الوقت- في لحظةٍ فارقةٍ من تاريخ الصراع مع الاحتلال، ومع ارتفاع الأصوات الحرة في أوروبا، يطلّ وزير مالية الكيان الصهيوني، المتطرف بتسلائيل سموتريتش، بتهديداته الجوفاء ضد فرنسا، محاولًا ثنيها عن اتخاذ خطوة شجاعة طال انتظارها: الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
لكن تهديدات الاحتلال، مهما بلغت حدّتها، لم تعد تُرعب أحدًا، لا في غزة المُحاصرة، ولا في عواصم القرار الأوروبي، حيث بدأت موازين الأخلاق والسياسة تتحرّك باتجاه الحق، ولو متأخرة.
الهلع من الاعتراف… اعتراف بالهزيمة
سموتريتش، أحد رموز الفاشية السياسية في كيان الاحتلال، توعّد بردّ "تصعيدي" في الضفة الغربية، إن أقدمت باريس أو أي من العواصم الأوروبية على الاعتراف بدولة فلسطين. تهديدٌ لا يُخفي حقيقة واحدة: الكيان بات في حالة رعب من أي اعتراف دولي بفلسطين، لأنّه يدرك أن هذه الخطوة تعني نهاية أوهام "السيادة" الزائفة، وانكشاف المشروع الصهيوني أمام العالم.
باريس... هل آن أوان الخروج من الصمت؟
فرنسا، التي طالما تردّدت في كسر جدار الصمت، تبدو اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى اتخاذ موقف تاريخي. مواقف الرئيس ماكرون الأخيرة تعبّر عن إدراك متزايد بأن استمرار الاحتلال، ومنع قيام دولة فلسطينية، يشكّل تهديدًا لا للاستقرار فقط، بل للقيم الأوروبية نفسها.
ومن خلف الكواليس، تتصاعد النقاشات في باريس ومدريد ودبلن وبروكسل، حول خطوة جماعية جريئة: الاعتراف بدولة فلسطين كأمر واقع لا رجعة فيه.
المقاومة تُراقب وتستعدّ
في المقابل، فإن المقاومة الفلسطينية ــ التي أثبتت في كل جولات المواجهة أنها رقم صعب لا يُتجاوز ــ تنظر إلى هذه التطورات بعين اليقظة والحذر، لكنها لا تبني آمالها على مواقف الغرب، بل على يقينها العميق بأن إرادة الشعب أقوى من كل خريطة، وأثبت من كل تحالف.
أيّ تصعيد صهيوني في الضفة لن يُضعف صمود أهلها، بل سيزيدهم تمسّكًا بالحق. وأيّ خطة أمنية، أو عقوبة جماعية، لن تغيّر حقيقة واحدة: فلسطين باقية... والاحتلال زائل.
أوروبا أمام لحظة الحقيقة
إما أن تستسلم أوروبا مرةً أخرى لابتزاز الاحتلال وتهديداته الفارغة، أو تثبت أنها قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة وشجاعة. الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس "منّةً"، بل هو تصحيح لخطأ تاريخي دام أكثر من سبعين عامًا.
الأسابيع المقبلة ستُظهر إن كانت أوروبا ستقف إلى جانب الشعوب المُضطهدة، أم ستبقى رهينة تحالفاتها مع الاحتلال. لكن ما نوقن به في جبهة المقاومة: لا تهديد يرهبنا، ولا اعتراف يُربكنا، فالميدان هو الحكم، والشعوب هي الحاضنة، والزمن ــ مهما طال ــ سيكتب الانتصار باسم فلسطين.