الوقت- شهد الكيان الصهيوني في الأيام الأخيرة تصعيداً في التوترات والصراعات السياسية، التي دخلت مرحلة جديدة منذ إثارة قضية بوابة قطر قبل أسابيع.
في حين أن الكشف عن ملفين سياسي وأمني جديدين خلال الأسبوع الماضي وحده أدى إلى اتساع رقعة الصراعات في الأراضي المحتلة.
قضية قطر جيت وإقالة رئيس الشاباك
وتظل قضية "بوابة قطر" وإقالة نتنياهو لرئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) واحدة من أكثر المواضيع سخونة في النزاعات الداخلية بين الصهاينة، ويواصل منتقدو حكومة نتنياهو تركيز هجماتهم على قضية "بوابة قطر".
وفي الأيام الأخيرة، سلط العديد من المسؤولين والمعارضين لنتنياهو الضوء على قضية بوابة قطر باعتبارها تهديداً أمنياً خطيراً لأمن الكيان الصهيوني من خلال العديد من الخطب والتقارير والمقابلات أو المنشورات التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي تقرير مفصل، أشار إسرائيل هيوم إلى التحقيق في أبعاد فضيحة قطر جيت غير المسبوقة، وذكر أن المتهمين في القضية ربما نقلوا معلومات سرية إلى الجانب القطري.
ويواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي أيضاً مساعيه لإقالة رئيس جهاز الشاباك، وحسب معارضيه فإن الدافع الرئيسي وراء هذا الإجراء هو قضية "بوابة قطر"، في المقابل، فإن حكومة نتنياهو، من خلال مهاجمة رئيس الشاباك، تقدمه كأحد المذنبين الرئيسيين في فشل السابع من أكتوبر، والذي فشل في تحمل مسؤوليته.
وذكرت مصادر عبرية في الأيام الأخيرة أن رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) بنيامين نتنياهو ألغى اجتماعا حساسا لمجلس الوزراء الأمني بشأن مستقبل الحرب على غزة، والذي كان من المقرر أن يحضره مسؤولون أمنيون، بما في ذلك رونين بار، وذلك في أعقاب تصاعد التوترات الداخلية في فلسطين المحتلة وتنامي الخلاف بين المسؤولين السياسيين ورونين بار.
وأضافت الوكالة إن قرار إلغاء اللقاء جاء بعد ساعات من إعلان سموتريتش، وزير مالية الكيان، أنه لن يحضر اللقاء في حال حضور رونين بار.
بعد إلغاء الاجتماع، هاجم حزب الليكود أيضًا رونين بار، قائلاً إن رئيس الشاباك، إلى جانب غالي بهارو ميعارة، المحامي القانوني لمكتب رئيس الوزراء، قاما بتحويل أجزاء من الشاباك إلى كيان ظل حكومي خاص لمصالحهما الخاصة.
يُشار إلى أن رونين بار، رئيس جهاز الشاباك، أعلن في الأيام الأخيرة أنه ينوي الاستقالة من منصبه خلال الأسابيع القليلة المقبلة؛ ويأتي هذا القرار وسط تزايد الضغوط والانتقادات الداخلية، وخاصة احتمال إقالته من قبل حكومة الكيان.
قال يائير لابيد، عضو الكنيست الإسرائيلي، عن الحزب التقدمي الاشتراكي، إن "تهرب نتنياهو من المسؤولية وخوفه من قضية "بوابة قطر" كان السبب الحقيقي وراء الإقالة المتسرعة والهيستيرية لرئيس الشاباك"، وأكد: "كل يوم تستمر فيه الحكومة الإسرائيلية الحالية في العمل سيؤدي إلى كارثة جديدة، والثمن لذلك هو أرواح بشرية".
حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك في تصريحات من الوضع الحرج الذي تعيشه مؤسسات الحكومة والجيش وسكان الأراضي المحتلة بسبب تصرفات وسياسات نتنياهو وحكومته، وقال إن بنيامين نتنياهو وضع "إسرائيل" على طريق الدمار وعلى شفا الهاوية، وقال إن الكيان الصهيوني يواجه الآن تهديدات خطيرة لأمنه وبنيته السياسية الداخلية ومكانته الدولية وتضامنه الداخلي.
في نظر إيهود باراك إن مصدر وسبب هذه الأزمة هو نتنياهو نفسه، وهو نفسه الذي يقود هذه الأزمة: "إن الذي دفع إسرائيل إلى حافة الهاوية ويصر على دفعها إلى الوادي ليس سوى نتنياهو، الذي يفعل هذا للهروب من عواقب إخفاقاته، وفقدان السلطة، وقضية قطر جيت، ومحاكماته المستمرة، وفي نهاية المطاف حكم التاريخ".
الكشف عن تسريب معلومات الشاباك
وفي خضم الصراعات الداخلية، كشفت الصحف العبرية الأسبوع الماضي عن ملف أمني جديد، قد يؤدي الكشف عن أبعاده، حسب صحيفة معاريف، إلى زيادة التوترات بين المسؤولين الإسرائيليين.
وحسب التقارير المنشورة، اتُهم موظف في جهاز الأمن العام (الشاباك) بنقل معلومات أمنية إلى صحفيين اثنين ووزير، فيما وصف بأنه خرق أمني كبير، ومن بينهم عميحاي شيكلي، وزير الشؤون اليهودية في الخارج، والصحفيان أميت سيجل من القناة 12 الإسرائيلية، وشاريت أفيتان من صحيفة إسرائيل اليوم.
وبعد الكشف عن هذه القضية التي تعتبر قضية أمنية خطيرة، اندلعت موجة من الهجمات بين الحكومة والمعارضة.
وأشار حزب الليكود الحاكم بأصابع الاتهام إلى معارضي الحكومة، وفي المقابل زعم المعارضون أن الحكومة تحاول المساس بأجهزة الأمن، ونشر نتنياهو تغريدة قوية على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، دعا فيها إلى التحقيق مع رونين بار.
وأشارت صحيفة "هآرتس" في تعليقها على القضية الجديدة إلى أن القصة الجديدة تمثل بداية الانهيار الداخلي لجهاز الشاباك.
تعاون نتنياهو مع حزب عربي ضد حكومة بنت لبيد
وفي الأيام الأخيرة، حاول صحفي صهيوني، في تقرير نشره في صحيفة يديعوت أحرونوت، كشف التعاون المشبوه بين نتنياهو وحزب عربي، ويعد حزب التجمع من الأحزاب العربية المؤيدة لـ"إسرائيل"، وكان نتنياهو قد وصفهم في السابق بأنهم مؤيدون للإرهاب.
وحسب التقرير المنشور، فإن نتنياهو تعاون سراً مع حزب التجمع الوطني الديمقراطي ضد الحكومة في حينه خلال حكومة بينيت-لبيد، وأن الكشف عن هذه القضية أدى إلى موجة هجمات من قبل اليساريين في الكيان الصهيوني، ما زاد من حدة الهجمات ضد نتنياهو.
العصيان في الجيش الصهيوني
ومن بين التحديات الداخلية الرئيسية في الكيان الإسرائيلي، والتي تفاقمت في الأسابيع الأخيرة، قضية جنود الاحتياط والضباط في الجيش الإسرائيلي الذين يرفضون أداء خدمتهم من أجل العودة إلى الحرب في غزة.
حتى الآن، احتج الطيارون والضباط البحريون والاحتياط والعديد من القوات الإسرائيلية الأخرى على استمرار هذه الحرب في ضوء الفشل في تحقيق الأهداف المعلنة، ودعوا إلى إنهائها والإفراج عن الأسرى.
بدأت هذه القضية برسالة احتجاج من أفراد من سلاح الجو التابع للكيان، حيث أفادت وسائل إعلام عبرية بنشر عريضة احتجاج وقعها نحو ألف طيار وعضو سابق واحتياط في سلاح الجو التابع للكيان.
وقد نشرت هذه الرسالة في الوقت الذي أصدر فيه رئيس أركان الجيش تحذيراً شديد اللهجة بشأن هذه القضية، وأعلن قائد سلاح الجو الإسرائيلي أن القوات التي وقعت على العريضة سيتم فصلها من الخدمة، وهو ما أكدته أيضا هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، كما أيد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير المالية سموتريتش ووزير الأمن الداخلي بن جيفر طرد الموقعين على عريضة الاحتجاج.
وزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في تصريح حاد بشأن موجة الاحتجاجات الواسعة داخل جيش الكيان ضد استمرار الحرب في قطاع غزة، أن الرسائل المنشورة التي وقعها ضباط وجنود محتجون "لم يكتبوها هم" بل "كذبة كتبتها مؤسسات ممولة من الخارج".
وهدد أيضا: "أي شخص يشجع على عدم أداء الخدمة العسكرية سيتم فصله من الجيش على الفور"، وتابع نتنياهو مستخدما لغة قاسية، واصفا المتظاهرين بـ"الأعشاب الضارة"، وقال: "هؤلاء الناس يحاولون إضعاف إسرائيل وجيشها، وبذلك فإنهم يشجعون عدونا على ضربنا".
ومع تصريحات نتنياهو التهديدية، تزايدت موجة الاحتجاجات داخل جيش الكيان، وانضم المزيد من الصهاينة إلى هذه الاحتجاجات، لدرجة أن عدد الصهاينة الذين وقعوا حتى الآن على العريضة لوقف الحرب في غزة وصل، حسب مصادر ناطقة بالعبرية، إلى نحو 140 ألف صهيوني، وطالب هؤلاء الأشخاص، وهم في الغالب من العسكريين والأوساط الأكاديمية وعائلات الأسرى الصهاينة، بإنهاء الحرب في غزة وإعادة الأسرى.
ويحذر مسؤولون سياسيون وعسكريون إسرائيليون من أنه إذا استمر الاتجاه الحالي، فإننا سنشهد انهياراً داخلياً في الجيش وفقدان التماسك الداخلي في البنية العسكرية والأمنية.