الوقت- في الساعات الأولى من صباح الاثنين، ذكرت وسائل الإعلام الأمريكية أن الرئيس دونالد ترامب أبلغ عن أخبار وشيكة حول نهاية الحرب في قطاع غزة، وحتى بعد الظهر، تم الإعلان عن أن حركة حماس قد عُرض عليها وقف إطلاق نار أمريكي لمدة 60 يومًا. وفي حين أن وسائل الإعلام العبرية خلقت أجواءً متفائلة بشأن ختام المفاوضات وأبلغت عن زيارة وفد تفاوضي إسرائيلي إلى القاهرة، سرعان ما أصبح المشهد غامضًا، حيث أصدرت المصادر الصهيونية تقارير عن اقتراح جديد لوقف إطلاق النار مقدم لـ"إسرائيل". في الوقت نفسه، قال المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكاف إن "إسرائيل" ستوافق، وعلى حماس أن تقبل.
تفاصيل تطورات وقف المفاوضات خلال الأيام الماضية
قالت مصادر مطّلعة على محادثات وقف إطلاق النار في غزة إن المبعوث الأمريكي قدم خطة إلى حماس تتضمن وقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا، يبدأ خلاله في اليوم الأول إطلاق سراح خمسة أسرى إسرائيليين، ويستمر هذا النمط حتى اليوم الستين.
ووفقًا للمصادر، يضمن ترامب وقف إطلاق النار وسحب القوات الإسرائيلية من غزة، وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في يناير الماضي. ويتضمن الاقتراح أيضًا إطلاق عدد معين من السجناء الفلسطينيين، والدخول غير المشروط للمساعدات الإنسانية إلى غزة من اليوم الأول، وبدء محادثات تهدف إلى وقف إطلاق نار دائم.
حماس الذكية ولعبة المفاوضات
كما ذُكر، وافقت حركة حماس على الاقتراح وأبدت تجاوبًا كبيرًا. ومع أن وقف إطلاق النار هذا مؤقت في مرحلته الأولى، إلا أن الوثيقة المقترحة تشير إلى أنه من المفترض أن يُهيّئ الظروف للتفاوض على وقف دائم. ولا يسحب الاقتراح ورقة التفاوض من حماس، حيث ستحتفظ بنصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء إلى جانب جثث القتلى، في مقراتها.
وأعلن مصدر مقرّب من حماس أن الولايات المتحدة تعهدت بقيادة محادثات جدية تؤدي إلى إنهاء تام للحرب، والتأكد من عدم استئناف العمليات العسكرية إذا فشلت المحادثات خلال فترة وقف إطلاق النار. وذكرت وسائل إعلام عبرية أيضًا أن حماس طالبت بضمانات حقيقية من واشنطن لإنهاء الحرب. ومن الواضح أن قبول حماس لخطة ويتكاف لم يكن سهلًا، خاصة بعد الجرائم الوحشية التي ارتُكبت في غزة، ولكن في هذه اللحظة الحرجة، ومع عجز القوى الإقليمية عن إنهاء الحرب، والموقف السلبي للدول العربية، أظهرت حماس تجاوبًا كبيرًا لحماية الشعب الفلسطيني ومنع مزيد من سفك الدماء في حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من 600 يوم.
الغموض والخداع في الموقف الصهيوني
من ناحية أخرى، ادّعى رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب وإبادة جماعية ضد المدنيين الفلسطينيين، أن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من غزة يمثل أولوية قصوى في مجلس الوزراء، معربًا عن أمله بوجود "أخبار جيدة". إلا أن مكتبه أعلن لاحقًا أنه لا يعتزم إصدار أي بيان رسمي، وأن حديثه كان مجرد إشارة إلى الجهود المبذولة.
ونقلت هيئة الإذاعة والتلفزيون في الكيان الصهيوني عن مصادر مطّلعة قولها إنه لم يحدث أي تقدّم في المفاوضات، ولا يُفهم ما قصده نتنياهو بتصريحاته. لاحقًا، صرح مسؤول صهيوني بأن الحكومة لا يمكن أن تقبل اقتراح حماس لوقف إطلاق النار. وفي الوقت ذاته، أفادت وسائل إعلام عبرية بأن جيش الاحتلال دعا إلى تجنيد 450 ألفًا من قوات الاحتياط لمواصلة الحرب، ما يوضح أن الموقف الإسرائيلي من الاقتراح الأمريكي لا يزال غامضًا ومخادعًا.
لماذا يخاف نتنياهو من نهاية الحرب؟
كما تعترف الدوائر العبرية، فإن وقف إطلاق النار طويل الأمد في غزة قد يطيح بحكومة نتنياهو وربما يؤدي إلى انهيار تحالفه. فقد ربط الوزراء المتطرفون مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش استمرارهم في التحالف بالاحتلال الكامل لغزة ومواصلة الإبادة والجوع بحق الفلسطينيين.
وفي كل جولات التفاوض، كان واضحًا أن نتنياهو غير قادر على التحرر من ضغط سموتريتش وبن غفير، لأن انسحابهما من التحالف يعني انهيار الحكومة والدعوة إلى انتخابات جديدة. ومع الاقتراح الأمريكي الجديد، كرّر سموتريتش مطلبه بالاحتلال الكامل لغزة وإنشاء مستوطنات هناك، تزامنًا مع ذكرى احتلال القدس.
لكن ضغط هؤلاء الوزراء ليس السبب الوحيد لرفض نتنياهو. هناك عوامل أخرى:
1. نهاية الحرب تعني نهاية التبريرات التي استخدمها للتغطية على إخفاق السابع من أكتوبر (عملية طوفان الأقصى) وتحميله المسؤولية عنها.
2. مع انتهاء الحرب، يفقد نتنياهو الذريعة الأمنية للهروب من محاكمات الفساد الموجهة ضده.
3. هذه العوامل قد تقوده إلى السجن، أو على الأقل، فرض قيود على تحركاته الخارجية بسبب مذكرة توقيف المحكمة الجنائية الدولية.
غزة ووقف إطلاق النار