الوقت- أكدت الدول المطلة على بحر قزوين على استقلالية هذه المنطقة وتعاونها من خلال توقيع وثيقة جديدة. وفي هذا الصدد، عُقد اجتماع للقادة البحريين للدول المطلة على بحر قزوين في سانت بطرسبرغ يوم الأربعاء، واختتم بتوقيع وثيقة التعاون الاستراتيجي الشامل لبحر قزوين؛ وهي وثيقة تهدف إلى تعزيز الأمن المستدام ومنع تدخل القوى الأجنبية في هذه المنطقة.
كما أفادت قناة تليجرام التابعة للسفارة الإيرانية في موسكو بتوقيع هذه الاتفاقية بين قادة القوات البحرية لجمهورية إيران الإسلامية، والاتحاد الروسي، وجمهورية كازاخستان، وجمهورية أذربيجان.
وبناءً على أحكام هذه الوثيقة، تعهدت الدول المطلة على بحر قزوين بمنع أي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية للبحر، وضمان أمنه من خلال التنسيق واتخاذ القرارات المشتركة بين الدول الخمس المطلة عليه فقط، وجاء في البيان الختامي للقمة: "بحر قزوين ملك للدول الخمس المطلة عليه، وأي قرار يتعلق بأمنه وأنشطته البحرية لن يُتخذ إلا بموافقة هذه الدول".
العزم على منع التدخل الخارجي
تعكس هذه الاتفاقية الإرادة المشتركة لكبار المسؤولين في الدول المطلة على بحر قزوين لتعزيز التعاون، لا سيما في مجال ضمان الأمن المستدام في جميع أنحاء حوض بحر قزوين، ووفقاً لهذه الوثيقة، لن يُسمح لأي دولة أجنبية أو قوة من خارج المنطقة بالتدخل في الشؤون الداخلية لبحر قزوين، وتشمل هذه الاتفاقية المشتركة التعاون في مجال المسح الهيدروغرافي، وتعزيز سلامة الملاحة في بحر قزوين، وتبادل البيانات الهيدروغرافية، وتنظيم البحوث المشتركة.
وأكد القادة البحريون للدول المطلة على بحر قزوين أن البحر ملك للدول الخمس المطلة عليه، وبالتالي، فإن ضمان الأمن والقضايا المتعلقة به لا يمكن البت فيها إلا من قِبل هذه الدول، كما ركز اجتماع القادة البحريين للدول المطلة على بحر قزوين على التدريبات العسكرية المشتركة ومكافحة التهريب، استنادًا إلى اتفاقية أكتاو لعام 2018، التي تُحدد المياه الإقليمية وحقوق الموارد، وكان غياب تركمانستان، الدولة الخامسة المطلة على بحر قزوين، ملحوظًا.
أهمية بحر قزوين
على الرغم من القيمة والأهمية الاقتصادية المتميزة لمنطقة بحر قزوين منذ القدم، إلا أن أهميتها الجيوستراتيجية والجيواقتصادية ومكانتها ازدادت مع ظهور موارد النفط والغاز، وانهيار الجدار الحديدي وسقوط النظام الشيوعي في الاتحاد السوفيتي السابق، يُعد حوض بحر قزوين من أهم المناطق الغنية بالنفط في العالم، حيث تمتلك الدول المجاورة له مجتمعةً 51% من احتياطيات النفط العالمية و15% من احتياطيات الغاز العالمية، لسنوات عديدة، كان النظام الاشتراكي السوفيتي السابق المنتج الوحيد للنفط والغاز من بحر قزوين، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، أُتيحت إمكانية استغلال هذه الموارد لخمس دول: إيران، وأذربيجان، وتركمانستان، وكازاخستان، وروسيا.
ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، يُعد بحر قزوين أحد منطقتين بالغتي الأهمية لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة، ولهذا السبب يجب أن يكون تحت سيطرتها الفعلية، هناك تقديرات مختلفة لاحتياطيات النفط في بحر قزوين، تتراوح بين حد أقصى يبلغ 522 مليار برميل وحد أدنى يبلغ 20 مليار برميل، حتى أن بعض الباحثين الأمريكيين في الجغرافيا السياسية الجديدة أطلقوا على مزيج منطقتي إنتاج الطاقة المهمتين في الخليج الفارسي وبحر قزوين، كمصدرين مهمين للطاقة، اسم "قطع ناقص استراتيجي للطاقة" يشمل إيران.
ومن ناحية أخرى، لا ينبغي إغفال أهمية بحر قزوين في مجال الاتصالات، فبالإضافة إلى احتضانه لممرات عبور رئيسية، تُعد منطقة بحر قزوين منطقة عالمية حيوية للطاقة والتجارة والاتصالات. تُشكل هذه الممرات "شبكة" واسعة، تشمل طريق النقل الدولي عبر بحر قزوين (المعروف أيضًا باسم الممر الأوسط)، وممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، وممر اتصالات طريق الحرير الرقمي، والعديد من مكوناته تتركز في أذربيجان أو تمر عبرها.
من ناحية أخرى، بالنسبة لكل من روسيا وإيران، وكلاهما يخضعان اقتصاديًا لعقوبات غربية، يوفر بحر قزوين فرصة جيوسياسية لتخفيف الضغط على الغرب. بالإضافة إلى سعيها لتوسيع علاقاتها مع الدول العربية الواقعة على الضفة الجنوبية للخليج الفارسي، تعمل إيران جاهدةً على تعزيز مكانتها الجيوسياسية من خلال تعزيز التواصل في محيطها الجيوسياسي الشمالي (القوقاز، وبحر قزوين، وآسيا الوسطى) وفي أعماقها الجيوسياسية الجنوبية (منطقة الخليج الفارسي)، وقد اتخذت هذه الخطوة شكل إنشاء شبكات من الطرق والسكك الحديدية وخطوط أنابيب النفط والغاز بين الخليج الفارسي ومنطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى، وستكون فرصة قيّمة لتحييد الضغوط الاقتصادية الغربية على إيران.