الوقت- أُعلن الأسبوع الماضي عن اعتقال صهيوني يبلغ من العمر 29 عاماً من مدينة بتاح تكفا، وهي منطقة في فلسطين المحتلة، بتهمة التجسس لمصلحة إيران، وهو الخبر الذي حظي بتغطية كبيرة في وسائل الإعلام الناطقة باللغة العبرية، وهذه ليست الحالة الوحيدة التي تم فيها اعتقال صهاينة بتهمة التجسس لمصلحة إيران.
وفي الأشهر الأخيرة، حدثت حالات مماثلة كثيرة في الأراضي المحتلة، وفي قضية أخرى، أعلن مكتب المدعي العام للكيان الصهيوني اعتقال 7 أشخاص بجريمة "التجسس لمصلحة إيران"، وبعد أسبوع أيضا، أعلنت الشرطة وتنظيم الشاباك عن اعتقال زوجين إسرائيليين بشبهة التجسس لمصلحة إيران.
وفي قضية أخرى، أعلنت وسائل إعلام عبرية عن صدور لائحة اتهام ضد صهيوني يدعى آشر بنيامين فايس، من سكان ضواحي تل أبيب، وحسب مصادر عبرية، فإنه متهم بملاحقة عالم نووي إسرائيلي بناء على أوامر عملاء إيرانيين بهدف التخطيط لاغتياله، وهذه القائمة بأسماء المعتقلين في الأراضي المحتلة مستمرة، ولا مجال لملاحقته ولكن سأذكر جميع الحالات في هذا التقرير.
وأعلن تنظيم الشاباك في تقرير لنشاطه عام 2024 فيما يتعلق بقضية التجسس الصهيوني لمصلحة إيران أن عدد المعتقلين بتهمة التجسس لمصلحة إيران (حسب ادعاء هذه المنظمة الأمنية الصهيونية) ارتفع بنسبة 400%!
وأيضاً، وفي أعقاب تزايد الاعتقالات الكبيرة لسكان أراضي أشغلاي بتهمة التجسس لمصلحة إيران، أمر وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتامار بن غير، بإنشاء قسم خاص لهؤلاء في السجون الإسرائيلية، وحسب مصادر عبرية، فإن رئيس مصلحة السجون الإسرائيلية أمر بالنظر في إنشاء منشأة ذات إجراءات أمنية مشددة للغاية لاحتجاز السجناء الأمنيين وخاصة الجواسيس الإيرانيين، ويأتي هذا القرار بعد تزايد المخاوف من اختراق شبكات التجسس الإيرانية في الأراضي المحتلة.
وكتب موقع "والا نيوز" في تقرير ذي صلة: "تشير التقييمات إلى أن عددا كبيرا من الإسرائيليين يتجسسون لمصلحة أطراف مختلفة، بما في ذلك إيران، عبر شبكات التواصل الاجتماعي"، وكتب أمير بوهبوط مراسل الشؤون الأمنية والعسكرية لهذا الإعلام: نفوذ إيران في "إسرائيل" توسع بشكل كبير في أبعاد مختلفة، من تسليح الجماعات المختلفة إلى دعم (الكفاح الفلسطيني) وحتى اليوم توظيف العديد من الجواسيس في "إسرائيل"، والتي بالطبع يجب إضافة الهجمات السيبرانية إليها"، وفي مقابلة مع رويترز، زعم أربعة مسؤولين إسرائيليين أن جهاز المخابرات الإيراني كان يستأجر مواطنين ومستوطنين إسرائيليين للتجسس مقابل المال في العامين الماضيين.
وفي هذا الصدد، يشير "شالوم بن حنان"، أحد كبار المسؤولين السابقين في الشاباك، إلى العدد المفاجئ من مواطني الكيان الصهيوني الذين وافقوا عن علم على العمل ضد هذا الكيان من خلال جمع المعلومات أو التخطيط لعمليات تخريب وهجمات لمصلحة إيران، قال: إنه عظيم!
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يتجسس الصهاينة لمصلحة إيران؟ ما الذي يجعلهم يخاطرون باتخاذ مثل هذا الإجراء؟
وأهم ما يجب ذكره في هذا الصدد هو وضع الكيان الصهيوني، خلافاً للتصريحات الدعائية للكيان الصهيوني والدعاية الإعلامية للصهاينة بشأن الظروف المعيشية المواتية في الأراضي المحتلة، شهدت الأوضاع الاقتصادية للكيان الصهيوني حالة من الفوضى في السنوات الأخيرة، مع قيام حزب اليمين المتطرف جناح نتنياهو في الحكومة ببدء الحرب عام 2023..
وعلى سبيل المثال، يشير ليفار مانيكا، في مقال بعنوان "الحقائق التي يعكسها تقرير الفقر في إسرائيل" على موقع معاريف باللغة العبرية فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي في الأراضي المحتلة، إلى أن العديد من الأسر المهاجرة في "إسرائيل" تعيش في ظروف سيئة للغاية.
الاقتصاد سيء والدخل المنخفض جداً خلق ظروفاً سيئة جداً لهذه العائلة، وأشار هذا الخبير الصهيوني، مستشهدا بالبيانات التي نشرها "مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي"، إلى حالة الفقر في الأراضي المحتلة ووصفها بأنها صعبة للغاية ومقلقة للغاية.
وفي جزء آخر من مقالة معريو يتم التأكيد على أن أكثر من مليون صهيوني يعيشون الآن في فقر وأن الوضع بين العائلات الحريدية (اليهود المتطرفين) خطير للغاية، لأن العديد من العائلات الحريدية تعيش في فقر مدقع، في حين أنها عازبة، كما تعاني الأسر التي لا تملك الا معيلاً وحيداً من ظروف مزرية، وحسب الإحصائيات، يعيش 30% من الأطفال تحت خط الفقر.
كما يظهر تقرير الفقر السنوي في الكيان الصهيوني أن ربع الصهاينة يعيشون تحت خط الفقر، كما كتبت صحيفة إسرائيل هوم الناطقة بالعبرية في هذا الصدد أن هذا التقرير يشير إلى الوضع الاقتصادي الصعب لهذا الكيان بعد 14 شهرا من الحرب وتحذير من انهيار الصمود الاجتماعي.
إن الوضع الاقتصادي في الأراضي المحتلة أصبح حرجاً، في حين أن قادة هذا الكيان يزيدون باستمرار تكاليف البرامج العسكرية في غزة وسوريا ولبنان، ومؤخراً في اليمن، وفي سبتمبر/أيلول 2024، قال سموتريش، وزير مالية الكيان الصهيوني، خلال خطاب ألقاه في الكنيست: "نحن في أطول وأغلى حرب في تاريخ "إسرائيل" تصل إلى 68 مليار دولار".
كما كتبت مجلة الإيكونوميست في تقرير تشير فيه إلى تحديات الكيان الصهيوني: "بدأت الأموال ورؤوس الأموال تهرب من إسرائيل، بين شهري مايو ويوليو (2024)، وتضاعفت التدفقات الخارجة من البنوك الإسرائيلية إلى المؤسسات الأجنبية مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ووصلت إلى 2 مليار دولار، إن صناع القرار الاقتصادي في إسرائيل أصبحوا أكثر قلقاً مما كانوا عليه منذ بدء الصراع".
وهناك أمر آخر يزيد، إلى جانب هذا الموضوع، من دافعية المستوطنين وسكان الأراضي المحتلة للقيام بإجراءات تجسسية ومضادة للأمن، وهو القضايا الاجتماعية الداخلية وأخطاء هذا النظام، ولا ينبغي أن ننسى أن جميع مواطني الكيان الصهيوني هم مهاجرون غربيون وشرقيون هاجروا من بلدانهم إلى فلسطين المحتلة وبطبيعة الحال لا يوجد أساس ثقافي وديني وتاريخي مشترك بينهم وفي الواقع يمكن القول إن المفهوم باسم العرق الوطني، هو مفهوم غير معروف لدى المستوطنين وسكان الأراضي المحتلة، لذلك، سوف تركز عيونهم على مصالحهم الخاصة.
كما أن الخلافات الداخلية حادة بين التيارين الرئيسيين في الأراضي المحتلة، أي التيار العلماني والتيار الحريدي (الديني)، فضلا عن التمييز العنصري الممنهج ضد الأقليات والأعراق التي تعيش في الأراضي المحتلة (مثل الفلاشا، عرب "إسرائيل" والمسيحيون وبعض اليهود المهاجرين)، هناك عامل آخر في تشكيل أو تكثيف الدافع للقيام بمثل هذه الأعمال هو بين الصهاينة.
النقاط المذكورة أعلاه توضح بوضوح سبب وأسباب هذا التصريح للمصادر الصهيونية فيما يتعلق بكون المستوطنين وسكان الأراضي المحتلة على استعداد بسهولة للتجسس لمصلحة إيران مقابل تلقي أموال، خلف بريق الصور التي يعرضها الإعلام العبري لحياة المستوطنين في الأراضي المحتلة، هناك واقع كارثي اقتصاديا ومعيشيا ومجتمعيا، تظهر نتائجه بهذا الشكل، أي إن هناك زيادة الإجراءات الأمنية في المستوطنة للحصول على المال.