الوقت- لم تعد المطالبة بلجنة تحقيق دولية فيما يخص التعذيب الإجرامي والوحشي الذي تستخدمه قوات الاحتلال الصهيوني مع الأسرى الفلسطينيين أمراً كافية فالوضع الراهن يستدعي تدخلاً دولياً فورياً يضع حداً لهذه الانتهاكات الإجرامية وما يجري خلف قضبان الاحتلال والمصير المجهول لآلاف الأسرى الأمر الذي يشكل وجهاً آخر للإبادة الجماعية التي يمارسها الكيان الغاصب بحق الفلسطينيين.
فإن الوضع الذي يخرج فيه كل الأسرى المحررون من سجون الاحتلال يثير التساؤلات حول الظروف القاهرة التي يعاني منها هؤلاء الأسرى في السجون ومراكز الاعتقال وبشكل خاص سجن سدي تيمان الذي طالبت مؤسسات حقوقية بإغلاقه والمعروف باستخدام سجانيه أساليب تعذيب واعتداءات جنسية إضافة إلى الإهمال الطبي بطريقة ممنهجة ويمنع الكيان زيارة أي وفود حقوقية للوقوف على أوضاعهم .
غوانتنامو "سدي تيمان"
كثرت التقارير التي تندد بالاعتداءات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون من قطاع غزة في سجن "سدي تيمان"، وعادة تدعي السلطات الإسرائيلية أنها تحقق في الأمر لكن لا نتائج ملموسة، و جاء آخر هذه الاعتداءات قيام 10 جنود اسرائيليين بالاعتداء جنسيا على أسير فلسطيني في هذا السجن و إصابته بجروح خطيرة.
وفي دعم هذا الإجرام و تغلغل النازية العنصرية في الفكر الصهيوني اقتحم مئات المتظاهرين الإسرائيليين المحسوبين على تيار اليمين، وبينهم جنود ملثمون ومسلحون، معسكر "سدي تيمان"، احتجاجا على اعتقال الشرطة العسكرية الجنود المتهمين بالاعتداء الجنسي على المعتقل الفلسطيني، ما يؤكد أن"إسرائيل" هي كيان قائم على اغتصاب الأراضي الفلسطينية ، كيان ومجتمع وحكومة وبرلمان وجيش من المغتصبين الأنذال.
وفي هذا الخصوص، قالت حماس إن "الانتهاكات الوحشية التي تجري في قاعدة سدي تيمان العسكرية ضد آلاف المختطفين من قطاع غزة، وما يلقونه من عمليات تعذيب ممنهجة بأيدي الساديين الصهاينة من ضباط وجنود جيش الاحتلال؛ يؤكّد طبيعة هذا الكيان الاحتلالي المارق عن القيم الإنسانية".
وأكدت حماس على "ضرورة أن تتوجه أنظار العالم والأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية، نحو معتقلات الاحتلال والمغيّبين فيها، لمتابعة أوضاعهم ومصيرهم المجهول".
و دعت الحركة لإرسال" لجنة تحقيق دولية، للتحقيق في هذه الجرائم الفظيعة والوحشية بحق الأسرى"، موضحة أن "هذه الجرائم الفظيعة ضد أسرانا تستدعي تدخلاً دولياً فورياً لوقفها، وإضافتها إلى ملف جرائم الحرب والإبادة للكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية".
وطالبت الحركة باتخاذ "خطوات جادة لملاحقة ومحاسبة هؤلاء النازيين على جرائمهم ضد الأسرى وانتهاكاتهم الفظيعة للقانون الدولي".
حكومة الاحتلال تناقش ..اغتصاب الفلسطينيين مقبول!
وصلت النزعة النازية في الفكر الصهيوني المتطرف لمناقشة اعتبار اغتصاب الفلسطينيين أمراً مقبولاً، الأمر الذي فضحته عضو الكونغرس الأمريكي رشيدة طليب، مستنكرة الانتهاكات التي تمارسها السلطات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين في سجونها، وقالت إن حكومة تل أبيب تناقش إن كان اغتصاب الفلسطينيين أمرا "مقبولا".
والاثنين، طالبت هيئات رسمية وأهلية فلسطينية بتحقيق دولي في ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية والاطلاع على ظروف اعتقالهم "اللا إنسانية"، جاء ذلك في بيان لرئيس المجلس الوطني الفلسطيني رَوحي فتوح، ورئيس هيئة شؤون الأسرى الحكومية قدورة فارس، ورئيس نادي الأسير (أهلي) عبد الله الزغاري، بعد تقارير عن حالات تعذيب واغتصاب أودت بحياة العشرات من معتقلي غزة.
أساليب إجرامية ممنهجة
لقد بلغت الغطرسة والعنجهية بهذا المحتل المجرم أن طلب من الأسرى أن يقوموا بالعواء كوسيلة للحصول على الطعام، في مشهد يعكس حجم الإجرام الذي وصل إليه الاحتلال، فضلاً عن القتل والسحل، ويظهر ذلك من خلال الإحصائيات التي تتحدث عن أنَّ معظم الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم مُؤخرًا من سجون الاحتلال الإسرائيلي يعانون من مشكلات صحية واضحة جراء التعذيب والتجويع والجرائم الطبية الممنهجة التي ترتكب في حقهم.
ومن بين الشهادات المروعة التي رصدتها الصحيفة نقلاً عن أطباء وشهود عيان رووا تفاصيل وفاة أسرى في سجون الاحتلال، توفي أحد الأسرى الفلسطينيين بعد إصابته بتمزق في الطحال وكسر في الأضلاع، بعد تعرضه للضرب المبرح على يد حراس السجن الإسرائيليين، بينما لقي سجين آخر نهاية مأساوية بسبب حالة مزمنة لم يتم علاجها وإهمال سلطات السجون لحالته.
وتناولت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية شهادة الأسير المحرّر من السجون الإسرائيلية ، معزّز عبيّات، البالغ من العمر 37 عاماً، لافتةً إلى أنّه كان "بالكاد قادر على المشي عندما غادر السجن"، ومُشدّدةً على أنّه قد ألقي القبض عليه في أعقاب أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، للاشتباه في ارتباطه بحركة حماس، لكنّه لم توجّه إليه أي اتهاماتٍ قط.
عبيّات قال في عيادةٍ طبية في بلدة بيت جالا في الضفة الغربية، حيث كان يتلقى الرعاية الطبية، إنّه "غير متأكد من عمره أو أعمار أطفاله الخمسة"، مُضيفاً: "لا أعرف شيئاً سوى السجن".
الأسير الذي تناقل الإعلام قصّته، كان لاعب كمال أجسام، إلّا أنّه قد خسر أكثر من 100 رطل من وزنه في تسعة أشهر، ليهمس وهو يصف حارس سجنٍ إسرائيلياً "اعتدى عليه جنسياً بمقشة"، قائلاً: "إنّه غوانتانامو".
استشهاد 53 أسيرا
ذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أن آلاف الفلسطينيين تم إبعادهم قسرا عن غزة، وأحيانا من ملاجئ الاحتماء من التفجيرات، واقتيادهم إلى مراكز اعتقال في كيان الاحتلال حيث يتعرضون للتعذيب الوحشي و قد لقي 53 منهم حتفه.
وفي تقرير للمفوضية مكون من 23 صفحة ويستند في الأساس إلى مقابلات مع معتقلين تم إطلاق سراحهم وضحايا آخرين وشهود، إن الكثير من أولئك الذين تم اعتقالهم في غزة منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر تم أخذهم في نقاط تفتيش خلال فرارهم من الهجوم العسكري الإسرائيلي أو في المدارس والمستشفيات التي كانوا يحتمون بها.
وأضاف التقرير إن المعتقلين كان يتم في كثير من الأحيان تعصيب أعينهم وتصفيد أيديهم قبل نقلهم إلى "إسرائيل" ووضعهم في مراكز عسكرية “أشبه بالأقفاص” وإجبارهم على البقاء لفترات طويلة عراة لا يرتدون سوى حفاضات، و في بيان مرفق بالتقرير لشهادات تم جمعها أظهرت المفوضية مجموعة من الأفعال المروعة التي يقترفها السجانون الإسرائيليون بحق الأسرى الفلسطينيين، مثل التعذيب بالإيهام بالغرق وإطلاق الكلاب على المعتقلين وغيرها من الأعمال الأخرى، في انتهاك صارخ للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.