الوقت- تستثمر الإمارات العربية المتحدة في الوصول إلى بعض موانئ بحر قزوين، ومن الأمثلة على ذلك شراء موانئ دبي العالمية، ومقرها دبي، منطقتين اقتصاديتين خاصتين في كازاخستان على بحر قزوين، واشترت موانئ دبي العالمية حصة 51% في منطقة خورغوس الاقتصادية الخاصة في كازاخستان، وحصة 49% في منطقة أكتاو في كازاخستان، ولقد كثر الحديث عن توسع نفوذ الإمارات العربية المتحدة في جنوب ووسط آسيا، ولكن لا يُعرف الكثير عن كيفية سعي هذه الدولة الخليجية الغنية بالطاقة لترسيخ مكانتها كلاعب فاعل في آسيا الوسطى.
وتركز الإمارات العربية المتحدة على أوراسيا من خلال استثمارات استراتيجية في البنية التحتية والطاقة والاقتصاد والأمن، ويعكس تركيز أبوظبي على آسيا الوسطى، وخاصةً في السنوات القليلة الماضية، رغبتها في أن يكون لها دور في الرابط الاستراتيجي الحيوي بين روسيا والصين في المنطقة، بالطبع، يمكن الإشارة أيضًا إلى أن جهود الإمارات العربية المتحدة في آسيا الوسطى تُمثل أيضًا شكلاً من أشكال المنافسة المتزامنة مع تركيا وإيران، إذ لا تُمثل آسيا الوسطى فقط ساحةً لنشاط الصين وروسيا، بل أيضًا ساحةً لنشاط جهات إقليمية أخرى، مثل إيران وتركيا.
بيئة متشابهة
بالنسبة للإماراتيين، يُشبه وجودهم ونشاطهم في دول آسيا الوسطى إلى حد كبير نشاطهم في مشيخات جنوب الخليج الفارسي، تتسم سياسة الإمارات العربية المتحدة بطابع قبلي، كما تتميز دول آسيا الوسطى بتركيبة عرقية وعشائرية، لذلك، تُمثل هذه البيئة الثقافية والاجتماعية المتشابهة شرطًا أساسيًا لتطوير علاقات إيجابية طويلة الأمد بين الإمارات العربية المتحدة ومجتمعات آسيا الوسطى، على سبيل المثال، يسافر قادة الإمارات العربية المتحدة بهدوء إلى كازاخستان للصيد في الولايات الجنوبية من البلاد، وهي مناطق صيد حلت محل مناطق صيد باكستان للشيوخ العرب، ويتنقل الشيوخ في أنحاء آسيا الوسطى بحرية أكبر في الحركة.
استثمارات واسعة النطاق
دفعت البيئة الثقافية والأنظمة السياسية والاجتماعية المتشابهة لدول آسيا الوسطى والإمارات العربية المتحدة شيوخ الإمارات إلى ضخ استثمارات ضخمة في مشاريع الطاقة في آسيا الوسطى. على سبيل المثال، قبل عشر سنوات، وقّعت شركة مبادلة الاستثمارية الإماراتية اتفاقية مع شركة كاز موناي غاز (شركة النفط والغاز الكازاخستانية المملوكة للدولة) للحصول على حصة 24.5% في حقل بحري ببحر قزوين.
والأهم من ذلك، تستثمر الإمارات العربية المتحدة في الوصول إلى بعض موانئ بحر قزوين، مثل شراء موانئ دبي العالمية، ومقرها دبي، منطقتين اقتصاديتين خاصتين في كازاخستان على بحر قزوين، استحوذت موانئ دبي العالمية على حصة 51% في منطقة خورغوس الاقتصادية الخاصة في كازاخستان، وحصة 49% في منطقة أكتاو الاقتصادية الخاصة في كازاخستان، ما سمح لموانئ دبي العالمية بإدارة المنطقتين وتنظيمهما.
أدى إنشاء مركز أستانا المالي الدولي في العاصمة الكازاخية من قبل شركات إماراتية مقرها دبي إلى تحويل أستانا إلى مركز مالي رئيسي لآسيا الوسطى ومبادرة الحزام والطريق الصينية، وكل ذلك جزء من المعادلة الإماراتية الكازاخستانية.
بيئة تنافسية عالية
في الوقت نفسه، يصاحب أنشطة الإمارات العربية المتحدة في آسيا الوسطى بطبيعة الحال نوع من المنافسة الاستراتيجية، ويُسعد استثمار الإمارات العربية المتحدة في قطاع الطاقة في كازاخستان وتركمانستان روسيا، حيث تسعى الإمارات العربية المتحدة من جهة إلى بناء علاقات وثيقة مع موسكو، ومن جهة أخرى، يُفضل مسؤولو الكرملين أن تكون الشركات والمستثمرون الإماراتيون نشطين كحليف لروسيا في المنطقة، بدلاً من الشركات الأمريكية والصينية.
كما تبذل الإمارات العربية المتحدة جهودًا كبيرة في طاجيكستان، ففي طاجيكستان، تلعب الإمارات العربية المتحدة ضد إيران وتنافسها، لكن يبدو أن جهود الإمارات في طاجيكستان لم تُثمر كثيرًا حتى الآن، فنظرًا لهوية طاجيكستان العرقية الناطقة بالفارسية وتبعيتها الثقافية والتاريخية لإيران، فإن مساحة مواجهة أبوظبي لإيران في طاجيكستان محدودة للغاية، إذ يرتبط الطاجيك بروابطهم العرقية والثقافية المشتركة مع إيران، قبل بضع سنوات، وزّعت الإمارات مساعدات إنسانية واستثمارات في طاجيكستان في حملة بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية، لكن الطاجيك ما زالوا يتطلعون إلى إيران بدلًا من دول الخليج العربية.
تركيا منافسٌ آخر للإمارات في آسيا الوسطى، يعود اهتمام تركيا بآسيا الوسطى إلى عام ١٩٩١، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، عززت أنقرة حضورها في آسيا الوسطى من خلال برامج دعم الشعوب الناطقة بالتركية، وإنشاء منظمة التعاون التركي، واستثمارات إنشائية بمليارات الدولارات، ومع ذلك، تُولي بعض الدول الناطقة بالتركية، مثل تركمانستان وكازاخستان، الأولوية لجذب رؤوس الأموال في قطاع الطاقة بدلاً من القضايا الثقافية.
منذ خمس سنوات، زادت الإمارات العربية المتحدة استثماراتها في سوق الطاقة في تركمانستان، مع التركيز على البنية التحتية وإنتاج الغاز والبلاد، وقد منحت الاستثمارات الإماراتية الكبيرة في البنية التحتية للغاز في تركمانستان الإمارات اليد العليا في الدولة الناطقة بالتركية مقارنةً بالأنشطة الثقافية التركية. كما تُشارك الإمارات العربية المتحدة في تطوير مشاريع البنية التحتية الرئيسية في تركمانستان، وخاصةً في قطاع النقل والخدمات اللوجستية، ويشمل ذلك التعاون في الموانئ الدولية ومراكز النقل الأخرى، وتشمل الصادرات الرئيسية لتركمانستان إلى دبي الغاز الطبيعي والنفط والقطن، في المقابل، تُصدّر الإمارات العربية المتحدة الآلات والإلكترونيات ومواد البناء إلى تركمانستان.
لماذا تسعى الإمارات العربية المتحدة إلى التواجد في آسيا الوسطى؟
تستخدم الإمارات نفوذها المالي في آسيا الوسطى لتوسيع نفوذها الجيوسياسي، ويعتزم القادة الإماراتيون جعل البلاد لاعباً رئيسياً في التنمية الاقتصادية لجمهوريات آسيا الوسطى، وخاصة كازاخستان، من خلال الاستثمار والتجارة، من ناحية أخرى، قبلت دول آسيا الوسطى حتى الآن إلى حد كبير التواجد المالي للإمارات العربية المتحدة مقابل استثمارات كبيرة، ووفقاً لرؤوف ممادوف، خبير سياسات الطاقة في معهد الشرق الأوسط بالولايات المتحدة، يعتقد مسؤولو آسيا الوسطى أنه يمكن النظر إلى الإمارات العربية المتحدة كنموذج لتحقيق التنويع الاقتصادي بما يتجاوز الهيدروكربونات والنفط، مع تحقيق اندماج ناجح في الاقتصاد العالمي.