الوقت– تستمر الحرب في غزة، والأطفال والنساء هم أكبر ضحايا جرائم النظام الصهيوني ضد الإنسانية في غزة، وحسب آخر الإحصائيات التي أعلنها ناصر قدرة المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، فقد بلغ عدد الشهداء في غزة حتى مساء السبت الماضي 9488 شهيدا، كما أن من الشهداء 3900 طفل و2509 نساء، وحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن أكثر من 2000 شخص، بينهم 1250 طفلا، ما زالوا تحت الأنقاض في غزة.
الإشارة إلى الجرائم
كثرت التعليقات حول الجرائم التي ارتكبت بحق أطفال غزة في الأيام الماضية، ونشير إلى هذه الأقوال فيما يلي:
عدد الأطفال الذين قتلوا أعلى بثلاث مرات مما هو عليه في أوكرانيا: قال "كريس فان هولين"، ممثل الحزب الديمقراطي الأمريكي، في كلمة ألقاها في الكونجرس الأمريكي: "حسب الأمم المتحدة، فإن 70% من القتلى في غزة نساء وأطفال، أي أكثر من 3500 طفل، استشهدوا جراء الهجمات الإسرائيلية. كما أن عدد الأطفال الذين قتلوا في غزة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية أكبر بكثير من إجمالي عدد الأطفال الذين قتلوا في الحرب في أوكرانيا".
حازم قاسم المتحدث باسم حركة حماس في حديث للجزيرة: "قوات الاحتلال الإسرائيلي تسعى عمداً إلى قتل أكبر عدد ممكن من النساء والأطفال".
وعلى صعيد متصل، قالت وكالات الأمم المتحدة في بيان مشترك: "67% من ضحايا الهجمات الإسرائيلية على غزة هم من النساء والأطفال، ومن جانبها دعمت أنجلينا جولي أهل غزة وقالت: "كانت غزة سجناً لنحو عقدين من الزمن، والآن تحولت سريعاً إلى مقبرة جماعية، 40% من القتلى هم من الأطفال الأبرياء".
وقالت الأمم المتحدة: "وثقنا جرائم إسرائيل ضد الإنسانية، إن العديد من الضحايا في غزة هم من الأطفال، وهذا أمر مقلق للغاية".
أمثلة على الجريمة
قصف مدرسة الخور، أكبر مركز تجمع للاجئين الفلسطينيين: وحسب وزارة الصحة الفلسطينية، يمكن رؤية أسماء 12 شهيداً من الأطفال والنساء في هذا القصف.
قصف على الطريق الساحلي المؤدي إلى جنوب غزة: "استشهاد ما لا يقل عن 8 أطفال في هذا القصف".
قصف منزل في حي الشيخ رضوان: قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلة الغول في حي الشيخ رضوان بغزة، استشهد خلاله 6 أفراد من هذه العائلة، بينهم 3 أطفال.
جريمة منظمة
تزعم بعض المصادر ووسائل الإعلام الغربية أن قتل الأطفال في حرب غزة تم عن طريق الخطأ وبسبب عدم إخلاء السكان شمال غزة، إلا أن هناك أدلة موثقة تثبت أن قتل الأطفال على يد النظام الصهيوني في قطاع غزة عمل منظم ومتعمد ومحسوب بالكامل من قبل الصهاينة.
اقتلوا الأطفال: نشرت مجلة "لحظة" اليهودية الأمريكية مقابلة مع الحاخام الصهيوني "مانيس فريدمان" في عددها الصادر في مايو ويونيو 2009، موضوع المقابلة يدور حول الطريقة الأفضل التي يتعامل بها اليهود الصهاينة مع المواطنين العرب المسلمين في فلسطين المحتلة. وكان جواب فريدمان واضحا، فقال إنني لا أؤمن بالأخلاق الغربية التي تقول لا ينبغي أن تقتل المدنيين أو الأطفال، ولا ينبغي أن تدمر الأماكن المقدسة، ولا ينبغي أن تقصف المقابر، ولا تطلق النار قبل أن يطلق الآخرون النار، وأصر فريدمان على أن الطريقة الصحيحة الوحيدة لشن الحرب هي الطريقة اليهودية: تدمير أماكنهم المقدسة وقتل رجالهم ونسائهم وأطفالهم ومواشيهم، ويعتبر أن هذا الأسلوب هو الطريق الصحيح الوحيد للتغلب على المقاومة الفلسطينية المستمرة.
قتل الأطفال استناداً إلى النصوص الدينية الصهيونية: إذا نظرنا إلى نص الكتاب المقدس، باعتباره مرجعاً تاريخياً للحركة الصهيونية، نجد أن "سفر التثنية" يشرح بوضوح استراتيجية الحرب التي ينبغي لليهود اتباعها ضد الدول الأخرى، يقول هذا الكتاب: "عندما تقترب من مدينة لمحاربتها، حاول أولاً فتح أرضها وشعبها بالسلام، واجعلهم عبيدًا لك وخدمًا، وإذا لم يقبلوا، فحاصرهم، افعل ذلك، فإذا أسلم الرب إله الكتاب المقدس تلك الأرض إلى أيديكم فاضربوا جميع رجالها بحد السيف ونسائها وأطفالها ومواشيها وكل ما في المدينة وخذوا كل شيء غنيمة لأنفسكم، بل غنيمة لأعدائك، قد أعطاك الله
قتل الأطفال في أمريكا: قبل حوالي أسبوعين، وفي ذروة الصراعات في فلسطين والحرب على قطاع غزة، وفي جريمة مروعة، قام صهيوني أمريكي بقطع رأس طفل أمريكي فلسطيني يبلغ من العمر 6 سنوات أمام والدته، وصرخ قائلا للأم "المسلمون يجب أن يموتوا" وأفادت تقارير إعلامية أمريكية بأن طفلا فلسطينيا يبلغ من العمر 6 سنوات تعرض للطعن 26 طعنة على يد صهيوني متطرف في شيكاغو بولاية إلينوي، ما أدى إلى قطع رأسه، كما أصيبت والدة الطفل بجروح خطيرة، وارتكب "جوزيف الزوبعي" البالغ من العمر 71 عاماً، هذه الجريمة دعماً للكيان الصهيوني وبدافع "كراهية المسلمين".
وأصيبت والدة هذا الطفل البالغة من العمر 32 عاما بجروح خطيرة بسكين وتم نقل الضحيتين إلى المستشفى، لكن الصبي توفي بعد وقت قصير من وصوله إلى المستشفى، وحسب قناة الجزيرة القطرية، فقد أعلنت الشرطة الأمريكية أن القاتل ارتكب هذه الجريمة بسبب كون عائلة الطفل مسلمة وبسبب الأحداث الجارية في غزة، كما أعلن مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية أن القاتل المجرم ردد شعارات معادية للفلسطينيين ومعادية للإسلام أثناء ارتكاب الجريمة. ودعا هذا المجلس إلى وضع حد لمعاداة الإسلام ومعاداة الفلسطينيين بين السياسيين ووسائل الإعلام الأمريكية، وحسب هذا التقرير فإن هذا المجرم الصهيوني استهدف هذا الطفل البريء البالغة من العمر 6 سنوات بـ 26 طعنة وأصابه في قلبه ورأسه ورقبته.
لم يسلم أي من مكونات الشعب الفلسطيني من نير الاحتلال الصهيوني، فجرائم الكيان الغاصب طالت حتى براءة الطفل الفلسطيني، ليصبح العام ٢٠٢٣ الأكثر دموية حيال الأطفال، وهذا الأمر ليس بجديد، فالكيان الصهيوني يتغذى على سفك الدماء، وقتل الأبرياء، والتنكيل بهم؛ لذا يقدم مرصد الأزهر في هذا تقريرًا يستعرض أبرز الجرائم التي يتعرض لها الطفل الفلسطيني منذ بداية عام 2023م.
ففي تقرير للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال –وهي منظمة حقوقية مستقلة فلسطينية مقرها في مدينة نابلس- ذُكر أن (٣٧) طفلًا فلسطينيًّا استشهدوا برصاص جنود الاحتلال الصهيوني منذ بداية العام الجاري 2023م. في حين ذكرت منظمة مراقبة حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" أن العام 2023م هو الأكثر دموية على الأطفال الفلسطينيين في الضفة الغربية؛ بسبب انتهاكات الاحتلال الصهيوني.
وما يندى له الجبين، أن قتلة هؤلاء الأطفال الأبرياء لم يتعرضوا لأي محاسبة، أو مساءلة، وهو ما يعني تشجيع قادة الاحتلال لجنودهم على إراقة المزيد من الدماء الفلسطينية، حتى وإن كانت لأطفال لا يمثلون أي تهديد على حياة أولئك الجنود المحتلين، ومما ورد في التقرير أن جميع حالات إطلاق النار كانت على الجزء العلوي من أجساد الأطفال، دون إصدار إنذارات، أو استخدام وسائل شائعة أقل فتكًا، وهو ما يثبت تأكد الجنود من عدم محاسبتهم على ما يقترفون، وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية قد نشرت خبرًا أشارت فيه إلى أنه منذ ديسمبر من عام 2021م، بات مسموحًا للجنود الصهاينة بإطلاق النار على الفلسطينيين –كبارًا، أو أطفالًا- حتى في حال إلقائهم مجرد الحجارة، أو الزجاجات الحارقة، دون تحذير، أو استخدام وسائل أخرى مثل قنابل الغاز التي تمكنهم من تفريقهم دون قتلهم، وكأن القتل هو أيسر الأمور على أولئك المجرمين.
وتمتد معاناة الطفل الفلسطيني من القتل إلى الاعتقال في ظروف غير إنسانية، ويبلغ عدد الأطفال المعتقلين لدى الاحتلال الصهيوني نحو (170) طفلًا، موزعين على معتقلات "مجدو"، و"عوفر"، والدامون"، والتي وصفتها "هيئة شؤون الأسرى والمحررين" الفلسطينية بأنها سجون تفتقر إلى الحد الأدنى من المقومات المعيشية الإنسانية، ونشرت الهيئة تقريرًا، في ١٠ أغسطس ٢٠٢٣م، طالبت فيه المؤسسات الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان بالتدخل الفوري والعاجل، لوقف الاعتداءات الهمجية الإجرامية المتكررة التي يتعرض لها الفلسطينيون في مراكز التحقيق، وخلال عمليات اعتقالهم واقتيادهم والتنكيل بهم من قبل جيش الاحتلال، وقالت: إن الأطفال يتعرضون لأساليب تعذيب منافية للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولم تحدث في تاريخ الحقوق والأمم، ما يشكل وصمة عار على جبين هذه المنظمة، والمنظمات الحقوقية الدولية، التي عجزت عن تأمين الحد الأدنى لحماية هؤلاء الأطفال.