الوقت ـ تستخدم المعارضة السوریة اخر اوراقها فی لعبة السلاح الکیماوی السوری بعد ان خسرت اوراقا میدانیا وسیاسیة استراتیجیة کثیرة فی صراعها مع الحکومة السوریة.
ورغم المدح الدولی لدور دمشق فی متابعة وانجاز الاتفاق الدولی الذی قضی بتدمیر هذه الاسلحة، فان المعارضة لا تزال تراهن علی الاستفادة من هذه الورقة، فی محاولة متجددة لاستجرار التدخل العسکری الدولی ولتبریر هزائمها المتتالیة علی الارض، ولتقول ان الانتصارات التی یصنعها الجیش السوری سببها الاسلحة الکیماویة ولیس القدرات المتمیزة التی یتمتع بها هذا الجیش.
وفیما تشن المعارضة حربا نفسیة لتحقیق اهدافها هذه ، فان المواقف الدولیة تفندها وتکذبها وتفقدها المصداقیة المطلوبة سواء عالمیا او سوریا، فالمنسقة الخاصة للبعثة المشترکة للامم المتحدة ومنظمة حظر الاسلحة الکیماویة سیغرید کاغ اعلنت انه تم تدمیر 92% من الترسانة الکیماویة السوریة وان ما تبقی هو نسبة ضئیلة، ما زالت فی أماکن لا یمکن الوصول إلیها أو نقلها بسبب الأوضاع الأمنیة، کما أشارت إلی وجود مخاوف من وقوع هذه الأسلحة بید المسلحین. (وهذه اشارة ضمنیة الی ان الخوف لیس من الحکومة بل من المسلحین الذین لم یتورعوا سابقا عن استخدام الکیماوی ضد الجیش والاهالی)
واکدت کاغ تعاون الحکومة السوریة فی تنفیذ تعهداتها حیال اسلحتها الکیماویة وانضمامها الی منظمة حظر الاسلحة. واقرت بهذا الامر ایضا امام مجلس الامن الدولی، واعتبرت ان التأخیر فی تدمیر الاسلحة لیس امرا لا یمکن تجاوزه، فی اشارة للعقبات التی تواجه نقل شحنات الاسلحة الی السفن الخاصة فی مرفأ اللاذقیة السوری والمخاطر التی تتعرض لها من قبل المسلحین اثناء نقلها برا.
التعاون السوری نوه به ایضا الامین العام للامم المتحدة بان کی مون اکثر من مرة واعرب عن ثقته بالتزام الحکومة السوریة بتنفیذ اتفاق اتلاف الاسلحة الکیمیائیة اخر حزیران یونیو المقبل.
ومع استغلال المعارضة السوریة لبعض الفضائیات العربیة والعالمیة لتوجیه الاتهامات للحکومة السوریة باستخدام الکیماوی فان موسکو نددت بهذه الاتهامات واستغربت احتضان بعض الدول لها وتسویقها، وقالت الخارجیة الروسیة ان عملیة اتلاف الاسلحة الکیماویة فی لیبیا استغرق نحوعشر سنوات ولم توجه الی الحکومة اللیبیة مثل هذه الانتقادات . مع العلم ان المهلة الممنوحة للحکومة السوریة، ورغم الحرب الکونیة الدائرة ضدها، هی اشهر فقط.
المعطی الدولی القائم حالیا هو ابقاء الورقة الکیماویة مفتوحة لاستخدامها عند الضرورة، لان التنسیق الدولی الحالی یعطی الاولویة لمکافحة الارهاب الذی بات یشکل خطرا لیس علی سوریا والمنطقة بل علی العالم اجمع. لذا فاننا لم نعد نسمع ادانات دولیة ضد دمشق فی مواجهتها للارهاب المتمثل بالمسلحین والتکفیریین، بل غابت هذه الادانات بشکل شبه کلی، وباتت التصریحات تترکز علی کیفیة مواجهة عودة المسلحین الاجانب فی سوریا الی بلادهم ومخاطر هذه العودة. لا بل ان اجهزة امن واستخبارات دولیة کثیرة توجهت الی دمشق طالبة المساعدة والعون والتنسیق فی کیفیة مواجهة هذه المخاطر، هذا من ناحیة، ومن ناحیة اخری فان دمشق غیر محتاجة الی استخدام الکیماوی فی نضالها ضد الجماعات المسلحة، فهی تمتلک زمام المبادرة علی الارض من خلال الاسلحة التقلیدیة المتفوقة بها. فلماذا تستخدم الکیماوی ؟
من هنا فان ورقة الکیماوی باتت محروقة فی ید المعارضة ولا یمکن تهدید الحکومة بها او الاستفادة منها کعامل محرض للناس ضد الحکومة. فالشعب السوری بات مدرکا لما یجری من حوله، وعارفا ان الجماعات المسلحة هی التی تستخدم الکیماوی فی غیر منطقة لا سیما خان العسل فی حلب، بدلیل تراجع شرائح کبیرة من الشعب عن دعم هذه الجماعات، ونبذ الحاضنة السوریة لها، واستسلام الاف المسلحین السوریین (مع التشدید علی السوریین) للسلطات المختصة، ما ابقی الجماعات المسلحة الاجنبیة شبه وحیدة فی المعرکة وبدون غطاء شعبی. ویدل علی ذلک اجراء المصالحات بالجملة بین السلطات والجماعات المسلحة فی العدید من المناطق واخرها فی حمص القدیمة.
وقد اشارات استطلاعات الرأی الی ارتفاع نسبة التأیید للرئیس بشار الاسد، ما یعنی ان الانتخابات الرئاسیة المقررة فی اوائل حزیران ستکون فیصلا هاما فی تاریخ الحرب علی سوریا وفی اظهار من یملک الارض وقلب الشعب.