الوقت - إجراء الانتخابات الرئاسیة وما یترتب علیها من نتائج یتمتع بأهمیة قصوی للشعب الأفغانی وحکومته. الحفاظ علی ما حققته هذه الحکومة من إنجازات، علی وجه الخصوص تدوین الدستور وإنشاء نظام سیاسی، یرتبط بشکل وثیق بإجراء الانتخابات الرئاسیة فی هذا العام بشکل نزیه. کما أن الانتخابات الرئاسیة الثالثة ستقرر مستقبل البلاد انطلاقاً من أنه من المقرر مع نهایة العام 2014 أن ینسحب قسم کبیر من القوات الأمیرکیة وحلفائها من أفغانستان وسیتضح مستقبل طالبان فی أفغانستان. من جهة أخری، الوضع الأمنی فی أفغانستان لا یزال هشاً، ولا یبدو فی الأفق أن الحرب وأعمال العنف القائمة فی البلاد آیلة الی الوقوف. کما أنه لا توجد هناک أی ضمانات بتحسن الوضع الأمنی فی البلاد أثناء اجراء الانتخابات فی موعدها فی العام 2014. وخاصةً بأن الجماعات المسلحة ستسعی من خلال تغییر أسلوبها فی أعمال العنف أن تقف عائقاً فی وجه سیر الانتخابات او أقله تتسبب بإیجاد بلبلة اثناء إجرائها.
علی هذا الأساس فإن إجراء انتخابات رئاسیة نزیهة وشفافة فی أفغانستان فی مجتمع یتخبط بأزمات متتالیة، لا یعدّ أمراً ضروریاً وأساسیاً، بل أن یذهب أبعد من ذلک لیکون خیر دلیلٍ علی أن قیم الدیمقراطیة تأصلت فی المجتمع الأفغانی. لأن المجتمع الأفغانی من بعد أن تخطی مجتمع طالبان لیصل الی مجتمع ما بعد طالبان وتشکیل حکومة جدیدة، إلا أنه لا یزال یتمتع بخصائص المجتمع الأفغانی المنبعثة من العادات الاجتماعیة والتقالید القومیة والعشائریة، وتعد القومیات والتعصبات القومیة من أهم العناصر التی ترسم معالم الهویة الأفغانیة. لکن علی الرغم من کل هذا، الشعب الأفغانی وصل الی درجة الیقین بأن اجراء الانتخابات النزیهة هو عنوان انشاء مجتمع یتمتع بالاستقرار. باستطاعتنا أن نقول بأن أحد الأسباب وراء قبول الشعب الأفغانی بالظروف والأوضاع الراهنة تعود الی عدم رغبتها بعودة طالبان الی سدة الحکم. فی الحقیقة، هذا الخوف من عودة طالبان الی سدة الحکم فی البلاد هو خیر دلیل علی وقوع تغیرات فی المجتمع السیاسی وإعراضه عن التشدد وانعقاد الآمال بأن تتسلم مقالید الحکم حکومة جدیدة.
فی الحقیقة ما تم تحقیقه فی إجلاس بن، یعدّ ضرورة یتمسک بها الشعب والأحزاب السیاسیة والحکومة والقیادة المرکزیة، وربما لهذا السبب وقفت الناس فی وجه طالبان عندما أرادو الدخول مناطقهم وأرغموهم علی مغادرتها. خطوات مجابهة طالبان کهذه حدثت مؤخراً فی مدینة حصارک فی محافظة ننغرهار التی تقع علی مقربة من الحدود الباکستانیة، حیث اتحد سکان المدینة مع القوات العسکریة الأفغانیة لیمنعوا هجوم ثلاثمائة مسلح من جماعة طالبان، وأجبروهم علی التراجع من بعد أن تکبدوا خسائر وصلت الی 57 شخص بین قتیل وجریح. فی هذا السیاق تمکن الجیش الأفغانی أن ینتقم لمقتل 21 جندی، الذین قتلوا فی محافظة کنر الأسبوع الماضی. تجدر الإشارة الی أن فی الماضی عندما کانت جماعات تشن هجمات علی المخافر الحدودیة، المراکز الحکومیة المهمة، نقاط التفتیش وحتی الماکن العمومیة، فإن هذا الجماعات کانت تتألف من ثمانیة أشخاص وفی بعض الأحیان کان یصل تعداد أفرادها الی العشرین شخص، لکن فی الفترة الأخیرة بدأت عملیات الهجوم هذه تتم عن طریق جماعات تتألف من مئتی شخص، مزودة بالصواریخ وقاذفات الآر بی جی، هذا إن دل علی شیء فإنه یدل علی أن طالبان تتلقی دعماً من دول لها مصلحة فی انعدام الاستقرار فی أفغانستان.