الوقت - وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على قرار يدعو إلى منح الصحراء الغربية حكمًا ذاتيًا في المغرب، معلنًا أن هذا القرار هو الحل الأمثل للنزاع الإقليمي طويل الأمد بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية، يدعو القرار، الذي صاغته الولايات المتحدة، جميع الأطراف إلى التفاوض على أساس خطة الحكم الذاتي المغربية التي اقترحتها لأول مرة عام ٢٠٠٧.
يُقيّم القرار، الذي اعتُمد الآن، ويُقدم حكمًا ذاتيًا حقيقيًا للصحراء الغربية تحت الحكم المغربي، باعتباره الحل الأكثر عملية لإنهاء الصراع المستمر منذ خمسين عامًا بين الرباط وجبهة البوليساريو.
نزاع الصحراء الغربية
شهدت الصحراء الغربية، وهي منطقة صحراوية شاسعة، أحد أطول النزاعات الإقليمية في شمال أفريقيا منذ انسحاب إسبانيا منها عام ١٩٧٥.
بعد انسحاب إسبانيا، احتل المغرب أجزاءً من المنطقة، وشهدت الصحراء الغربية اشتباكاتٍ مستمرة بين الجيش المغربي وجبهة البوليساريو، تأسست جبهة البوليساريو بعد عام من انسحاب إسبانيا من الصحراء الغربية، وحملت السلاح ضد الرباط، مطالبةً بالانفصال عن المغرب، تسيطر الجبهة على جزء من المنطقة، وأعلنت سابقًا أن الصحراء الغربية بإسم "الجمهورية الصحراوية الديمقراطية".
انتهت الحرب التي استمرت ١٥ عامًا بين الجانبين بوقف إطلاق النار عام ١٩٩١، لكن التوترات استمرت، وأنهت جبهة البوليساريو النزاع المسلح أخيرًا عام ٢٠٢٠، على الرغم من انتهاء النزاع المسلح، لا تزال مسألة استقلال الصحراء الغربية أو حكمها الذاتي موضع خلاف بين الحكومة المركزية المغربية وأعضاء جبهة البوليساريو.
خطة مجلس الأمن الحالية بشأن الصحراء الغربية
كان أحدث قرار لمجلس الأمن بشأن الحكم الذاتي للصحراء الغربية في المغرب، والذي حظي بدعم الولايات المتحدة أيضًا، قد اقترحه المغرب سابقًا عام ٢٠٠٧.
ووفقًا لهذه الخطة، ستكون الصحراء الغربية منطقة تتمتع بالحكم الذاتي داخل المغرب، مع هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية محلية يُنتخبها السكان المحليون، وستتولى الحكومة المركزية في الرباط مسؤولية الدفاع والسياسة الخارجية.
تجدر الإشارة أيضًا إلى أن قرار مجلس الأمن الأخير يمثل اعترافًا دوليًا بمطالب المغرب بالسيادة على المنطقة.
في حال نجاح تنفيذ هذه الخطة، فإنها قد تمهد الطريق لسلام شامل بين المغرب والجزائر، حيث إن الجزائر داعم قوي لانفصاليي جبهة البوليساريو في الصحراء الغربية.
من ناحية أخرى، يرى المغرب نفسه بحاجة إلى السلام والاستقرار في منطقة الصحراء الغربية، وقد زعمت سلطات البلاد أنها ستصبح بحلول عام ٢٠٣٥ اقتصادًا ناشئًا، وأن الحكومة المغربية يجب أن تحل قضية الصحراء الغربية لكي تصبح اقتصادًا ناشئًا، يستعد المغرب حاليًا لاستضافة كأس الأمم الأفريقية في ديسمبر وكأس العالم 2030، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، ويُعد حل قضية الصحراء الغربية أمرًا بالغ الأهمية للبلاد.
حق تقرير المصير بيد الشعب
على الرغم من أن قرار الأمم المتحدة يُشدد على تنفيذ خطة الحكم الذاتي لمنطقة الصحراء الغربية، إلا أن الجزائر، بصفتها دولة داعمة لإقليم الصحراء الغربية، تعاملت بحذر مع القرار، إلا أن ممثل الجزائر لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، انتقد القرار، قائلاً إن القرار النهائي بشأن مستقبل الإقليم ينبغي أن يتخذه فقط السكان الذين يعيشون تحت الحكم الاستعماري، وأضاف إن نص القرار يتجاهل مقترحات جبهة البوليساريو.
انعكاس قضية الصحراء الغربية في السياسة الخارجية المغربية
لطالما كانت الصحراء الغربية محورًا للسياسة الخارجية المغربية، وتسعى الرباط إلى إقناع الدول الأخرى بالاعتراف بالمنطقة كإقليم تابع لها في مواجهة مطالب جبهة البوليساريو.
من جهة أخرى، تسببت قضية الصحراء الغربية في توتر علاقات المغرب مع الجزائر، حيث تدعم الجزائر انفصاليي الصحراء الغربية.
في يوليو/تموز من العام الماضي (الموافق 1403 هـ)، أعلنت فرنسا دعمها لموقف المغرب من الصحراء الغربية، ودعمها لخطته لمنح الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية، وهي خطوة عارضتها جبهة البوليساريو وحليفتها الجزائر.
أعربت الجزائر عن أسفها العميق وإدانتها الشديدة لقرار الحكومة الفرنسية الاعتراف بخطة الحكم الذاتي للصحراء في إطار السيادة المغربية، واصفةً القرار بأنه "غير متوقع، وغير ناجح، وغير فعال". على إثر ذلك، قررت الحكومة الجزائرية استدعاء سفيرها من فرنسا فورًا، وإسناد مسؤولية تمثيلها الدبلوماسي في فرنسا إلى قائم بالأعمال.
