الوقت - كتبت صحيفة تايمز أوف إسرائيل الصهيونية بقلم "باز غانور" رئيس جامعة ريتشموند:
بينما تستمر الحرب بين "إسرائيل" وفلسطين، من الضروري فهم التاريخ والعوامل التي أشعلت الحرب ومعالجة بعض الأسئلة الأساسية، لماذا بدأت هذه الحرب في أكتوبر 2023؟ من يقف وراء ذلك؟
لقد أسس آية الله الخميني الجمهورية الإسلامية الإيرانية في أوائل عام 1979، وأرسى المبدأ الأساسي المتمثل في "تصدير الثورة الإيرانية".
لقد وفرت حرب لبنان الأولى، التي بدأت عام 1982، الظروف المثالية لإيران لتنفيذ خطتها في لبنان، وكان نفوذ إيران على الساحة الفلسطينية أكثر تعقيداً، من حيث المبدأ والممارسة.
تنتمي التنظيمات الإسلامية الفلسطينية إلى التيار السني، ومع ذلك، سرعان ما رحبت فصائل الجهاد الإسلامي بأذرع إيران المفتوحة للفلسطينيين، إن حماس لم تنسق بشكل كامل مع إيران؛ لكنها في النهاية أصبحت تمثل "الدائرة الثانية"، مع الحفاظ على منطقة عملياتية مستقلة.
وقال كاتب التقرير : في أواخر عام 2009، أخبرت مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال جيمس جونز، أنني لا أستطيع أن أفهم لماذا تتوقع الولايات المتحدة من "إسرائيل" أن تتخذ إجراءات خطيرة ومحفوفة بالمخاطر ضد كل بلدان المنطقة.
إذا رأت الولايات المتحدة أنه من الضروري ضرب إيران، فيتعين عليها إنشاء تحالف دولي يضم الدول العربية ونظراء عالميين آخرين، وبعد عقد من الزمان، تشكل هذا التحالف في شكل "اتفاقات أبراهام"، وكان أكبر كابوس لإيران على وشك أن يتحقق.
على مرّ السنين، بدأت "إسرائيل"، بقيادة نتنياهو، عمليات مختلفة تهدف إلى إلحاق الضرر وردع ومنع الأنشطة النووية الإيرانية، سواء كان ذلك اغتيالًا أو اختراق المعلومات أو الهجمات السيبرانية أو التخريب أو الحرق العمد، أو غيرها من الإجراءات، فغضبت إيران ووعدت بالانتقام، حتى أنها نفذت هجمات في عدة حالات، كانت ناجحةً في بعض الأحيان.
إن خلفية الحرب وهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الذي شنته حماس على "إسرائيل"، هو رغبة إيران في الانتقام من "إسرائيل"، لكن الإيرانيين لا يتصرفون بدافع غريزة الانتقام، ولا يمكن فهم هجوم حماس على أنه انتقامي فحسب.
كان الدافع وراء هذه الحرب، هو الهدف الاستراتيجي المتمثل في تنظيم انفجار إقليمي، من شأنه أن يدمر إلى الأبد جهود الولايات المتحدة و"إسرائيل"، لإنشاء تحالفات مناهضة لإيران مع السعودية ودول عربية أخرى.
الحرب في غزة هي حرب بالوكالة، وتم التخطيط لطريقة التنفيذ المستخدمة في طهران لأن هذه هي بالضبط نفس الخطة التي خططت لها إيران لسنوات لمهاجمة "إسرائيل" بواسطة حزب الله.
فقط، بدلاً من الآلاف من أعضاء النخبة في قوات حماس، تضمنت الخطة الأصلية توجيه ضربة أقوى بكثير ضد "إسرائيل"، من قبل مجموعة أكبر بكثير من قوات رضوان التابعة لحزب الله، والتي ستخترق الجبهة الداخلية لـ "إسرائيل"، في الوقت نفسه الذي تطلق فيه عشرات الآلاف من الصواريخ.
ويمضي الكاتب في ادعاء مخالف للواقع (هجوم حماس المستقل)، ويقول: فالنموذج الجنوبي، أي هجوم حماس، كما قيل، كان تماماً مثل خطة إيران للحدود الشمالية من قبل حزب الله.
مع كل احترامي لحماس، لم ولن يكون لديهم القدرة على التخطيط لمثل هذا الهجوم، والتحضير له والتدريب والتسليح وجمع المعلومات الاستخبارية، والأهم من ذلك مفاجأة "إسرائيل"، لكن هذه المفاجأة الإسرائيلية ستُكتب في كتب التاريخ، دون ذكر مساعدة إيران وتخطيطها.
"إسرائيل" دخلت مباشرةً في فخ إيران، والضربة الفظيعة التي وجهتها الذراع الأقل قوةً، دفعت "إسرائيل" إلى التعهد بالتدمير الكامل لحماس، وكانت "إسرائيل" تتصرف وفقاً للخطة الإيرانية تماماً.
ولم تكن "إسرائيل" غير قادرة على اكتشاف نوايا وخطط العمليات من خلال قنواتها الاستخباراتية تجاه حماس فحسب، بل فشلت أيضاً في اكتشاف إشارات استخباراتية حول هذه القضية تجاه حزب الله وإيران، ونتيجةً لذلك، هناك اعتقاد سائد بأن إيران لم تكن متورطةً في الهجوم على "إسرائيل".
وقال الكاتب: في عام 2019، التقيت بنائب رئيس مجلس الأمن القومي الياباني، وامتد الحديث إلى الاتفاق النووي الإيراني، في تلك المرحلة (في أواخر عهد ترامب)، أدرك الرئيس الخطأ الذي ارتكبه، وكان يحاول يائسًا العودة إلى إطار اتفاق نووي جديد.
وأضفت: "والمفارقة هي أن الإيرانيين مهتمون أيضًا باتفاق نووي جديد، لكنهم على استعداد لتقديم أقل مما قدموه في الاتفاق السابق، وعلى ترامب أن يحصل على المزيد".
فابتسم وقال: صدقت، لكن المشكلة هي أنه من أجل تحقيق الهدف نفسه، يلعب الأمريكيون لعبة البوكر (لعبة تكتيكية أمريكية تقوم على الخداع)، ويلعب الإيرانيون "الشطرنج" (لعبة استراتيجية تعتمد على التخطيط بعيد المدى وحساب الخطوات المقبلة).
ويبدو أنه قبل بدء حرب السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، كانت "إسرائيل" أيضاً تلعب لعبة البوكر، باستخدام أساليب المكر والمراوغة والحيلة، بينما كانت إيران تمارس لعبة الشطرنج، وتخطط لبعض التحركات القادمة.