الوقت- بينما يستقبل ملايين المسلمين حول العالم شهر رمضان بالأضواء الملونة والأعياد المليئة بالبركات، تبدأ غزة رمضانها الثاني بعد حرب مدمرة، في حين لا تزال تعاني من أزمات الغذاء والمأوى، يتم الاحتفال بهذا الشهر الفضيل وسط مخاوف بشأن مصير وقف إطلاق النار الهش بين "إسرائيل" وحماس.
أهالي غزة يستقبلون رمضان على أنقاض منازلهم وفي خيام مؤقتة، مصابين بجراح الحرب، ويأملون أن يكون هذا الشهر الفضيل بلسمًا لقلوبهم المتألمة وشفاء حزن فقدان أحبائهم وبيوتهم.
ومع استمرار أزمة المياه والكهرباء ونقص الغذاء، لا تزال الظروف المعيشية صعبة، وتظهر طوابير طويلة أمام المخابز وشاحنات المياه والمراكز الخيرية، ويحمل الكثيرون الماء بالدلاء اليدوية، رغم التعب والصيام.
ومن ناحية أخرى، إذا كان الصيام بالنسبة لمعظم المسلمين فرصة للشعور بالتعاطف مع الجائعين والفقراء لمدة شهر، بالنسبة لأهل غزة الذين ناضلوا من أجل البقاء تحت القصف والحصار الكامل والمجاعة لمدة 16 شهرا صعبا ومؤلما، فإن صيام شهر رمضان مثل بقية أيام السنة.
هذا الشهر مخصص للأمهات الثكالى اللاتي فقدن أطفالهن بسبب قطعة خبز، أو أولئك الذين ماتوا جوعا، أو قتلوا في مجازر وحشية.
على سبيل المثال، تعيش الفلسطينية "سمارة ناواره" في خيمة بأحد الملاجئ غرب مدينة غزة، ولم تكن محاولتها إعداد طعام السحور في الليلة الأولى من شهر رمضان المبارك سهلة، لأنها استيقظت في الساعة الثانية صباحا وحاولت إشعال النار أمام الخيمة، لكن الريح الباردة أطفأت النار قبل أن تضع أوراق الشجر داخل الموقد.
وبعد محاولتها دون جدوى لمدة 20 دقيقة تقريبا، طلبت ناواره من ابنها محمد (15 عاما) المساعدة في إشعال النار، لكنه واجه مشاكل أيضا بسبب ذلك، وطلب من والدته التوقف عن المحاولة، وقال: "خلاص، لا تأكل سحور اليوم"، لكن فجأة تصاعد الدخان من الموقد ونجحت والدته في تحضير الطعام.
وبينما كان ناواره على وشك الانتهاء من إعداد الطعام، واجه مشكلة جديدة وغير متوقعة، إذ بدأ المطر يهطل بغزارة فجأة، وتقول لـ"العربي الجديد"، "لم أستطع دخول الخيمة دون أن أنهي وجبة السحور، فجلست أمام النار لدقائق حتى انتهت بينما أقوم بتجفيف ملابسي".
رغم المشاكل العديدة، أدى العشرات من الأهالي، ليلة الجمعة، صلاة التراويح تحت خيمة بلاستيكية نصبت على أعمدة خشبية في مجمع المسجد العمري بمدينة غزة.
حتى أن عدداً من محلات الحلويات والمراكز التجارية أعيد افتتاحها مع حلول شهر رمضان المبارك، وحاول الناس بشكل عفوي وبالتعاون مع بعض الشركات التجارية إزالة الأنقاض من أجل الجمال البصري للمدينة في شهر رمضان.
وبينما يمكن رؤية بعض مظاهر الزينة الرمضانية في بعض مناطق مدينة غزة، لكن مع حلول ساعات المساء مع غياب الكهرباء، تسود أجواء الحرب على المدينة من جديد، وبهذا لا تتم العادات القديمة والزيارات العائلية،
وعلى الرغم من هذه الظروف الصعبة، يواصل سكان غزة الترحيب بشهر رمضان، على أمل مستقبل أفضل وسلام دائم، ويأمل أهالي غزة أن يعم الأمن والأمان والسلام في شهر رمضان بعد الحرب المدمرة التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى ودماراً غير مسبوق في القطاع المحاصر.