الوقت - وصلت الجولة الرابعة عشرة للانتخابات الرئاسية في إيران إلى مرحلتها النهائية بمشارکة شعبية واسعة النطاق، وبعد ماراثون حبس الأنفاس وإجراء جولتين من التصويت على مستوى البلاد، أصبح السيد الدكتور مسعود بزشکيان، كرئيس جديد، قائد السلطة التنفيذية في إيران لمدة أربع سنوات.
من أهم وأبرز القضايا التي برزت في الجولات الأخيرة للانتخابات المختلفة في إيران، کانت مسألة مشاركة الناس في الحملات الانتخابية للمنافسات الانتخابية، وحضورهم إلى صناديق الاقتراع، وفي هذا المجال، حطمت المشاركة الحماسية للشعب الإيراني في التصويت (الجمعة الماضية)، مرةً أخرى كل الأحلام المشؤومة لأعداء إيران، الذين سعوا إلی إثبات أن الشعب محبط من نظام ومُثُل الثورة.
إن المشاركة الأقل من المتوقع للشعب الإيراني في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، أثارت حماس وسائل الإعلام وأبواق الدعاية لأعداء الشعب الإيراني، الذين حصلوا على فرصة كبيرة للاصطياد في المياه العکرة، ليعتبروا أن 60% ممن لم يصوتوا لأي سبب، هم من معارضي النظام، وبالتالي يشككون في النظام الجمهوري.
لكن ما لم تفكر فيه مؤسسات الفكر والرأي التابعة لأجهزة استخبارات أعداء إيران، وأصحاب ومديرو وسائل الإعلام هذه، هو الهبة المفاجئة للأمة الإيرانية والمشاركة الواسعة للشعب في الجولة الثانية من الانتخابات، والتي قضت علی كل هذه الدعايات غير الواقعية.
إن زيادةً بنسبة 10% في المشاركة في الانتخابات خلال أسبوع واحد فقط، وإذا قمنا بفصل عدد الناخبين المحليين عن 8 ملايين إيراني مؤهل في الخارج، فإن هذه النسبة سوف تزيد أكثر، وكشفت بشكل كامل عن ثقة الجمهور الإيراني في الجمهورية الإسلامية والمؤسسات والآليات الانتخابية في إيران، وبيّنت أن كل تحليلات أعداء إيران حول أسباب انخفاض المشاركة في الجولة الأولى، كانت خاطئةً تماماً وغير علمية ومبنية على نوايا سياسية.
وبطبيعة الحال، تجدر الإشارة إلى أنه حتى صوت هذه الأبواق الدعائية، كان مفقوداً في العديد من وسائل الإعلام الدولية، التي كانت تغطي أخبار الانتخابات في إيران عن كثب.
وفي هذه الفترة نفسها، كان هناك عدد غير قليل من وسائل الإعلام البارزة مثل الجزيرة والعربية، اللتين وصفتا الانتخابات في إيران بأنها من الأمثلة الفريدة في المنطقة على مشاركة الناس في صنع القرار.
في هذه الانتخابات، وفقًا للمدير العام للإعلام الخارجي بوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيرانية، قام أكثر من 500 صحفي من 150 وسيلة إعلام أجنبية مقيمة وغير مقيمة تابعة لـ 31 دولة، بتغطية الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة في إيران.
هؤلاء المراسلون أنفسهم رصدوا بشكل مباشر شفافية إجراء الانتخابات، والمشاركة الكبيرة للناس في مشاهد مختلفة، من إعلانات المرشحين إلى مراقبة التصويت وفرز الأصوات، وقاموا ببثها للعالم.
هذا في حين أن كل صوت للشعب، بغض النظر عن أي انتخابات، يُفهم بالكامل في القاموس السياسي لإيران بعد الثورة، على أنه تصويت بالثقة في الجمهورية الإسلامية، وكانت مساعي أعداء إيران لثني الناس عن المشاركة في الانتخابات، بسبب علمهم بهذه الحقيقة.
لقد ذكر المرشد الإيراني الأعلی مراراً وتكراراً بوضوح، أن المشاركة في الانتخابات تعني التصويت لمصلحة الجمهورية الإسلامية، وقال في الـ25 من يونيو بمناسبة عيد غدير خم: "على كل من يهتم بإيران القوية، أن يشارك في هذه الانتخابات، وعلى كل من يؤمن بضرورة دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أن يولي هذا الأمر اهتماما مضاعفا"، كما قال المرشد الإيراني الأعلی في مارس/آذار 2011: "كل صوت هو في الواقع تصويت لنظام الجمهورية الإسلامية".
إن الانتخابات في إيران، باعتبارها أهم مظهر من مظاهر الديمقراطية الدينية وسيادة الشعب على مصير البلاد، ودوره النهائي في تحديد الحكام من الأعلى إلى الأسفل، تجرى في المتوسط كل عام وبعناوين مختلفة.
وبهذا المعنى، تتمتع إيران بواحد من أروع السجلات في إظهار البنية الديمقراطية وتناوب النخب، على المستوى الإقليمي وحتى الدولي، ومن هذا المنطلق، فإن المشاركة العالية في الانتخابات، هي نوع من الدفاع الشعبي عن هذا السجل الرائع للشعب الإيراني في العقود الأربعة الماضية.