الوقت - في أعقاب ما أثاره الكشف عن المدن الصاروخية والبحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني في بطون الأرض من دوي إعلامي هادر، أماط سلاح البحرية في الحرس الثوري اللثام عن درة تاج أسطوله البحري، السفينة "الشهيد بهمن باقري"، مقرونةً بإنشاء قاعدة بحرية متعددة المهام تشقّ عباب المحيط بعزم وإصرار.
وتتجسد في هذه الخطوة الاستراتيجية من قبل القوات المسلحة الإيرانية، ليس فقط ذروة الإنجازات الإيرانية في مضمار القتال البحري، بل تمثّل أيضاً صرحاً شامخاً في منظومة الردع المتكامل إزاء المستجدات الإقليمية الراهنة، ورسالةً بليغةً تخاطب تهديدات القوى الخارجية وتدخلاتها بلغة الحزم والاقتدار.
في تجلٍ باهر لقدرات هذه السفينة البحرية الفريدة، تنبثق خصائصها الفذة في إطلاق أسراب المسيّرات بضربة واحدة، متزامنةً مع مقدرتها الفائقة على شن الضربات الصاروخية. وهي تحفة بحرية متقدمة تزخر بتجهيزات متطورة تؤهلها لخوض غمار الاستطلاع والإغاثة، وتنفيذ المهام الدفاعية والهجومية، ناهيك عن دورها المحوري في الإسناد البحري.
وتتألق هذه السفينة بقدراتها الاستثنائية على احتضان سرب من المسيّرات الحربية والطائرات المروحية والزوارق الخاطفة والصواريخ المجنحة الفتاكة المضادة للسفن. وقد أبدع مصمموها في ابتكار منظومة إقلاع للمسيّرات عبر منصة منحدرة بارعة التصميم، بينما يتم استقبالها على مدرج جانبي مبتكر، مهيأ لاحتضان المسيّرات المجهزة بمنظومة هبوط متطورة. كما زُودت السفينة بمصعد متطور يتولى نقل المركبات الجوية بسلاسة فائقة.
وخلال مراسم إلحاق السفينة الحربية "الشهيد باقري" بالأسطول الإيراني، صرح اللواء باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، معلناً: "سيتواصل هذا النهج، وسنقيم من القواعد البحرية المماثلة ما يلبي احتياجاتنا. وستنتشر هذه القواعد في المرحلة الأولى في بحر عُمان والمحيط الهندي، ثم في مختلف أرجاء العالم، لحماية مصالحنا البحرية وممراتنا المائية وأساطيلنا البحرية، ولتأمين تجارتنا البحرية".
وبحسب اللواء باقري، فقد تجلت صور الإنجاز في انضمام قدرات متنوعة إلى صفوف القوة البحرية للجيش وحرس الثورة، وأسراب المسيّرات، وشتى المجالات الأخرى، مما أضفى على القوات المسلحة الإيرانية قدرات جديدة فريدة. وقد شهدت الساحة مناورات متعددة وستشهد المزيد، لتكون شاهداً حياً على قدرات القوات المسلحة الإيرانية وأهبتها الدائمة.
وأكد اللواء باقري، مشدداً على الجاهزية المتصاعدة للقوات المسلحة في الذود عن حياض الوطن، قائلاً: "لقد تلقى أعداؤنا الرسائل الواضحة، وأدركوا تمام الإدراك أن جاهزيتنا للدفاع عن الوطن تزداد رسوخاً يوماً بعد يوم، وأن أي تهديد يُوجّه إلى إيران، لن يجد له صدى مؤثراً أو معنى فاعلاً".
وفي السياق ذاته، كشف العميد علي رضا تنکسيري، قائد القوة البحرية للحرس الثوري الإيراني، أن هذه السفينة الحربية هي حاملة مسيّرات متطورة. وقد تجاوز مدى إبحار السفينة "الشهيد باقري" نظيرتها "الشهيد مهدوي"، متخطياً تسعة عشر ألف ميل بحري. وتمتاز السفينة "الشهيد بهمن باقري"، إضافةً إلى احتضانها مجموعةً بحريةً متكاملةً، بمدرج إقلاع وهبوط يمتد لمسافة مائة وثمانين متراً، يتيح للطائرات الإقلاع منه والتحليق في الأجواء، والعودة للهبوط عليه بكل يسر واقتدار".
لم يغب عن أنظار وسائل الإعلام ذلك الاستعراض المهيب لقدرات القوات المسلحة الإيرانية، وما شهده الأسطول البحري من إلحاق منظومات تسليحية حديثة، مما أثار موجةً واسعةً من ردود الفعل على الساحة الدولية.
وفي هذا المضمار، تناولت منصة "جلوبال ديفنس نيوز" العسكرية التحليلية في أحدث تقاريرها السفينة الحربية "الشهيد باقري" حاملة المسيّرات، واصفةً إياها بأنها باكورة السفن الإيرانية متعددة المهام، والتي صُممت خصيصاً لمواجهة الوجود الأجنبي في مياه المنطقة.
وأشار التقرير إلى أن هذه السفينة الحربية قد صُممت لتكون منصةً متكاملةً لاستضافة المسيّرات والمروحيات والمنظومات الصاروخية. وأضاف التقرير: "نظراً لما تتمتع به السفينة الحربية "الشهيد باقري" من مدى تشغيلي واسع وقدرة تحمل فائقة في المهام طويلة المدى، فمن المتوقع أن تؤدي دورها الحيوي في المناطق البحرية الاستراتيجية. ويأتي إلحاق هذه السفينة في إطار المساعي الإيرانية الرامية إلى توسيع نطاق عملياتها البحرية، وتعزيز سيطرتها على مياه المنطقة".
کذلك، تناولت مجلة "نافال نيوز" (النشرة الرسمية للبحرية الملكية البريطانية) هذا الموضوع في تقرير خاص، حيث أوردت: "إن انضمام هذه السفينة إلى أسطول القوة البحرية للحرس الثوري الإيراني، يُعد خطوةً جوهريةً في تعزيز القدرات الدفاعية والردعية الإيرانية في المياه البعيدة، وفي الوقت نفسه يسهم في صون المصالح الوطنية الإيرانية. ووفقاً للتقارير المتوفرة، فإن هذه السفينة الحربية مزودة بمنظومات دفاع جوي قصيرة ومتوسطة المدى، ومعدات جمع معلومات استخباراتية، وبرج مراقبة جوية متطور".
وفي السياق ذاته، أفادت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية قائلةً: "كشفت إيران النقاب عن أول سفينة حربية حاملة للمسيّرات في تاريخها، وهي سفينة قادرة على العمل في محيطات نائية بعيداً عن أراضيها الرئيسية".
وفي هذا الصدد، كتب موقع "أوراسيا تايمز": "يمكن وصف الكشف عن السفينة الحربية حاملة المسيّرات "الشهيد باقري"، بأنه إنجاز عسكري كبير لدولةٍ تخضع لعقوبات دولية. وتنضم هذه السفينة إلى قائمة طويلة من المنظومات التسليحية التي كشفت عنها إيران مؤخراً، لتعزيز قدراتها الردعية في مواجهة عدوها الرئيسي، إسرائيل".
بدورها أوردت وكالة "المونيتور" في تقرير لها: "تُعد السفينة الحربية حاملة المسيّرات "الشهيد باقري"، أحدث إنتاج محلي ينضم إلى الترسانة العسكرية الإيرانية المتنامية. فمنذ سنوات عديدة، تعكف إيران على تعزيز قدراتها العسكرية المحلية. وفي هذا السياق، صرّح حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني قائلاً: إن إيران لا تشكّل تهديداً لأي دولة، لكننا في المقابل لن نحني رؤوسنا أمام تهديدات أي قوة".
وذكر موقع "ذا وور زون" التحليلي في تقرير له: "كان وجود المسيّرة "قاهر 313" على متن السفينة الحربية "الشهيد باقري"، من أبرز النقاط التي استرعت اهتمام الموقع التحليلي".
وفي السياق ذاته، كتبت وكالة "رويترز" في تقرير حول السفينة الحاملة للمسيرات "الشهيد باقري": "في خضم المناورات العسكرية الممتدة من أوائل يناير حتى مطلع مارس، كشفت القوات المسلحة الإيرانية عن أسلحة جديدة، حيث تستعد طهران لمزيد من التوترات مع إسرائيل والولايات المتحدة في فترة رئاسة دونالد ترامب. وتتميز هذه السفينة عن السفن الحربية السابقة للحرس الثوري، بقدرتها على دعم مسيّرات أكبر حجماً مثل "قاهر 313"."
وقد حظيت الخطوة الطموحة للحرس الثوري الإيراني بتغطية واسعة في وسائل الإعلام الصهيونية. فقد تناولت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية في تقرير لها، الكشف عن السفينة الحربية حاملة المسيّرات "الشهيد باقري"، وبعد استعراض مختلف مميزات هذا الإنجاز العسكري الإيراني الجديد، أشارت إلى كونه "أكبر مشروع عسكري بحري في تاريخ الجمهورية الإسلامية". كما سلّط التقرير الضوء على تطور القدرات والتقنيات الإيرانية في مجال المسيّرات، وتعزيز الردع في مواجهة تل أبيب.
وأكدت "تايمز أوف إسرائيل" في تقريرها، أن "إيران قد أجرت عدة مناورات عسكرية استعراضية منذ عودة دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، الذي اتبع سياسة "الضغط الأقصى" ضد طهران خلال فترة رئاسته الأولى".