الوقت- منذ نشأته، لم يتوان الكيان الصهيوني عن مراقبة الجيوش العربية والإسلامية عن كثب، بل جعلها تحت مجهره الدائم، إدراكًا منه أن هذه الجيوش تشكل تهديدًا وجوديًا له، لطالما سعى الكيان الصهيوني إلى إضعاف هذه الجيوش بشتى الطرق، إما عن طريق الحروب المباشرة أو عن طريق بث الفتن والنزاعات الداخلية.
وفي هذا السياق، نرى أن الكيان الصهيوني هو المستفيد الوحيد من تدمير الجيوش العربية، حيث يضمن ذلك تفوقه العسكري وهيمنته في المنطقة، وما الحملات الشرسة التي شنها على دول مثل سوريا واليمن إلا دليل على ذلك، ففي سوريا مثلاً، لم يتوان الكيان الصهيوني عن إلقاء مئات الآلاف من الأطنان المتفجرة لتدمير البنية التحتية للجيش السوري، بهدف إضعافه وإخراجه من المعادلة.
أما تصريحات قادة الكيان الصهيوني الأخيرة حول الجيش المصري، والتي أثارت تساؤلات كثيرة، فهي تعكس مدى خوف هذا الكيان من تنامي قوة الجيش المصري، الذي يعتبر جيشاً كبيراً في المنطقة.
إن هذه التصريحات، التي جاءت على لسان مسؤولين رفيعي المستوى في تل أبيب، تكشف عن قلق الكيان الصهيوني من أي قوة عسكرية عربية يمكن أن تشكل تهديدًا له، وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا يخشى الكيان الصهيوني من الجيوش العربية والإسلامية؟ ولماذا يسعى دائمًا إلى إضعافها؟للإجابة على هذه الأسئلة، يجب أن ندرك أن الكيان الصهيوني، الذي قام على أسس استعمارية، يرى في أي قوة عربية أو إسلامية تهديدًا لوجوده، لذلك يسعى دائمًا إلى إضعاف هذه القوى بشتى الطرق.
"إسرائيل" تُحذّر من تنامي قوة الجيش المصري وتُطالب واشنطن بإعادة النظر في دعمها
في تصريح نادر وغير معهود، عبّر السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، عن قلق كيانه من تنامي الترسانة العسكرية للجيش المصري، وتساءل عن دوافع القاهرة لإنفاق مئات الملايين من الدولارات على معدات عسكرية حديثة.
وخلال حديث لإذاعة "كول براما" نقلته صحيفة "جيروزاليم بوست"، ربط دانون بين مخاوفه بشأن مصر وهجوم السابع من أكتوبر الذي شنته حركة "حماس" على "إسرائيل"، مؤكداً على ضرورة مراقبة مصر عن كثب والاستعداد لكل السيناريوهات، على حد تعبيره.
وتساءل دانون عن سبب حاجة مصر لكل هذه الغواصات والدبابات، رغم أنها لا تواجه أي تهديدات على حدودها، على حد زعمه، كما أشار إلى دور واشنطن في تزويد مصر بالسلاح، وحثّها على "إعادة النظر" في هذا الأمر، قائلاً: "علينا أن نسأل الولايات المتحدة لماذا تحتاج مصر كل هذه المعدات؟".
ويُعدّ هذا التصريح هو الأول من نوعه لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، حيث يُثير تساؤلات علنية حول التوسع العسكري المصري.
تجدر الإشارة إلى أن مصر تمتلك شراكات دفاعية متنوعة تسمح لها بشراء أسلحة متطورة من الولايات المتحدة ودول أوروبية، وروسيا والصين في الوقت نفسه، كما تصنع القاهرة عدة أنواع من المعدات والذخائر محلياً.
وترتبط مصر و"إسرائيل" بمعاهدة سلام منذ عام 1979، وكانت أول دولة عربية توقع اتفاقاً للسلام مع "إسرائيل"، وقد شهدت العلاقات الثنائية بين الجانبين محطات من الهدوء والتوتر، عقب أربع مواجهات عسكرية في 1948 و1956 و1967 و1973.
"السلام البارد" بين مصر و"إسرائيل": هل يشهد تحولاً؟
لطالما وُصف السلام الذي رعته الولايات المتحدة بين القاهرة وتل أبيب بأنه "سلام بارد"، إذ انحصرت أغلب مظاهره على المستوى الرسمي بين البلدين، وعلى الرغم من الوساطة المصرية الناجحة في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، إلا أن العلاقات بين البلدين لا تزال تشوبها مخاوف متبادلة وتصعيد محتمل.
توترات متزايدة ومخاوف التهجير القسري
أدت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة إلى توتر كبير في العلاقات المصرية الإسرائيلية، حيث أدانت القاهرة بشدة استهداف المدنيين الفلسطينيين في القطاع، واحتجت على دخول القوات الإسرائيلية منطقة "محور فيلادلفيا"، معتبرة ذلك إخلالاً باتفاقية السلام بين البلدين.
كما حذّرت من سعي آلة الحرب الإسرائيلية لدفع سكان القطاع نحو الحدود المصرية ،وقد زادت تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، من مخاوف القاهرة من سيناريو "تهجير" سكان غزة، بعد أن دعا علناً لنقلهم إلى مصر والأردن، وهي التصريحات التي قوبلت بالرفض القاطع من قبل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وملك الأردن، عبد الله الثاني.
تصعيد محتمل
في ظل هذه التوترات المتزايدة، يخشى الكثيرون من أن يشهد المستقبل تصعيداً في العلاقات المصرية الإسرائيلية، وخاصة مع استمرار الخلافات حول العديد من القضايا، مثل القضية الفلسطينية والتدخلات الإقليمية، على الرغم من أن "السلام البارد" لا يزال هو الوضع القائم بين مصر و"إسرائيل"، إلا أن التوترات المتزايدة والمخاوف المتبادلة تنذر بمستقبل غامض، فهل تنجح الدبلوماسية في احتواء هذه التوترات ومنع التصعيد؟ أم إن المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة من الصراع؟
مصر تؤكد جاهزيتها للدفاع عن حدودها
مصر وفي تصريحات قوية، أكد مسؤولون مصريون جاهزية القوات المسلحة للدفاع عن حدود البلاد، وربطوا السلام مع "إسرائيل" بتلبية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، فقد صرح وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، بأن القوات المسلحة المصرية في كامل جاهزيتها للدفاع عن الحدود، مشيراً إلى أن "سلام إسرائيل مرهون بتلبية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".
وأضاف: "لا تهاون فيما يتعلق بالحدود المصرية، ونحن نتابع باستمرار جاهزية قواتنا المسلحة، لن يجرؤ أحد على المساس بالسيادة المصرية، لأنه يعلم مدى صرامة الرد المصري، والذي سيكون قاسياً للغاية في حالة حدوث أي تهديد للأمن القومي"، كما اعتبر عبد العاطي أن "التظاهر بالغطرسة والقوة لم، ولن يحقق لإسرائيل الأمن والاستقرار"، مضيفاً إن "مصر واعية تماماً لمحاولات نشر الفوضى في المنطقة، وتدرك أن عملية السلام لا يمكن تحقيقها إلا بالقوة التي تحميها".
مصر ترد على مزاعم "إسرائيل" بشأن تهريب السلاح وتتهمها بـ"الأكاذيب"
ردت مصر بشدة على مزاعم "إسرائيل" بشأن تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة عبر محور فيلادلفيا، متهمة إياها بـ"الأكاذيب" ومؤكدة أن هذه المزاعم تأتي لتبرير فشل "إسرائيل" في السيطرة على تهريب السلاح من جانبها.
فقد قال مصدر مصري رفيع المستوى: إن "ترويج نتنياهو لتهريب السلاح من مصر أكذوبة أخرى لتبرير فشل حكومته في السيطرة على تهريب السلاح من إسرائيل إلى القطاع".
وذكر أن "إسرائيل فشلت في القضاء على مافيا تهريب السلاح من (معبر) كرم أبو سالم إلى قطاع غزة"، معتبراً أن "الحكومة الإسرائيلية فقدت مصداقيتها بشكل كامل داخلياً وخارجياً، ولا تزال مستمرة في ترويج أكاذيبها للتغطية على فشلها".
وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد أكد في وقت سابق أن "الأحداث المتلاحقة والأوضاع المضطربة التي تشهدها المنطقة تؤكد أن خيارنا للسلام العادل والمستدام يفرض علينا الاستمرار في بناء قدرات القوى الشاملة لصون وحماية الوطن، مع الاستمرار في جهود التنمية الشاملة للدولة".