الوقت - إن الإسقاط المتكرر للطائرات المسيرة التابعة للكيان الصهيوني من قبل حزب الله، واستمرار عمليات المقاومة اللبنانية الناجحة بطائرات مسيرة ضد مواقع الکيان، يشكّل صدمةً كبيرةً للسلطات الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها.
وفي هذا الصدد، تم تقديم عدة تحليلات حول كيفية تحدي المقاومة الإسلامية اللبنانية لنظرية "التفوق الجوي" المزعومة للكيان الصهيوني.
إسقاط الطائرات المسيرة الإسرائيلية وتغيير المعادلات الجوية
خلال المعركة الحالية مع المحتلين لدعم شعب غزة ومقاومتها والدفاع عن سيادة لبنان، أسقط الدفاع الجوي لحزب الله 7 طائرات مسيرة إسرائيلية، 5 منها من طراز هيرميس و2 من طراز سكاي لارك، وفي المرحلة الأخيرة، أجبرت المقاتلات الإسرائيلية التي تغزو سماء لبنان على الفرار.
وفي الوقت نفسه، ينفّذ حزب الله هجمات مذهلة بطائرات مسيرة في عمق المواقع الصهيونية شمال فلسطين المحتلة، وهو ما غيّر الكثير من معادلات الصراع.
هذا التغيير النوعي في أداء حزب الله يتجلى في شقين، الأول يتعلق بحقيقة أن سلاح الجو الإسرائيلي، المسؤول عن ترويع المدنيين اللبنانيين والاعتداء عليهم، لا يستطيع التحليق بسهولة في أجواء الجولان اللبناني.
وهذه القضية صادمة للغاية بالنسبة لأجهزة العمليات والتجسس التابعة للكيان الصهيوني؛ وخاصةً أن کيان الاحتلال، سواء في قطاع غزة أو في جنوب لبنان، يعوّل كثيراً علی قواته الجوية.
لكن الشق الثاني يتعلق باستهداف مواقع حساسة تابعة لکيان الاحتلال داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بطائرات مسيرة تابعة لحزب الله، وهذا يعني أن حزب الله يمتلك الآن سلاحاً عالي الجودة، يمكنه تحدي ادعاءات الاحتلال بالتفوق الجوي.
نتائج دخول طائرات حزب الله المسيرة إلى ساحة المعركة مع الاحتلال
تمكنت المقاومة الإسلامية اللبنانية في ملحمة طوفان الأقصى، وخاصةً في مجال حرب الطائرات دون طيار واستهداف طائرات الاحتلال، بما فيها طائرات هذا الکيان المتطورة للغاية، من مفاجأة الصهاينة وتدمير أمنهم بشكل کامل.
وبالإضافة إلى هجمات الطائرات دون طيار الناجحة التي نفّذها حزب الله داخل المستوطنات الصهيونية، استهدف هذا الحزب أيضًا القواعد الحساسة لجيش الاحتلال، ومراكز مراقبة الطائرات مثل قاعدتي ميرون وجيبور في عدة مناسبات، كما تمكن حزب الله من إسقاط بالونات التجسس التابعة للكيان الصهيوني.
هنا تجدر الإشارة إلى أن الطائرات الإسرائيلية دون طيار تلعب دورًا رئيسيًا في العمليات الإرهابية في لبنان وفلسطين وأماكن أخرى، ولها مساحة واسعة في الاستهداف والمناورة، وهناك مسافة قصيرة جدًا بين تحديد المعلومات وتنفيذ العمليات بواسطة هذه الطائرات دون طيار، وعليه، اعتبر الصهاينة طائراتهم المسيرة سلاحاً فعالاً ضد المقاومة خلال السنوات الماضية.
كيف أفسدت طائرات حزب الله حسابات الصهاينة؟
لكن بعد دخول طائرات حزب الله المسيرة إلى ساحة الصراع مع الکيان الصهيوني خلال المعركة الحالية، تعطلت حسابات المحتلين بشأن تفوقهم الجوي بشكل كبير.
ولذلك، يخشى الصهاينة من أن يؤدي الإسقاط المتكرر لطائراتهم المسيرة من قبل حزب الله، إلى فشل المعادلة الجوية التي ظنت "إسرائيل" أنها نجحت في فرضها؛ وهو الأمر الذي وصفته وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنه خطير للغاية، وقد تسبب هذا الوضع في إظهار صورة ضعيفة للغاية عن الجيش الإسرائيلي، الذي يمتلك أقوى سلاح جوي في المنطقة.
رسائل طائرات حزب الله المسيرة للمحتلين
نتيجةً لذلك، يمكن القول إن حزب الله بعث برسالة واضحة إلى الصهاينة، مفادها بأن استهداف الطائرات دون طيار ومراكز السيطرة التابعة للجيش الإسرائيلي من قبل المقاومة، وهروب المقاتلات الإسرائيلية من الأجواء اللبنانية، يقضي على كل الرهانات الإسرائيلية على التفوق الجوي.
كما تجدر الإشارة إلى أن عواقب هذا الوضع بالنسبة للکيان الإسرائيلي، لا تقتصر على الصراع الحالي، وستستمر مخاطره إلى ما بعد الحرب أيضًا.
إضافةً إلى ذلك، فإن عمليات المقاومة الإسلامية اللبنانية، وخاصةً العمليات الجوية، تظهر إرادةً سياسيةً قويةً مبنيةً على قدرة عسكرية واقعية، قادرة على توسيع نطاق عملياتها جواً وبراً، وكسر كل الخطوط الحمراء التي رسمها الصهاينة.
وفي هذا الصدد، قال "أمير بوحبوط" المراسل العسكري لموقع "والاه" العبري، عن الإسقاط المتكرر لطائرات إسرائيلية مسيرة من قبل المقاومة اللبنانية: "إذا خسرت إسرائيل تفوقها الجوي في لبنان، فإنها ستكون في ورطة كبيرة؛ لأن ذلك يضعف بشكل كبير قدرتنا على جمع المعلومات".
الکيان الإسرائيلي والتحدي غير القابل للحل المتمثل في طائرات حزب الله دون طيار
أشار مركز "آلما" للأبحاث والدراسات التابع للكيان الصهيوني إلى التحديات العديدة التي يواجهها هذا الکيان في مواجهة حزب الله، وأعلن: "التحدي الأهم الذي تواجهه إسرائيل أمام عمليات حزب الله، يرتبط بحقيقة أن هذا الحزب تمكّن من تحدي النظام الدفاعي الإسرائيلي، وينفّذ حزب الله إجراءات تمويهية تجعل من الصعب تحديد مكان إطلاق طائراته دون طيار ضد إسرائيل، كما يمكنه تنفيذ عمليات الطائرات دون طيار في فترة زمنية أقصر".
وأضاف هذا المركز الصهيوني: "كما قام حزب الله بوضع عدد كبير من الطائرات دون طيار بالقرب من الحدود مع إسرائيل (فلسطين المحتلة) وقام بإخفائها، وتتيح هذه القضية لحزب الله توفير الكثير من الوقت لإطلاق طائراته دون طيار، وهذه القضية تجعل من الصعب للغاية على الجيش الإسرائيلي تحييد هذه الهجمات".
وبناءً على ذلك، يرى الخبراء أن التحدي الآخر للجيش الصهيوني ضد طائرات حزب الله المسيرة، يرتبط بمسألة الوقت، وهذا يعني أن وجود طائرات دون طيار لحزب الله على حدود لبنان وفلسطين المحتلة، سيقلل من زمن عمليات الطائرات دون طيار لهذا الحزب، ونتيجةً لذلك، سيكون اعتراضها من قبل دفاعات الجيش الصهيوني أكثر صعوبةً.
وفي توضيح هذه الحقيقة، أفاد موقع كالكاليست العبري، نقلاً عن ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي، بأن طائرات حزب الله دون طيار تتحدى الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب؛ لأن هذا الجيش يواجه مشكلةً جديةً في التعرف على الطائرات دون طيار المذكورة.
في السابق، كان الجيش الإسرائيلي قد نشر أجهزةً اعتراضيةً لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في شمال فلسطين المحتلة، لمراقبة عمليات طائرات حزب الله دون طيار وغيرها من الأسلحة الدقيقة؛ لكن تقييم المؤسسات الإسرائيلية يظهر أن حزب الله كثيراً ما استخدم تقنيات "عبور العائق" في هذه المنطقة، وبالتالي تمكّن من تنفيذ عملياته بنجاح.
لكن التحدي الآخر الذي يواجهه الکيان الصهيوني ضد طائرات حزب الله المسيرة، يتعلق بقدرة المقاومة اللبنانية على استهداف مواقع الکيان الصهيوني داخل فلسطين المحتلة.
فعلى الرغم من أن حزب الله يرسل بعض الطائرات دون طيار المجهزة بكاميرات لاستهداف مواقع في فلسطين المحتلة، إلا أن الطائرات دون طيار التي استخدمها حزب الله الشهر الماضي لم تكن مزودةً بكاميرات، وتشير المعلومات الاستخبارية إلى أن الطائرات دون طيار كان يقودها مشغل كان على اتصال بصري مباشر مع هدفها، ما يجعل نظام تحديد المواقع الإسرائيلي غير فعال.
وعلى المستوى العملياتي، يواجه الکيان الإسرائيلي تحدياً كبيراً في مجال جمع المعلومات من قبل حزب الله، وعلى وجه الخصوص، تتجاوز طائرات المقاومة اللبنانية دون طيار أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، وتحدّد الأهداف الاستراتيجية والتكتيكية.
رغم أن نتائج العمليات المتقدمة لحزب الله دعماً لقطاع غزة في المعركة الحالية، تظهر نفسها بوضوح في الوقت الحاضر؛ لكن المحللين يعتقدون أن نتائج ذلك ستكون أكثر وضوحاً في مرحلة ما بعد الحرب، بحيث لم يعد بإمكان الجيش الصهيوني ادعاء التفوق الجوي في المنطقة، وستواجه الطائرات الإسرائيلية دون طيار مشكلةً كبيرةً من حيث الأنشطة الاستخباراتية والعملياتية، وخاصةً فيما يتعلق بالعمليات الإرهابية.