الوقت- هددت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بتعليق مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار حتى يتم إدخال المساعدات والإغاثة إلى شمال قطاع غزة، كما أن الحركة تعتزم تعليق المفاوضات حتى يتم إيصال المساعدات والإغاثة إلى شمال قطاع غزة، وتقول حماس إنه لا يمكنهم مواصلة المفاوضات وسط حالة الجوع التي يعاني منها شعب غزة، وتشهد المحافظات الشمالية للقطاع الساحلي ومدينة غزة أوضاعًا صعبة بسبب نفاد الطعام، وبسبب الحصار الذي تفرضه "إسرائيل" منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر الماضي، بالتزامن مع الحرب الهمجية التي تشنها قوات الاحتلال على الفلسطينيين والتي خلفت كوارث إنسانية يندى لها الجبين.
وقف المفاوضات
قبل أيام فقط، أعلن المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، أن الوكالة نفذت آخر عملية توزيع للمواد الغذائية في شمال وادي غزة في 23 يناير الماضي، وأشار إلى رفض السلطات الإسرائيلية لنصف طلبات إرسال المساعدات التي قدمت للشمال منذ بداية العام، وفي بيان صادر عنه، حددت الأمم المتحدة مناطق عميقة في شمال غزة تعاني من المجاعة والجوع، حيث يُعتقد أن الناس على وشك المجاعة، مشيرة إلى أن ما لا يقل عن 300 ألف شخص يعتمدون على مساعدات الوكالة للبقاء على قيد الحياة.
وفي وقت سابق، حمّلت حماس "إسرائيل" مسؤولية عدم التقدم في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رغم أن الحركة أبدت مرونة كاملة في التعامل مع هذه القضايا، لكن من الواضح حتى الآن أن الاحتلال مستمر في المناورة والمماطلة في الملفات التي تهم الناس، في حين يتمحور موقفه حول الإفراج عن الأسرى المحتجزين لدى المقاومة، فيما أكد عضو مجلس الحرب المصغر الإسرائيلي، بيني غانتس، أن القتال في غزة قد يستمر "حتى في شهر رمضان" إذا لم يُعاد الأسرى في القطاع".
ومن المتوقع أن يبدأ شهر رمضان خلال أقل من شهر، وسط جهود مصرية وقطرية وأمريكية للتوصل إلى اتفاق يتعلق بالتهدئة في غزة وتبادل الأسرى، لكن وفي سياق الحرب، تستعد "إسرائيل" لشن عملية عسكرية في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، حيث يقيم حوالي 1،4 مليون فلسطيني، وغالبيتهم من النازحين، بعد أن كان عدد سكانها قبل الهجوم في 7 أكتوبر 250 ألف نسمة، وقد طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من الجيش إعداد خطة مزدوجة لعملية عسكرية في رفح، تشمل إجلاء المدنيين وملاحقة عناصر حركة حماس، على الرغم من التحذيرات الواسعة من الجهات العربية والدولية.
ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، شنت "إسرائيل" حربًا إرهابية واسعة النطاق ضد حركة حماس والأهالي في غزة تحت اسم "السيوف الحديدية"، أسفرت عن استشهاد أكثر من 28 ألف شخص حسب السلطات في القطاع، وذلك ردًا على هجوم غير مسبوق من حماس على جنوب الأراضي المحتلة، أطلقت عليه اسم "طوفان الأقصى"، وأسفر عن مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي وفقًا للسلطات الإسرائيلية.
أزمة إنسانية غير مسبوقة
تناولت صحف ومواقع عالمية زوايا متعددة للحرب التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزة، حيث أبرزت الوضع الإنساني المأساوي والدعم الأمريكي لـ"إسرائيل"، بالإضافة إلى التوتر المتصاعد في البحر الأحمر، ونقلت شهادة أطباء فرنسيين عادوا حديثاً من غزة، حيث وصفوا الأوضاع بأنها "مأساوية وفوق التحمل"، مشيرين إلى أن الجيش الإسرائيلي يمارس قتلاً غير قانوني وغير مبرر، وأحد الأطباء شارك تجربته القصيرة في قطاع غزة، حيث قال: "عملت في مناطق سورية محاصرة وفي أوكرانيا بعد الغزو الروسي، لكن ما شاهدته في غزة غير مسبوق".
وإن الحل الوحيد لإنهاء الحرب على غزة يكمن في الاحتجاجات الشعبية من قبل الإسرائيليين والضغط الدولي، وخاصة أنه لا يوجد حل عسكري للقضية الفلسطينية، ما يعني أن خروج "إسرائيل" من غزة وإعادة الأسرى والجنود الغارقين هناك في الوحل ليسا أولوية الآن، طالما أن القيادة السياسية والعسكرية مستمرة في التمسك بالنصر ورفض الحلول السياسية، في ظل "التدمير الذاتي" الذي تمارسه "إسرائيل" من خلال سياستها العدوانية تجاه الفلسطينيين.
وبالتالي، لا يمكن للإسرائيليين أن يتوقعوا الاستقرار ما لم يُولٍ اهتماماً لحقوق الفلسطينيين وتطلعاتهم، بل حتى بوجودهم، ورغم أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يمتلك القدرة على تقييد "إسرائيل"، لكنه يرفض استخدامها، وتوضح تقارير أن إدارة بايدن بذلت جهوداً كبيرة لإخفاء حجم الشحنات الأمريكية من الأسلحة والمساعدات المقدمة لـ"إسرائيل"، بخلاف ما فعلته فيما يتعلق بالشحنات الكبيرة من الأسلحة المقدمة لأوكرانيا، في ظل تصاعد التوتر في البحر الأحمر، حيث إن هذه الأزمة قد تتسبب في موجة جديدة من ارتفاع التضخم العالمي وعرقلة سلاسل الإمداد، ما قد يؤدي بدوره إلى ارتفاع الأسعار.
في الختام، إن تفاقم الوضع الإنساني في غزة قد أسفر عن نتائج خطيرة ومدمرة على السكان والمجتمع في القطاع، ومن بين هذه النتائج ارتفاع مستوى الفقر والبؤس، ومع استمرار الحصار الإسرائيلي وتدهور الظروف المعيشية، فإن مستوى الفقر والبؤس في غزة يزداد يوماً بعد يوم، ويعاني العديد من السكان من نقص حاد في الدخل، وصعوبة الوصول إلى الغذاء والماء النظيف، ما يجعل الحصول على احتياجات أساسية مثل الطعام والدواء أمر صعب للغاية.
كذلك، تدهور الخدمات الصحية، مع انهيار البنية التحتية ونقص الإمدادات الطبية، يزيد الضغط على الخدمات الصحية في غزة، يعاني المستشفيات من نقص في الأدوية والمعدات الطبية الأساسية، ما يؤثر سلبًا على القدرة على تقديم الرعاية الطبية اللازمة للمصابين والمرضى، بالإضافة إلى تأثيرات نفسية واجتماعية، حيث يعاني السكان في غزة من تأثيرات نفسية واجتماعية خطيرة نتيجة للحرب والحصار المستمر، يشعرون بالعزلة والإحباط، ويعانون من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق بشكل متزايد، وخاصة بين الأطفال الذين يعانون من صدمات نفسية جسيمة بسبب العنف المستمر والاحتجاز في بيئة معيشية مأساوية، مع إغلاق المدارس والجامعات وتضرر البنى التحتية التعليمية، يتعرض الشباب في غزة لخسارة فرص تعليمية قيمة، ما يقلل من فرص الحصول على وظائف جيدة في المستقبل، كما يؤثر التدهور الاقتصادي على الفرص الاقتصادية المتاحة، ما يجعل البطالة والفقر أكثر انتشاراً وتعقيداً.