الوقت- ربما يكون أبلغ تشبيه لكيان الاحتلال الإسرائيلي في قبوله هدنة لحملة تطعيم في غزة ضد شلل الأطفال مؤخراً بالذئب اللعين الذي يحاول الظهور كالحمل الوديع نهاراً لينقض على فريسته ليلاً و يُكمل هو و عصابته مجازر عجز العالم عن ردعها.
فمن البديهي أنه لم يأت قبول الهدنة النقاطية من الاحتلال الإسرائيلي عن عبث إنما جاء بسبب خشية الاحتلال من أن ينتشر المرض داخل المستوطنات ويصيب الإسرائيليين، فمن يقتل الأطفال بالصواريخ الفتاكة لن يهتم لمعالجتهم أو تطعيمهم.
من الجدير بالذكر أن أطفال غزة يواجهون أوضاعاً مأساوية في ظل الحرب التي تواصلها حكومة الاحتلال الاسرائيلي مدعومة من الإدارة الامريكية وسط تجاهل تام لمناشدات المجتمع الدولي، وتشمل الحرمان من التعليم، وسوء التغذية الحاد، وعدم تلقي اللقاحات الضرورية، ما يهدد أوضاعهم الصحية مستقبلا، فيما جاءت دعوات من المنظومة الصحية لبدء حملة تطعيم فورية عقب إعلان وزارة الصحة الفلسطينية، تسجيل أول إصابة مؤكدة بفيروس شلل الأطفال في قطاع غزة لطفل عمره 10 شهور.
و في هذا الخصوص، قال مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس: إن “أفضل لقاح يمكن تطعيمه للأطفال في قطاع غزة، هو إحلال السلام في المنطقة”.
إمعان في النازية
لم يكن نفي كيان الاحتلال الإسرائيلي القبول بهدنة إنسانية شاملة لتسهيل تطعيم أطفال قطاع غزة ضد شلل الأطفال غريبا على سلطة احتلال تمارس قتلا متعمدا وممنهجا لأطفال القطاع منذ نحو عام، فبعد ساعات من حديث وسائل إعلام إسرائيلية عن قبول تل أبيب بهدنة إنسانية في القطاع، سارع مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لنفي الخبر مؤكدا أن "الحديث ليس عن هدنة، بل فقط تخصيص أماكن معينة في القطاع (لتقديم التطعيمات)".
وجاء بيان رئيس الحكومة ردا على حديث القناة 13 الإسرائيلية عن قبول نتنياهو بهدنة إنسانية في غزة لتقديم اللقاحات، استجابة لطلب من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
هدنة نقاطية وسباق مع الزمن
ونفى مكتب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وجود هدنة في قطاع غزة، من أجل حملة التطعيم ضد شلل الأطفال، وقال مكتبه إن «الأنباء المتداولة في هذا الشأن غير صحيحة» مشيراً إلى ممر آمن سيسمح بالوصول إلى نقاط تلقي التطعيم، وأن الممر سيكون لساعات محددة فقط،زووصف الطبيب موسى عابد، مدير عام الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة في غزة، فترة الحرب بـ«الهدنة النقاطية» بمعنى أن «العيادات والنقاط الطبية الخاصة بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هي التي ستكون آمنة فقط خلال فترة التطعيم»، وأكد التزام الحملة بالوصول إلى كل طفل في قطاع غزة «أينما كان» مشيراً إلى أن الاحتلال رفض أن تستمر الحملة في كل منطقة من مناطق قطاع غزة، لمدة 7 أيام، ووافق على منحهم «4 أيام فقط لكل منطقة».
وقال مدير عام الرعاية الصحية إنهم «اضطروا إلى مضاعفة عدد الطواقم الطبية القائمة على تنفيذ حملة التطعيم ضد شلل الأطفال، من أجل مسابقة الزمن وكسر الفجوة الزمنية، التي فرضها عليهم الاحتلال بهدف الوصول إلى عدد الأطفال المستهدف من الحملة، 640 ألف طفل، دون أي عائق».
وعن الجهود المبذولة للحفاظ على سلامة التطعيمات، أشار إلى أنهم «استأجروا مخزناً صحياً في مدينة دير البلح من منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسيف) من أجل تخزين اللقاحات، وهو ما يعرف باسم (سلاسل التبريد)» لافتاً إلى أن الدراسات الصحية أثبتت مأمونية التطعيم، الذي استُخدم في دول عدة مجاورة، بالإضافة إلى دول أوروبية وغربية.
أمل في الحياة
يبقى الصمود و الأمل في الحياة الدافع الأول لدى الشعب الفلسطيني لمواجهة الوحشية الصهيونية، هذا ما أكدته حملة التطعيم التي بدأت رغم الحرب الاسرائيلية على القطاع الجريح حيث أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الاثنين، تمكنها من تطعيم نحو 159 ألف طفل في اليوم الثاني من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في المحافظة الوسطى بالقطاع، وذلك رغم استمرار الحرب الإسرائيلية.
وقالت “صحة غزة” في بيانها عبر منصة تلغرام: إن “الفرق الطبية في المحافظة الوسطى تمكنت من تطعيم 158 ألفا و992 طفلا خلال يومين من حملة التطعيم الطارئة ضد شلل الأطفال في غزة”.
وتستمر الحملة الطارئة للتطعيم ضد شلل الاطفال في المحافظة الوسطى وسط إقبال شديد من المواطنين، حسب البيان نفسه.
وحسب طواقم طبية مشرفة على عمليات التطعيم في مراكز مدينة دير البلح (وسط)، ظهرت علامات الإعياء وسوء التغذية على المئات من الأطفال الذين حصلوا على التطعيمات بسبب الظروف الصعبة التي يعيشوها جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ 11 شهرا.
ولم ينتظر عادل أبو طه، النازح من مدينة رفح، وصول الحملة إلى مدينة خان يونس، جنوب غزة، في الخامس من الشهر الحالي، وذهب إلى نقطة طبية في مدينة دير البلح، من أجل تطعيم طفله زين، 11 شهراً، ضد شلل الأطفال.
ويقول: «جئت اليوم من أجل تلقيح ابني بالجرعة الأولى، وأنتظر الجرعة الثانية بعد 4 أسابيع من الآن، كي يحصل الرضيع على الجرعة الكاملة التي قد تقيه من أي أمراض قد تصيبه».
ويلفت خلال حديثه الانتباه إلى «انتشار الأمراض الفيروسية مثل شلل الأطفال والتهاب الكبد الوبائي بين النازحين المكدسين في الخيام في ظل تهالك البنية التحتية، وانتشار المياه الملوثة وبرك الصرف الصحي في كل أنحاء القطاع، ما يشكل خطرًا كبيرًا وداهمًا على الأطفال» حسب تعبيره.