الوقت- في ظل استمرار الوجود الإسرائيلي في قطاع غزة، تواصل المقاومة الفلسطينية ممثلة بحركة حماس تمسكها بثوابتها الوطنية وعدم السماح للجانب الإسرائيلي بالتهرب من التزاماته، جاء الرد الحاسم من حماس بعد إعلان "إسرائيل" قبولها لوقف إطلاق النار بشروط مبهمة تهدف إلى تمديد المرحلة الأولى دون الانتقال إلى المرحلة الثانية، وهو ما اعتبرته الحركة خداعًا واضحًا يهدف إلى كسب الوقت وتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية على الأرض.
حماس ترفض المناورة الإسرائيلية
أكدت حركة حماس رفضها القاطع للمقترح الإسرائيلي الأمريكي القاضي بتمديد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار دون الدخول في المرحلة الثانية، ووفقًا لمحمود مرداوي، أحد القيادات البارزة في حماس، فإن الطريقة الوحيدة لتحرير السجناء الصهاينة تكمن في تنفيذ الاتفاق بالكامل، بما يشمل الدخول الفوري في المرحلة الثانية، التي تتضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وانسحاب الاحتلال من قطاع غزة، وإعادة إعمار ما دمره العدوان.
وأضاف محمود مرداوي إن "إسرائيل" تسعى لكسب الوقت عبر تجديد المرحلة الأولى، دون تنفيذ الاستحقاقات المنوطة بها، وهو ما يعتبر خرقًا واضحًا للاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة دولية.
التنصل الإسرائيلي من الالتزامات ورفض المرحلة الثانية
أشارت وسائل الإعلام العبرية إلى أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو تتراجع عن تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، وهو ما يثبت مجددًا سياسة المماطلة الإسرائيلية التي لطالما اتبعتها تل أبيب في محادثات التهدئة، وكانت "إسرائيل" قد وافقت في اجتماع أمني مطول على المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار المؤقت خلال شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي، إلا أن بنود الاتفاق لم تتضمن أي ضمانات واضحة بشأن التنفيذ الفعلي للمرحلة الثانية.
في المقابل، اعتبرت المقاومة الفلسطينية أن هذه الممارسات الإسرائيلية تهدف إلى الالتفاف على مطالبها العادلة، مؤكدين أن المرحلة الثانية يجب أن تنفذ بالكامل دون مماطلة أو تحريف، ووفقًا للمفاوضات التي جرت سابقًا، فإن هذه المرحلة تشمل إطلاق سراح المزيد من الأسرى الفلسطينيين مقابل الإفراج عن السجناء الإسرائيليين، بالإضافة إلى التوصل إلى اتفاق طويل الأمد لوقف إطلاق النار.
حماس تحذر... لا مجال للالتفاف على الاتفاق
حذرت حماس من أن أي محاولة إسرائيلية للتهرب من تنفيذ المرحلة الثانية ستؤدي إلى استئناف المواجهات على نطاق واسع، مؤكدة أن المقاومة الفلسطينية مستعدة للرد بحزم على أي خرق أو تلاعب بالاتفاق، كما شددت الحركة على أن أي وقف إطلاق نار يجب أن يكون دائمًا وشاملًا، مع ضمان انسحاب الاحتلال من قطاع غزة بالكامل.
وفي ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في مناوراته السياسية، يبقى الموقف الفلسطيني ثابتًا وواضحًا: لا مجال للمساومة على حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى "إسرائيل" أن تتحمل مسؤولية أفعالها وتفي بالتزاماتها في إطار أي اتفاق يتم التوصل إليه، فالمقاومة مستعدة لكل السيناريوهات، ولن تسمح بأي حال من الأحوال بإعادة إنتاج خداع جديد تحت غطاء مفاوضات غير مثمرة.
تصعيد محتمل وردود فعل دولية
مع تصاعد التوتر في المنطقة، تبقى جميع السيناريوهات مفتوحة، وخصوصًا في ظل استمرار المناورات السياسية الإسرائيلية، وتشير التقارير إلى أن المجتمع الدولي يراقب التطورات عن كثب، حيث تدعو بعض الدول إلى ممارسة ضغط أكبر على "إسرائيل" للالتزام بتعهداتها، بينما تحذر أطراف أخرى من تداعيات استمرار الاحتلال في سياساته العدوانية.
من جهة أخرى، شددت حماس على أن أي فشل في تنفيذ المرحلة الثانية سيدفع بالمقاومة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة على الأرض، حيث أكدت أن تأخير التنفيذ لن يكون في مصلحة الاحتلال، كما أشارت إلى أن فصائل المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي إذا استمرت "إسرائيل" في خداعها السياسي ومراوغتها.
حقوق الشعب الفلسطيني... خط أحمر لا يمكن تجاوزه
في خضم التطورات المتسارعة، يبقى الموقف الفلسطيني واضحًا وصلبًا لا تنازل عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، فحركة حماس، كممثل للمقاومة الفلسطينية، تؤكد أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار يجب أن يكون شاملًا ودائمًا، وأن يتضمن انسحابًا كاملاً للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
هذا الموقف الثابت يأتي في إطار رفض أي محاولة إسرائيلية للالتفاف على مطالب الفلسطينيين العادلة، والتي تشمل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين مقابل السجناء الإسرائيليين، وضمان وقف دائم لإطلاق النار، كما أن حماس تحذر من أن أي محاولة لتأخير تنفيذ هذه المطالب ستواجه برد قوي وحاسم من المقاومة الفلسطينية، وبالتالي، فإن حقوق الشعب الفلسطيني ليست موضوعًا للمساومة، بل هي خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وعلى "إسرائيل" أن تدرك أن استمرار سياسة المماطلة لن يؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد، ولن يحقق أي استقرار دائم في المنطقة
دور الوساطة... بين النوايا والتنفيذ
في خضم الأزمة المستمرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، يبرز دور الوساطة الدولية كعامل حاسم في تحديد مسار المفاوضات، وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل بعض الدول والمنظمات الدولية لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، إلا أن الفجوة بين النوايا المعلنة والتنفيذ الفعلي تظل واسعة.
فالوساطة الدولية، وإن كانت تهدف إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة، تواجه تحديًا كبيرًا في فرض التزامات واضحة على "إسرائيل"، وخاصة في ظل سياسة المماطلة التي تتبعها حكومة نتنياهو، وفي المقابل، تظهر حركة حماس استعدادًا للتعاون مع أي وساطة جادة تضمن تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني، لكنها تشدد على أن أي وساطة يجب أن تكون عادلة ولا تنحاز لطرف على حساب الآخر.
لذا، فإن نجاح الوساطة الدولية في هذه المرحلة الحساسة يتوقف على قدرتها على ممارسة ضغوط حقيقية على "إسرائيل" للوفاء بالتزاماتها، وفي الوقت نفسه، ضمان تحقيق مطالب الفلسطينيين بشكل عادل وشامل، فهل ستتمكن هذه الوساطة من تجاوز التحديات وتحقيق اختراق حقيقي نحو السلام؟
في الختام، يظل الوضع في قطاع غزة متوترًا مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في سياساته القائمة على التسويف والمراوغة، ما يزيد من تعقيد الأزمة ويُبقي المنطقة على حافة الهاوية، فـ"إسرائيل"، ومن خلال سياساتها المماطلة، تحاول كسب الوقت لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية على الأرض، دون الالتزام الحقيقي ببنود الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بوساطة دولية، هذه السياسة لا تؤدي فقط إلى تفاقم معاناة الشعب الفلسطيني، بل تهدد أيضًا بإعادة إشعال المواجهات العسكرية التي لن تكون في مصالح أي من الأطراف.
من جهتها، تبرز حركة حماس كلاعب رئيسي في هذه المعادلة المعقدة، حيث تؤكد على أن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يكون شاملًا ودائمًا، وأن يتضمن ضمانات حقيقية لتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني، بما في ذلك انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، هذا الموقف الثابت يعكس إصرار المقاومة الفلسطينية على حماية حقوق شعبها وعدم السماح بإعادة إنتاج خداع جديد تحت غطاء مفاوضات غير مثمرة.
وفي ظل تصاعد الضغوط الدولية لإنهاء العدوان، يبقى السؤال الأهم: هل ستلتزم "إسرائيل" بالاتفاق وتتخلى عن سياسة المماطلة، أم إن المقاومة الفلسطينية ستجد نفسها مضطرة للرد عسكريًا لحماية مصالح الشعب الفلسطيني؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مسار الأحداث القادمة، سواء كانت نحو السلام أو نحو تصعيد جديد.
لذا، فإن مستقبل غزة يبقى رهنًا بمدى التزام المجتمع الدولي بفرض ضغوط حقيقية على "إسرائيل" للوفاء بالتزاماتها، وفي الوقت نفسه، بمدى قدرة المقاومة الفلسطينية على الحفاظ على وحدتها واستعدادها لمواجهة أي سيناريو محتمل، ففي النهاية، السلام الحقيقي لن يتحقق إلا من خلال العدالة والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، وليس من خلال المماطلة والمراوغة.