الوقت- أصبحت التکهنات حول الحکومة الفلسطینیة الجدیدة ورئاسة السلطة الفلسطینیة ساخنة، فبعد أسبوع من استقالة رئیس وزراء السلطة الفلسطينية "محمد اشتیة"، دخلت التکهنات والتفسیرات حول إعادة الهیکلیة السیاسیة لفلسطین مرحلة جدیدة، حیث یعتبر البعض أن هذه العملیة هي بدایة مرحلة وقف إطلاق النار وإعادة إعمار غزة، بینما یعتبر البعض الآخر هذا الرأي بسیطا وأن الخطط المقترحة مثل" تشکیل حکومة تکنوقراط" وهیکل الحکم الموحد لغزة والضفة هي خطة أمریکا والکیان الصهیوني وحلفائهما لتدمیر المقاومة الفلسطينية.
مؤخرا بحثت صحیفة واشنطن بوست في تقریر لها، الاحتمالات بعد استقالة حکومة السلطة الفلسطينية، إلی جانب إحجام محمود عباس عن التنحي عن الرئاسة، وجاء في تقریرها: إن استقالة رئیس الوزراء الفلسطیني وحکومته مهدت الطریق أمام سلطة فلسطينية "مستقلة" لکن السؤال هو من سیقود ویترأس هذه الحكومة المستقلة؟ ویقول محللون فلسطینیون إنه حتی تغییر الوزراء لن یحدث فرقا کبیرا في الحکم الاستبدادي لمحمود عباس؛ رئیس یبلغ من العمر ثمانیة وثمانین عاما، أمضی العقدین الماضیین في تعزیز سلطته في حین أصبحت حکومته غیر کفوءة ولا تحظی بشعبیة علی النحو المتزاید.
یعتبر أغلبیة الفلسطینیین من أعضاء حکومة عباس فاسدين ومستبدين، ویتعاونون کثیرا مع "إسرائیل"، وقد أظهر استطلاع للرأي العام الفلسطیني نشر في دیسمبر أن أکثر من تسعين بالمئة من الفلسطینیین في الضفة الغربیة یریدون أن یتنحی "عباس".
هل سیعبر البرغوثي سد عباس؟
كتبت واشنطن بوست: يقول محللون إن أبو مازن منع النجوم الصاعدين من بناء صورتهم السياسية في منظمة فتح؛ وتم اعتقال معارضيه ونفي منافسيه، حييث قُتل نزار بنات، وهو شخصية معارضة شعبية وناشط في مكافحة الفساد، في منزله على يد قوات الأمن التابعة للمنظمة التي تتمتع بالحكم الذاتي في عام 2021، وتم استبعاد رواد الأعمال والمهنيين الشباب إلى حد كبير من العمل بسبب عدم كفاءة عباس.
ويتطرق هذا التقرير كذلك إلى خيارات الخلافة، وأخيراً يقدمه مروان البرغوثي مؤسس كتائب "شهداء الأقصى" التابعة لحركة فتح، والذي أعلن مؤخرا لمقاتلي حماس والجهاد الإسلامي ضد الجبهة الصهيونية، باعتباره الخيار الأرجح لخلافة عباس؛ ومن بين أولئك الذين يتم ذكرهم في كثير من الأحيان كقادة للجيل القادم: محمد دحلان، الرئيس السابق لجهاز الأمن في المؤسسة ومنافس لعباس الذي لديه الكثير من المعجبين في غزة ويعيش الآن في المنفى في أبو ظبي، وسلام فياض، رئيس الوزراء، رئيس وزراء فلسطين الأسبق ومسؤول في صندوق العملة الدولية وله علاقات عميقة مع الغرب وناصر القدوة ابنة شقيق ياسر عرفات الذي طرد من فتح عام 2021 بأمر من أبو مازن.
لكن الرجل الذي يعتقد كثيرون أنه سيحظى بأفضل فرصة لتوحيد عالم السياسة الفلسطينية المعقد هو مروان البرغوثي، منافس عباس منذ فترة طويلة، والذي يقضي حالياً خمسة أحكام بالسجن مدى الحياة في أحد السجون الإسرائيلية، ويعد البرغوثي الشخصية الفلسطينية الأكثر شعبية منذ الانتفاضة الثانية، وقد اكتسب مكانة رمزية بعد قضائه 22 عاما في السجون الإسرائيلية، ويُذكر أنه أحد الشخصيات القليلة التي تريد رأب الصدع الكثير في الساحة السياسية الفلسطينية، وخاصة الانقسام الطويل بين فتح وحماس.
الحكومة الجديدة.. نقطة أمل أو يأس
ومع ذلك، يرى بعض المراقبين أن الخطط المزعومة لتغيير الحکم في الضفة الغربية هي فخ دولي لعرقلة المقاومة واستبعد عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة "الرأي اليوم" في مذكرة حول هذا الأمر، بشكل أساسي إمكانية تشكيل حكومة "تكنوقراط".
وفي مذكرته، أشار إلى عدم توافر البنية التحتية الأساسية لتشكيل حكومة تكنوقراط في فلسطين مثل الاستقرار السياسي والتأسيس، وحدود واضحة، وعدم وجود القدرات الاقتصادية والصناعية اللازمة في فلسطين وغزة على وجه الخصوص، واعتبر أن الخطط المقترحة لتكون فخًا صهيونيًا، وتم تصميمها في الاجتماع الرباعي لأربعة مسؤولين استخباراتيين من حكومات أمريكا و"إسرائيل" ومصر وقطر في باريس.
واعتبر عطوان هذه الخطة ضد مصالح المقاومة، وقبولها يعني نهاية حكم حماس لقطاع غزة، والتخلي عن قوتها الصاروخية وترساناتها وأنفاقها، ويترتب على ذلك فقدان حماس لقوتها، وأيضا والأخطر من ذلك كله هو تفريغ غزة من قادتها، وتثار هذه التكهنات في حين لا تزال قيادات المقاومة الإسلامية الفلسطينية تصر على إطلاق سراح "مروان البرغوثي"، أحد قيادات حركة فتح المسجونين، والذي بقي مخلصا للكفاح المسلح ضد الاحتلال.
يمكن لرسالة مقاومة حرية البرغوثي أن تحتوي على جانبين على الأقل؛ أولاً، انتقال الضفة الغربية على يد الشهيد العاروري إلى مرحلة جديدة من المقاومة المسلحة، وثانياً، تعزيز التحالف بين الفصائل الفلسطينية وإعادة بناء العلاقة الأمنية والعسكرية بين فتح وحماس، والتي كانت قد وصلت إلى حد كبير، أضعفها خلال رئاسة عباس.
لكن مع انضمام الجناح العسكري لفتح – كتائب شهداء الأقصى العسكرية التي شكلها مروان البرغوثي – إلى حماس، تغيرت هذه العملية، ويبدو في المستقبل أنه لا يمكن النظر إلى التطورات السياسية في فلسطين دون الالتفات إلى هذا التحالف.