الوقت- في ظل التغيرات المتسارعة في المشهد السياسي العالمي، باتت القضية الفلسطينية تحتل موقعًا متجددًا في الوعي الدولي، مدفوعة بتزايد الانتهاكات الإسرائيلية والاعتراف المتزايد بحقوق الفلسطينيين، وجاء إطلاق "التحالف العالمي لمناهضة احتلال فلسطين (ساند)" كاستجابة مباشرة للحاجة إلى إطار دولي موحد يواجه الاحتلال الإسرائيلي بأساليب متعددة، قانونية ودبلوماسية وشعبية، هذه المبادرة تعكس تحوّلًا نوعيًا في آليات دعم القضية الفلسطينية، حيث تسعى إلى توحيد الأصوات والجهود ضمن مظلة واحدة قادرة على إحداث تأثير حقيقي على المستوى الدولي.
ويأتي هذا الملتقى بعد توقيع الاتفاق على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي دخل حيز التنفيذ، بعد عدوان إسرائيلي استمر نحو 470 يوما وأسفر عن أكثر من 46 ألف شهيد، وإصابة نحو 111 ألفا، بالإضافة إلى عدد غير معلوم من المفقودين تحت ركام منازلهم.
وللإشارة، فإن المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج تأسس في الـ 25 من شباط/ فبراير 2017 في مدينة إسطنبول، عبر تجمع حاشد يزيد على 6 آلاف فلسطيني حول العالم، بهدف تفعيل دور الفلسطينيين بالخارج في المشاركة السياسية وصناعة القرار الوطني.
خلفية الإعلان ودوافعه
في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، تم الإعلان عن إطلاق "التحالف العالمي لمناهضة احتلال فلسطين (ساند)" في العاصمة التركية إسطنبول، جاء هذا الإعلان بعد مؤتمر نظمه المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، وشهد مشاركة واسعة من ناشطين ومنظمات تمثل 32 دولة، ما يعكس تنامي الإدراك الدولي لضرورة توحيد الجهود لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
أهداف التحالف وآلياته
ينطلق "ساند" من الحاجة إلى إنشاء إطار موحد قادر على التصدي لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، وذلك عبر آليات واضحة تشمل:
1. المساءلة الدولية: الضغط من أجل تقديم المسؤولين عن جرائم الحرب الإسرائيلية إلى المحاكم الدولية.
2. تعزيز التضامن العالمي: تنظيم مظاهرات وحملات دعم لحقوق الفلسطينيين.
3. كشف جرائم الاحتلال: نشر الوعي العالمي حول انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها "إسرائيل".
4. التنسيق الإعلامي: توحيد الجهود الإعلامية لنشر الرواية الفلسطينية بفاعلية أكبر.
5. إنشاء منصة موحدة: جمع المؤسسات والناشطين من مختلف أنحاء العالم لتعزيز العمل القانوني والدبلوماسي والشعبي.
6. تحميل المجتمع الدولي المسؤولية: الضغط على المؤسسات الدولية لتحمل مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية.
أبعاد التضامن الشعبي وتأثيره
يمثل "ساند" استثمارًا للزخم الشعبي الذي برز خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، حيث شهدت العديد من الدول احتجاجات واسعة دعماً لفلسطين، وقد أشار رئيس الهيئة العامة في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، خوري سمعان، إلى أنه رغم المجازر الإسرائيلية، فإن الشعوب وقفت إلى جانب القضية الفلسطينية، ما يبرر الحاجة إلى استمرار وتوسيع هذا التضامن عبر إطار مؤسسي عالمي.
من جانبه، أضاف زعيتر في تصريح صحفي: إنهم يحاولون "تقوية جبهة القوى الشعبية في العالم من نقابات وبرلمانات وصحافة وطلاب وجامعات، حتى يشكلوا أداة ضغط على الحكومات الغربية لتعديل سياساتها، والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وحقه في نيل الحرية ودحر العدوان"، مؤكدا أن "الاحتلال هو أساس المشكلة القائمة في المنطقة".
كما أكد المتحدث باسم المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج زياد العالول أن هذا التحالف الدولي يسعى ليس فقط من أجل الدفع باتجاه محاسبة الاحتلال على جرائم الإبادة، التي ارتكبها بحق الفلسطينيين على مدى 15 شهرا من حربه على غزة، وإنما أيضا من أجل تشكيل مظلة دولية داعمة لحق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه وتقرير مصيره.
ماذا يعني إطلاق هذا التحالف العالمي؟
إطلاق "ساند" لا يقتصر فقط على كونه مبادرة رمزية، بل يحمل دلالات استراتيجية عميقة، أبرزها:
-كسر احتكار السردية الإسرائيلية: يساهم التحالف في تقديم خطاب فلسطيني موحد يخاطب العالم بلغات وأساليب مؤثرة.
-تحول المقاومة إلى قضية عالمية: من خلال دمج النضال الفلسطيني في الحركات الحقوقية والعدالة الاجتماعية على مستوى دولي.
- الضغط المستمر على "إسرائيل": يهدف التحالف إلى زيادة العزلة الدبلوماسية للاحتلال، ما قد ينعكس على سياساته المستقبلية.
- تمكين العمل القانوني والحقوقي: بتقديم وثائق وأدلة تدعم ملاحقة "إسرائيل" قانونيًا على مستوى المحاكم الدولية.
إطلاق "ساند" في هذا التوقيت يحمل رسالة واضحة بأن النضال الفلسطيني لم يعد محصورًا ضمن الحدود الجغرافية، بل بات جزءًا من حركة عالمية متنامية تسعى لإنهاء الاحتلال عبر الأدوات القانونية والدبلوماسية والشعبية، ويعزز هذا التحالف الآمال في تحقيق تغيير حقيقي على الساحة الدولية لمصلحة القضية الفلسطينية.