الوقت- في سوريا، تتواصل الأزمة الإنسانية والأمنية منذ سنوات الحرب الطويلة، ولكن اللافت اليوم هو تصاعد التهديدات الموجهة ضد الأقليات الدينية والعرقية، وخاصة الشيعة وبعض المكونات الدينية الأخرى، ما كان يُعد تهديداً محتملاً أصبح واقعاً ملموساً يؤثر على حياة المدنيين يومياً، تعبير ناقوس الخطر يدق يعكس هذا الواقع بوضوح، إذ يشير إلى خطر مباشر على الأمن المجتمعي والسلامة العامة، الفوضى الأمنية وعدم وجود سيطرة فعالة من السلطات المحلية في بعض المناطق، وخصوصاً ضواحي دمشق والمناطق الجنوبية، ساهم في اتساع نفوذ الجماعات المسلحة وزيادة أعمال العنف ضد المدنيين.
جرائم الجماعات الإرهابية وانعكاساتها
الجرائم المرتكبة ضد الأقليات تتنوع بين القتل والتفجيرات المباشرة والتهديد والتحريض على العنف، وتمثل جزءاً من استراتيجية ممنهجة لتغيير التركيبة السكانية وتهجير السكان الأصليين من مناطقهم، هذا السلوك يؤدي إلى تهديد وجودهم الثقافي والديني على المدى الطويل ويزيد من هشاشة الوضع الاجتماعي والأمني في البلاد.
تستغل الجماعات التكفيرية الفراغ الأمني لتعزيز نفوذها، وتوظف وسائل إعلامية ووسائط رقمية لنشر التهديدات وإشاعة الخوف بين السكان، هذا الترويع النفسي يطال العائلات والمدارس والمرافق الدينية، ويخلق بيئة من الاضطراب تؤدي إلى نزوح السكان قسرياً، ما يمهد الطريق لتغيير ديموغرافي واضح. تأثير هذه الجرائم يتجاوز حدود سوريا، إذ إنها تشكل تهديداً للأمن الإقليمي وتؤثر على استقرار الدول المجاورة نتيجة تدفق اللاجئين وانعكاسات الأزمة الإنسانية. كما أن استمرار هذه الجرائم يزرع حالة من عدم الثقة بين المكونات الاجتماعية المختلفة، ما يزيد من صعوبة المصالحة الوطنية وإعادة بناء المجتمع بعد سنوات الصراع الطويلة، استمرار الأعمال الإرهابية يعزز من الانقسامات الطائفية ويترك أثراً عميقاً على النسيج الاجتماعي السوري، وهو ما يهدد إمكانية الاستقرار الدائم في المستقبل.
الضغط الإنساني والاجتماعي على المدنيين
تتعرض الأقليات في سوريا اليوم لضغوط إنسانية واجتماعية هائلة نتيجة استمرار أنشطة الجماعات الإرهابية. النزوح القسري، وفقدان المأوى والأمن الغذائي، وانقطاع الخدمات الأساسية يجعل الحياة اليومية معقدة وصعبة للغاية، الصمت الدولي يزيد من حجم المعاناة، إذ يشعر المدنيون بأن العالم يراقب دون أن يحرك ساكناً لوقف الجرائم، هذا الوضع يولد شعوراً باليأس وفقدان الأمل بين السكان، ويضعهم في مواجهة مباشرة مع الخطر المستمر، ما يخلق بيئة خصبة لزيادة الانقسامات الاجتماعية وتأجيج الصراعات المحلية، ويهدد استقرار المجتمع على المدى الطويل.
تجاهل المجتمع الدولي والدور الغربي
رغم وضوح الجرائم وانتهاك حقوق الإنسان، هناك تجاهل ملحوظ من قبل بعض الدول الغربية تجاه هذه الأحداث. الصمت أو الحد الأدنى من الردود الفعلية يعكس ضعف الالتزام الدولي بحماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي الجرائم، هذا التجاهل ليس مجرد موقف سلبي، بل له انعكاسات مباشرة على حياة المدنيين، إذ يمنح الجماعات الإرهابية شعوراً بالحصانة ويشجعها على الاستمرار في أعمالها.
هناك عدة أسباب لتجاهل الغرب لهذه الجرائم، أبرزها المصالح الجيوسياسية والاقتصادية التي تتحكم في سياساتهم، بالإضافة إلى الدعم غير المباشر لبعض الجماعات المسلحة لتحقيق أهداف سياسية محددة في المنطقة، هذا الموقف يزيد من معاناة الأقليات الذين يعيشون في خوف دائم من الاستهداف المباشر أو غير المباشر، ويجعل من الصعب تقديم أي ردع فعال ضد الإرهاب.
تبعات الصمت الدولي على مستقبل سوريا
استمرار التجاهل الدولي وعدم اتخاذ إجراءات رادعة للجماعات الإرهابية يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني في سوريا، المدنيون، وخصوصاً الأقليات، يواجهون خطر التهجير القسري وانتهاك حقوقهم الأساسية، بينما تستمر الصراعات الداخلية وتزداد حالة عدم الاستقرار الأمني، على المستوى الإقليمي، هذه الأحداث تساهم في زيادة التوترات بين الدول والجماعات العرقية والدينية، وقد تؤدي إلى انتشار التطرف والعنف خارج حدود سوريا.
استمرار التجاهل الغربي يرسل رسالة سلبية للمجتمع الدولي بأسره، مفادها بأن الجرائم ضد الإنسانية يمكن أن تحدث دون أي مساءلة أو محاسبة، ما يزيد من صعوبة إعادة بناء سوريا بعد سنوات الحرب، هذا الوضع يضع اللاجئين والمهجرين أمام تحديات إنسانية كبيرة ويهدد مستقبل الأجيال القادمة.
أهمية الموقف الدولي والحلول الممكنة
الوضع الراهن يتطلب موقفاً دولياً أكثر صرامة ووضوحاً تجاه الجرائم التي ترتكبها الجماعات الإرهابية، تجاهل الدول الغربية يعزز من قدرة الإرهابيين على الاستمرار في أعمالهم ويزيد من معاناة المدنيين، وخصوصاً الأقليات الأكثر ضعفاً، الحلول لا تقتصر على الدعم العسكري أو الاقتصادي، بل تشمل الضغط السياسي والقانوني على مرتكبي الجرائم، والعمل على حماية المدنيين وضمان حقوقهم الإنسانية، وإعادة بناء الثقة بين مختلف المكونات السورية.
يمكن للمجتمع الدولي لعب دور محوري في إدانة العنف والإرهاب وحماية المدنيين، عبر تقديم الدعم القانوني والإنساني الفعال للمتضررين، وتعزيز آليات المساءلة الدولية للمتورطين في الجرائم، بما يضمن عدم إفلاتهم من العقاب، كما أن تضافر الجهود الدولية يساهم في إعادة الاستقرار الاجتماعي والسياسي، ويقلل من احتمال تمدد الظواهر الإرهابية خارج الحدود السورية.
الاستقرار في سوريا يتطلب موقفاً دولياً حازماً
إن استعادة الاستقرار في سوريا تتطلب تعاوناً دولياً متكاملاً يركز على حماية المدنيين وإدانة أعمال العنف والإرهاب، مع اتخاذ خطوات عملية لمحاسبة الجماعات الإرهابية ومن يدعمها، إذا استمر التجاهل الدولي، سيستمر ناقوس الخطر في الدق، مع عواقب إنسانية وأمنية جسيمة على المدنيين وعلى المنطقة بأكملها، لذلك، يجب أن يشكل موقف المجتمع الدولي قوة رادعة، ويضمن توفير بيئة آمنة للأقليات وحماية حقوقها، مع العمل على إعادة بناء النسيج الاجتماعي والسياسي لضمان مستقبل مستقر وسلمي لسوريا بأكملها.
