الوقت - منذ زمن بعید عرف العالم نفاق و اکاذیب الدول الغربیة حول ادعائها "ممارسة الدیمقراطیة"، لکن تصرفاتها خلال العقود الاخیرة لم تؤد الی کشف زیف جمیع هذه الادعاءات بالنسبة لشعوب العالم فحسب، انما ادت هذه التصرفات الی اتضاح هذه الاکاذیب حول "ممارسة الدیمقراطیة" و حریة الرآی بالنسبة الی شعوب ها ایضا. حیث یاتی منع الجالیة السوریة من المشارکة فی الانتخابات الرئاسیة القادمة من قبل الحکومة الفرنسیة التی تدعی أنها صاحبة اعرق دیمقراطیة حدیثة فی العالم، تأتی ضمن هذا النفاق و الدجل الغربی.
لم یشهد العالم قبل هذا ان قامت دولة ما بمنع مواطنین دولة اخری یقیمون علی اراضیها من المشارکة فی انتخابات بلادهم، ولو حدث ذلک من قبل دولة غیر فرنسا، لقامت الدنیا ولم تقعد ولاثارت منظمة الامم المتحدة ضجة کبری من أن هذه القضیة انتهاک صارخ لحقوق الانسان ولا یجوز الصمت علیها ولفرضت شتی اشکال العقوبات علی تلک الدولة. لکن الیوم نسمع فرنسا تصرح بانها لا تسمح للجالیة السوریة بالادلاء بآرائها للمشارکة فی الانتخابات الرئاسیة السوریة القادمة ولم نسمع لحد الآن موقف واضح من قبل المنظمات الدولیة ازاء هذا الانتهاک الصارخ لحقوق الانسان الذی تنتهجه فرنسا.
وفی حال مضت باریس فی قرارها هذا ومنعت السوریین من المشارکة فی انتخابات بلادهم الرئاسیة، فستکون فرنسا قد قضت علی آخر ما تبقی لها من اعتبار حول ممارسة واحترام الدیمقراطیة. اما اذا اردنا التحدث عن عداء الحکومة الفرنسیة خلال الاعوام الثلاثة الماضیة تجاه الشعب السوری فسنجد قائمة طویلة من القرارات التی اتخذتها باریس، یاتی دعم الجماعات الارهابیة اعلامیا وسیاسیا ومادیا فی مقدمة هذه القرارات، وبالطبع فان الشعب السوری لم ینس هذا العداء السخیف من قبل زعماء قصر الالیزه.
ویاتی هذا العداء الفرنسی تجاه الحکومة السوریة بسبب غضب باریس تجاه دعم دمشق لحقوق الشعب الفلسطینی واصطفافها فی محور المقاومة والممانعة والوقوف الی جانب المقاومة الاسلامیة فی لبنان لان ذلک حرم فرنسا من أن تکون لبنان «حدیقتها الخلفیة» وکذلک ألحق هذا الاصطفاف من قبل سوریة مع المقاومة اضرارا بالکیان الاسرائیلی «الطفل المدلل» للولایات المتحدة الامریکیة و فرنسا. کما یعتبر القرار الفرنسی بمنع الجالیة السوریة المتواجدة علی الاراضی الفرنسیة حماقة قل نظیرها لان ذلک لم یقدم ولم یؤخر فی اجراء الانتخابات السوریة وستجری هذه الانتخابات فی موعدها المقرر دون تاخیر کما اعلنت الحکومة السوریة.
وفی هذا السیاق یری العدید من المتابعین أن فرنسا تخشی من أن تصوّت معظم الجالیة السوریة فی فرنسا للرئیس السوری بشار الاسد خلافا لرغبة باریس وستکون هذه القضیة فضیحة لا مثیل لها للحکومة الفرنسیة ولمنع وقوع مثل هذه الفضیحة اعلنت باریس أنها سوف لم تسمح للجالیة السوریة بالمشارکة فی هذه الانتخابات.
وفی النهایة علی باریس أن تعلم، أن الحلف الغربی وبزعامة واشنطن لم یتمکن من تغییر مواقف الحکومة السوریة المدعومة بشکل قوی من قبل حلفائها ایران و روسیا، وهاهو الجیش السوری یکبّد الجماعات الارهابیة خسائر فادحة ویطاردهم من جحر الی آخر، لذا أنها الخیبة التی وصلت الیها فرانسا فی جمیع سیاساتها إزاء سوریا التی ارغمتها علی اتخاذ قرار منع الجالیة السوریة من المشارکة فی الانتخابات الرئاسیة القادمة،لکن سینتصر الشعب السوری فی ساحة الانتخابات کما انتصر فی قتاله علی الجماعات الارهابیة المدعومة من قبل فرنسا.