الوقت- في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، تبرز انتهاكات الكيان الصهيوني لمعاهدة السلام الموقعة بين البلدين مصر والكيان الصهيوني، تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الأخيرة، التي تزعم مخاوفها من تسليح مصر، تكشف عن محاولات لتبرير سياسات عدوانية ورفض الانسحاب من المناطق المحتلة داخل الأرضي الفلسطينية، وخاصة محور فيلادلفيا الحدودي، هذه التصرفات ليست فقط انتهاكًا صارخًا للقوانيين الدولية، بل هي أيضًا استفزاز لمصر التي تعمل على تعزيز قدراتها العسكرية بشكل متوازن، بما يضمن حماية أمنها القومي دون استفزاز الأطراف الأخرى. لكن من جهةٍ أخرى تتصاعد المخاوف من سياسات "إسرائيل" العدوانية.
انتهاكات "إسرائيل" لمحور فيلادلفيا
محور فيلادلفيا، الذي كان من المفترض أن يكون منطقة عازلة بموجب معاهدة السلام، شهد احتلالًا إسرائيليًا متكررًا منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر، رغم مطالبات مصر المتكررة بالانسحاب، تصر "إسرائيل" على البقاء في المحور، ما يعكس انتهاكًا صارخًا لبنود المعاهدة، هذا الرفض ليس إلا استفزازًا لمصر ومحاولة لفرض الأمر الواقع على الأرض، ما يزيد من التوترات في المنطقة.
المخاوف الإسرائيلية المزيفة... محاولات لتبرير العدوانية
تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس الأركان هرتسي هاليفي حول "التهديد الأمني" من مصر تكشف عن مخاوف مزيفة تهدف إلى تضخيم التهديدات، هذه التصريحات، التي تدعي أن مصر قد تنتهك معاهدة السلام، ليست سوى محاولة لتبرير سياسات "إسرائيل" العدوانية وجلب الدعم الدولي لها، في الواقع، إن هذه التصريحات تهدف إلى تشويه صورة مصر.
الرد المصري... التمسك بالسيادة ورفض الإملاءات
الرد المصري على التصريحات الإسرائيلية كان واضحًا وحازمًا، النائب مصطفى بكري أكد أن "إسرائيل" هي التي تنتهك اتفاقية السلام، مشيرًا إلى احتلالها لمحور فيلادلفيا، كما أكد السفير أسامة عبد الخالق، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، أن الدول القوية مثل مصر تحتاج إلى جيوش قوية وقادرة على الدفاع عن أمنها القومي، هذه الردود تعكس تمسك مصر بسيادتها ورفضها لأي إملاءات أو تهديدات من "إسرائيل".
تصعيد التوترات... محاولات إسرائيلية لخلق أزمات
التصريحات الإسرائيلية المتصاعدة، وخاصة فيما يتعلق بمحور فيلادلفيا، تكشف عن محاولات إسرائيلية لخلق أزمات مع مصر، هذه المحاولات تهدف إلى تهيئة الرأي العام الداخلي الإسرائيلي لاستمرار البقاء في المحور وعدم الانسحاب كما هو مقرر، الخبير الاستراتيجي اللواء سمير فرج يرى أن هذه التصريحات محاولة لعدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه في اتفاق هدنة غزة.
مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية... بين التوتر والسلام
رغم التوترات المتصاعدة، يرى الخبراء أن مصر تلتزم بمعاهدة السلام ولن تسمح بانزلاق المنطقة إلى صدام عسكري، السفير محمد العرابي يؤكد أن التصريحات الإسرائيلية تهدف إلى نقل انطباعات خاطئة للعالم الخارجي، بينما يرى اللواء فرج أن التوتر الحالي لن يمس معاهدة السلام، ومع ذلك، فإن استمرار انتهاكات "إسرائيل" قد يهدد مستقبل العلاقات بين مصر والكيان الصهيوني.
الصمت المشبوه تجاه انتهاكات "إسرائيل"
في ظل الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للقوانيين الدولية، يبرز دور المجتمع الدولي، أو بالأحرى صمته المشبوه، كعامل يسمح لـ"إسرائيل" بمواصلة سياساتها العدوانية، فبدلًا من الضغط على "إسرائيل" للالتزام ببنود المعاهدة والانسحاب من محور فيلادلفيا، نجد أن العديد من الدول الغربية تتجاهل هذه الانتهاكات أو تتعامل معها بتساهل، هذا الصمت يعكس ازدواجية المعايير في التعامل مع الصراعات في المنطقة، حيث يتم تبرير انتهاكات "إسرائيل" تحت ذرائع أمنية واهية، ومن الضروري أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في الضغط على "إسرائيل" لاحترام القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة، فاستمرار الصمت لن يؤدي إلا إلى تفاقم التوترات وتهديد السلام الإقليمي.
التسليح المصري... حق مشروع للدفاع عن الأمن القومي
تسليح الجيش المصري ليس ترفًا، بل هو ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات الأمنية في منطقة مليئة بالصراعات، مصر، كدولة ذات حدود طويلة مع دول تعاني من عدم استقرار، تحتاج إلى جيش قوي ومجهز بأحدث الأسلحة للدفاع عن أمنها القومي، التصريحات الإسرائيلية التي تساءلت عن سبب حاجة مصر إلى غواصات ودبابات تكشف عن محاولة لإملاء شروط على القاهرة، وهو ما ترفضه مصر بشكل قاطع.
اللواء سمير فرج يؤكد أن مصر لم تنتهك معاهدة السلام، بل إن تسليحها يهدف إلى تحقيق التوازن الاستراتيجي في المنطقة، ففي ظل التهديدات الإرهابية والتحديات الأمنية المتزايدة، لا يمكن لمصر أن تعتمد على ضمانات خارجية لحماية أمنها، التسليح المصري هو حق مشروع، وكل محاولة لتقويض هذا الحق هي انتهاك لسيادة مصر واستقلالها.
المخاوف الإسرائيلية... بين المبالغة والقلق الحقيقي
تصريحات المسؤولين الإسرائيليين حول تسليح مصر تثير تساؤلات حول مدى جدية هذه المخاوف: هل هي مجرد مبالغة لخلق ذرائع لسياسات عدوانية، أم إنها تعكس قلقًا حقيقيًا؟ في الواقع، الإجابة تكمن في فهم طبيعة التوازنات الإقليمية والأهداف الإسرائيلية.
من ناحية، يمكن اعتبار هذه المخاوف مبالغة، وخاصة في ظل عدم وجود أي تهديد حقيقي من مصر تجاه "إسرائيل"، مصر، التي التزمت بمعاهدة السلام لعقود، لم تشن أي هجمات ضد "إسرائيل"، بل كانت دائمًا طرفًا يدعو إلى الاستقرار، التصريحات الإسرائيلية، مثل تلك التي تساءلت عن سبب حاجة مصر إلى غواصات ودبابات، تبدو محاولة لتشويه صورة مصر وإظهارها كطرف معادٍ، رغم أن تسليح الجيش المصري هو إجراء دفاعي بحت لمواجهة التحديات الأمنية في منطقة مليئة بالصراعات.
ولكن من ناحية أخرى، يمكن أن تعكس هذه المخاوف قلقًا حقيقيًا لدى "إسرائيل"، وخاصة في ظل التطورات العسكرية المصرية المتقدمة، مصر، التي تمتلك واحدة من أقوى الجيوش في المنطقة، أصبحت قادرة على تحقيق توازن استراتيجي مع "إسرائيل"، وهو ما يهدد التفوق العسكري الإسرائيلي المطلق في المنطقة. "إسرائيل"، التي اعتادت على التفوق العسكري والسياسي، قد ترى في التطورات المصرية تهديدًا لسيادتها، وخاصة إذا ما تم استخدام هذه القوة لفرض مطالب سياسية أو حدودية.
السبب الحقيقي وراء هذه المخاوف يكمن في رغبة "إسرائيل" في الحفاظ على تفوقها العسكري والسياسي في المنطقة، فـ"إسرائيل"، التي تعتمد على التفوق العسكري كأداة رئيسية لفرض سياساتها، ترى في أي تطور عسكري مصري تهديدًا لهذا التفوق، لذلك، فإن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين ليست فقط محاولة لتبرير سياساتهم العدوانية، بل هي أيضًا تعبير عن قلق حقيقي من فقدان التفوق العسكري الذي اعتادت عليه.
استراتيجية مصر في مواجهة المخاوف الإسرائيلية
في مواجهة المخاوف الإسرائيلية المبالغ فيها أحيانًا والحقيقية أحيانًا أخرى، تتبنى مصر استراتيجية واضحة تقوم على الحكمة والقوة، فمن ناحية، تؤكد القاهرة التزامها بمعاهدة السلام مع "إسرائيل"، وتحرص على عدم الانجرار إلى صراعات قد تهدد الاستقرار الإقليمي، ومن ناحية أخرى، تحرص مصر على تعزيز قدراتها العسكرية بشكل متوازن، بما يضمن حماية أمنها القومي دون استفزاز الأطراف الأخرى.
مصر تدرك أن التسليح ليس هدفًا في حد ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق التوازن الاستراتيجي في منطقة مليئة بالتحديات، ففي ظل التهديدات الإرهابية في سيناء، والأزمات الأمنية في ليبيا، والتوترات في منطقة القرن الأفريقي، تحتاج مصر إلى جيش قوي وقادر على مواجهة هذه التحديات، هذا التسليح ليس موجهًا ضد "إسرائيل"، بل هو إجراء دفاعي ضروري لضمان أمن مصر وسيادتها.
علاوة على ذلك، تتعامل مصر بحكمة مع التصريحات الإسرائيلية المثيرة للجدل، فبدلًا من الانجرار إلى حرب كلامية أو تصعيد عسكري، تفضل القاهرة الرد عبر القنوات الدبلوماسية والمحافل الدولية، الردود الرسمية المصرية، مثل تلك التي أطلقها السفير أسامة عبد الخالق في الأمم المتحدة، تؤكد حق مصر في تسليح جيشها، وتكشف عن النوايا الحقيقية وراء التصريحات الإسرائيلية.
في الختام ، يتضح أن التوترات المتصاعدة بين مصر و"إسرائيل" ليست سوى نتيجة لانتهاكات الكيان الصهيوني المتكررة لمعاهدة السلام، وخاصة في ما يتعلق بمحور فيلادلفيا والتصريحات الاستفزازية حول تسليح مصر، هذه التصرفات تعكس ازدواجية المعايير الإسرائيلية ومحاولاتها المستمرة لخلق ذرائع لسياساتها العدوانية.
مصر، من جانبها، تثبت مرة أخرى أنها لن تسمح بانتهاك سيادتها أو تهديد أمنها القومي، التزام مصر بمعاهدة السلام لا يعني التنازل عن حقوقها، بل هو تعبير عن رؤية استراتيجية تقوم على تحقيق التوازن بين الحفاظ على السلام وتعزيز الأمن، مصر تتعامل مع هذه التحديات بحكمة وقوة، مستخدمة كل الأدوات الدبلوماسية والعسكرية لضمان تحقيق مصالحها الوطنية، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته في مواجهة انتهاكات "إسرائيل"، والضغط عليها لاحترام القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة.
السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الاحترام المتبادل والالتزام بالعدالة، مصر، التي كانت دائمًا ركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط، ستواصل دورها في الدفاع عن السلام، ولكنها لن تتردد في حماية أمنها وسيادتها ضد أي تهديدات أو استفزازات.