال العام إلى تحرش جنسي، ومنها قضية عضو الكنيست والنائب عن حزب الليكود الحاكم "أورن حزان" الذي تعرض للإقصاء لمدة شهر بسبب تهكمه على زميلة له تعاني من إعاقة جسدية، وكان ذلك على مسمع رئيس الكنيست وسائر النواب، كما يواجه "حزان" تهمة بتقديم تقارير كاذبة عن الحملة الانتخابية التي أجراها.
وعلى وتر الفساد عزف الوزير نفتالي بينيت، زعيم "البيت اليهودي"، أجمل قصائد اختلاسه، إذ قدم تقارير مالية وادعى فيها أنه دفع 300 ألف دولار بسبب منافسته على زعامة الحزب، ولكن في الحقيقة لم يكن ينافسه أحد، ورغم قضية الفساد هذه لم يتم التحقيق مع "بينيت"، الأمر الذي يثير الشكوك حول مراقب الدولة وضلوعه في عملية الفساد هذه، أو تلقيه رشاوي من الوزير، وفي السياق نفسه قام الوزيرين "حاييم كاتس" و"ميري ريغيف" بتجاوز قانون الانتخابات بشكل سافر دون أن تتم أي مُساءلة لهما.
أما عن وزير الصناعة والتجارة والأيدي العاملة في الحكومة الإسرائيلية، بنيامين بن اليعزر، فقد وجهت له لائحة اتهام تضمنت أكثر من ملف، ومن أبرز هذه الملفات الرشوة وتبييض الأموال وخيانة الثقة، والجدير بالذكر أن "اليعزر" يعتبر من كبار الكيان الإسرائيلي وشغل عدة مناصب فقد كان قائدًا لوحدة شكيد العسكرية إبان حرب 1967، كما شغل مناصب وزير الدفاع، ووزير الاتصالات، وكذلك وزير البنى التحتية.
لا يقتصر تفكك المجتمع الإسرائيلي على قضايا الفساد المالية والإدارية، إذ يعاني المجتمع الإسرائيلي من قضايا أكبر من هذه المشكلات، والتصدع في الداخل كبير ومتنوع، فهناك تصدع ديني بين اليهود العلمانيين وبين اليهود المتدينين، إضافةً إلى تصدع طائفي شديد بين اليهود الأشكيناز من أصل أوروبي وأمريكي وبين من هم شرقيين من أصل آسيوي وأفريقي، إضافة إلى التصدُّع السياسي بين اليمين المتشدد واليسار فيما يخص القضايا الأمنية والخارجية.
بات الكيان الإسرائيلي يواجه العديد من المشكلات والأزمات، ورغم أنه نجح خلال الفترة الماضية في تصدير صورته كدولة مثالية مخيفة، إلا أن الشوائب بدأت تعوم على السطح، وبات الجميع يدرك ضعف ووهن الكيان الإسرائيلي الذي بات يواجه قضايا تهدد أساس وجوده، وتجعله عرضةً للانهيار وخاصةً مع اشتداد الحراك المقاوم في المنطقة عمومًا وفلسطين خصوصًا.