الوقت - عقد وزراء خارجیة مجلس التعاون لدول الخلیج الفارسی اجتماعا طارئا یوم الجمعة الماضی فی العاصمة السعودیة الریاض ناقشوا خلاله التقریر الثانی الذی رفعته اللجنة المکلفة بمتابعة تنفیذ آلیة اتفاق الریاض "لتعزیز تکاتف دول المجلس وبدفع مسیرة العمل الخلیجی المشترک الی الأمام" وهو العنوان الذی اختاروه لمسألة حل الخلافات المستفحلة بین قطر من جهة والسعودیة واتباعها ای "الامارات والبحرین" من جهة أخری .
وبما ان الخلافات القطریة السعودیة هی أعمق من ان یتم حلها بسهولة , فان وزراء خارجیة دول مجلس التعاون خرجوا من اجتماع الریاض هذا دون التوصل الی نتیجة , وقد عزا البعض سبب هذا الفشل الی اصرار قطر من جهة علی مواقفها السیاسیة ومنها دعم الدوحة لجماعات الاخوان المسلمین فی المنطقة وفی جمهوریة مصر العربیة علی وجه الخصوص , ومن جهة أخری اصرار السعودیة علی تنازل قطر عن مواقفها .
ویعتقد المراقبون السیاسیون فی الخلیج الفارسی ان هناک خشیة متزایدة لدی حکام السعودیة من أن تتمکن قطر من الثبات علی مواقفها المعادیة للسیاسات السعودیة فی الخلیج الفارسی وفی الدول العربیة وافشال بعض مخططات الریاض فی هذه الدول , حیث لاترید السعودیة ان تحذو الدول الأخری فی الخلیج الفارسی حذو قطر فی معارضة ومشاکسة الریاض وسیاساتها کما بدأت الکویت ان تفعل ذلک الی حد ما .
کما أن هناک خشیة سعودیة من ان تقوم سلطنة عمان , التی کانت تتمتع بسیاسة مستقلة خلال العقود الماضیة , باتخاذ مواقف مشابهة لمواقف قطر وهو ما سیزید من اندفاع قطر فی المضی قدما فی اتباع سیاسة مستقلة .
وفیما تعتبر دولة الامارات الدولة الوحیدة التی تنسق مواقفها کلیا مع المواقف السعودیة بالاضافة الی آل خلیفة فی البحرین الذین یتبعون سیاسة "الذیلیة" للریاض , یضیف المراقبون عوامل أخری الی الخلافات السعودیة القطریة المحتدمة مثل سعی السعودیة الی ابقاء سلطتها التقلیدیة والمحکمة علی دول مجلس التعاون فی الخلیج الفارسی بشتی اشکالها وهو ما لم یعد مقبولا لدی دول مثل قطر وعمان وربما الکویت, کما ان هناک اتهامات من قبل السعودیة ودول أخری فی المجلس مثل البحرین موجهة الی قطر بأنها تتدخل فی الشؤون الداخلیة للدول الأخری ویدعم اطراف المعارضة فی تلک الدول , وهذا بالاضافة الی امتعاض وسخط السعودیة والامارات علی قطر بسبب ما تبثه قناة الجزیرة الفضائیة وتکشفه عن جرائم وفضائح الحکومات العربیة الدکتاتوریة التی تدعمها السعودیة بشتی انواع الدعم السیاسی والمالی والتسلیحی والاعلامی .
وکانت الدول الثلاث فی الخلیج الفارسی أی السعودیة والإمارات والبحرین قد سحبت سفراءها من قطر علی خلفیة "عدم التزامها بمقررات تم التوافق علیها سابقا" وفی المقابل أعربت الدوحة عن أسفها لهذه الخطة الخلیجیة، مؤکدة التزامها الدائم بکافة المبادئ التی قام علیها مجلس التعاون .
ویجب الاشارة هنا الی أن الکثیر من الدول العربیة والاسلامیة تشکو مما تفعله السعودیة علی صعید المنطقة الاسلامیة والعربیة مثل التماشی مع السیاسات الامریکیة التی غرضها الوحید حفظ أمن الکیان الصهیونی فی المنطقة بالاضافة الی دعم الریاض للحکومات الاستبدادیة والمجرمة بحق شعوبها ومنع السعودیة لثورات شعبیة من بلوغ الانتصار , کما ان هناک امتعاض لدی بعض دول مجلس التعاون الخلیج الفارسی من قیام السعودیة بالاستقواء بالقوات والقواعد الامریکیة الموجودة داخل اراضیها للتآمر ضد الدول العربیة الأخری واتباع سیاسة "الفوقیة" فی التعامل مع الدول الخلیجیة الأخری .