الوقت- بينما حاول الصهاينة عدة مرات الدخول إلى غزة عن طريق البر، نفذوا الليلة أيضًا واحدة من أعنف هجماتهم، لكنهم يرفضون الإعلان رسميًا عن ذلك.
وحسب تقارير إعلامية، فإن سلطات الكيان الإسرائيليّ، وعلى الرغم من بدء عملية الدخول إلى غزة عن طريق البر، تعلن في كل مرة أن هذه العملية ليست العملية الرئيسية وأنها مجرد عملية محدودة أو امتداد للعملية الإرهابية السابقة، وهذا الأمر فرض على فريق الدعاية الصهيونية، بحيث إنه في مواجهة فشل الدخول البري، ستكون هذه الهزيمة أقل إذلالاً لهم، وكانت عملية الليلة في الواقع محاولة أكيدة للدخول إلى غزة عن طريق البر، لكنها واجهت فشلا ذريعا حتى الآن، ولقد تعلم الإسرائيليون كيف يقتلون الأطفال جيداً، لكنهم لم يحققوا حتى نصراً عسكرياً حقيقياً على مدى العقدين الماضيين على الأقل.
تحذيرات جديّة من الصهاينة أنفسهم
عسكريون إسرائيليون سابقون وخبراء أمنيون قد حذروا في لقاءات مع وسائل الإعلام الإسرائيلية من أخطار التوغل البري في قطاع غزة دون إجراء دراسة مستفيضة، وشددوا على ضرورة إيلاء الأولوية لمسألة المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وذكر رئيس شعبة البحث العسكري السابق، داني روتشيلد، في تصريحات للقناة الإسرائيلية 13 أن أي هجوم بري على قطاع غزة يجب أن يكون بطيئًا ومدروسًا مع النظر في الآثار المستقبلية، وأشار إلى أن الدخول البري سيشكل تحدياً كبيرًا على الجبهة الشمالية، ويجب التهيؤ لهذا السيناريو.
ومن ناحية أخرى، حذر رئيس هيئة الأركان السابق، الجنرال الاحتياط دان حلوتس، من أن الدخول إلى غزة لن يكون سهلاً، وأعرب عن عدم ثقة الجنود في رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، معتبرًا أنه ليس الشخص المناسب لقيادة حكومة "إسرائيل" وأن وجوده يشكل تهديدًا جسيمًا على الدولة.
وتمير هايمن، مدير معهد دراسات الأمن القومي السابق، أشار خلال مقابلة مع القناة 12 إلى أن تحرير المحتجزين يجب أن يكون جزءًا من أهداف الحرب، معتبرًا أن هذا الهدف له أبعاد استراتيجية وعالمية.
كذلك، أكد الجنرال الاحتياط يسرائيل زيف، رئيس قسم العمليات السابق، أن "أحد أهم أهداف المناورة العسكرية هو خلق ضغط لتحرير المختطفين"، مشيرًا إلى أنه يعتقد أنه من الصعب تفكيك بنية تنظيم حماس بشكل جذري في وقت قصير، ولذلك تتطلب "إسرائيل" وقتًا كافيًا خلال توغلها البري في قطاع غزة.
وهداس كلدرون، سيدة تعاني من احتجاز أبنائها وزوجها في غزة، أعربت عن ضرورة أن يكون هدف حكومتها هو تحرير المحتجزين، مشيرة إلى أنها تخشى من الهجوم البري المزمع، وقد ذكر أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب عز الدين القسام، أن هناك ما بين 200 و250 أسيرًا إسرائيليًا في غزة، وأن 200 منهم يتم الاحتفاظ بهم لدى الكتائب.
وعلى هذا الأساس، أفاد جيش العدو الإسرائيلي بأنه قام بإبلاغ عائلات 212 شخصًا بأن أبناءهم محتجزون في قطاع غزة.
وأشار الإعلام الإسرائيلي إلى التحليلات حول هجوم إسرائيلي بري على قطاع غزة، حيث أكد محللون ووزراء أن هذا الهجوم سيكون تحديًا صعبًا وممكن أن يستغرق نحو 3 أشهر.
وقد حذر محلل الشؤون العربية في القناة 13، تسفي يحزقئيلي، من أن سكان قطاع غزة يترقبون الإجراءات الإسرائيلية، مشيرًا إلى أنهم قد حافظوا على رجالهم وقاموا بتجهيز أنفسهم لمواجهة هذا السيناريو، كما أشار إلى أن ميزانيات هائلة تم تخصيصها للقطاع خلال العقد ونصف العقد الماضيين تم استثمارها في تطوير البنية التحتية في القطاع.
معركة طويلة ومعقدة
بصراحة غير مسبوقة من الصهاينة، أشار محلل الشؤون الأمنية والجيش، ألون بن ديفيد، إلى التحضيرات للمناورة البرية، لافتاً إلى أن الجيش الإسرائيلي قد كشف عن تلك التحضيرات للمرة الأولى. يقوم الجيش حالياً بمرحلة إقرار الخطط، ويتعرف على أن المناورة البرية على وشك البدء، مشيرًا إلى أنه لم يتبق الكثير من الوقت. وأقر بأن هذه المناورة ستكون غير سهلة وستستغرق وقتًا طويلاً، وستكون مؤلمة وستمتد على فترة زمنية طويلة، ولن تكون سريعة تقتصر على يوم أو يومين.
ورأى المحللون العسكريون، مثل رافي ريشف ونير ديفوري، أن العملية البرية ستكون معركة مستمرة وصعبة، وستتطلب تحمل تكاليف باهظة، قد أشاروا إلى أن هذه المعركة ستكون معقدة للغاية، وسيكون من الصعب التنبؤ بمجرياتها، وسيتعين على القوات الإسرائيلية التعامل مع العديد من التحديات في هذا السياق.
وحسب نير ديفوري، فإن الجهود الحالية من قبل السلاح الجو الإسرائيلي تهدف إلى تجهيز المنطقة استعداداً للدخول البري المتوقع، وهذا يتضمن استهداف وتدمير البنية التحتية والأجهزة الدفاعية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في القطاع، ويُظهر ذلك التحضير الدقيق الذي يتم للمرحلة القادمة والتي قد تشهد عملية برية في غزة.
ووفقاً لمراسل القناة 12 في الجنوب، هناك تقديرات تشير إلى أن الهجوم البري المحتمل في غزة قد يستمر لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، وهذا يظهر توقعات بأن العملية البرية ستكون عملية طويلة ومعقدة تتطلب وقتاً كبيراً لاستكمالها، ومن ناحية أخرى، أقر وزير حزب الليكود، ميكي زوهر، بأن تل أبيب دفعت "ثمنا غاليا وعاليا جدا كان من الممكن تفاديه" فيما يتعلق بالأحداث الأخيرة، وقال إنه لا يوجد توتر داخلي بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.
حربٌ شاملة قريبة
تعيش تل أبيب حالة من القلق العميق بسبب التصعيد المحتمل مع محور المقاومة، ويُشير الخبراء والمحللون في "إسرائيل" إلى مخاوفهم بشدة بشأن أي حرب جديدة مع المحور، معتبرين أن "إسرائيل" قد فقدت قوتها الردعية ضد المقاومة، ويرون أن القرارات المستقبلية لم تعد مناسبة لاستعادة الردع الإسرائيلي وأن الأوان قد فات بالمقارنة مع الأساليب التي استخدمها الجيش الإسرائيلي خلال هجماته الأخيرة على غزة، فإنه لا يمكن بالضرورة تطبيق كل هذه الأساليب في الحرب البرية مع تهديدات محور المقاومة.
وتزداد المخاوف في الكيان بسبب تنامي القوة الصاروخية لمحور المقاومة واحتمالية اندلاع مواجهة عسكرية كبرى معها، ويتجلّى هذا القلق في تطور مشروع الصواريخ الدقيقة للمقاومة، الذي يشكل تهديداً للجبهة الداخلية والبنية التحتية الاستراتيجية لـ"إسرائيل"، ويوصف هذا المشروع الصاروخي مرارًا بأنه "تهديد استراتيجي" لـ"إسرائيل"، وتدرك تل أبيب تمامًا خطورته.
يُلاحظ بوضوح أن قوة "محور المقاومة" قد تصاعدت بشكل لافت في السنوات الأخيرة، وحققت انتصارات ملحوظة في مناطق متعددة بدءًا من إيران وصولًا إلى العراق وسوريا ولبنان، ممتدة حتى اليمن.
في هذا السياق، تعيش "إسرائيل" حالة من القلق المتزايد بشأن وجودها أكثر من أي وقت مضى، هذا القلق مرتبط بالتطورات في المنطقة والأحداث الجارية في الأراضي الفلسطينية، وخصوصًا بعد الأحداث الأخيرة التي أثرت بشكل كبير على تل أبيب وأجهزتها العسكرية.
ويبدو أن هناك تنبؤاً متزايداً بحدوث حرب كبرى في المنطقة في ظل الحكومة الحالية لـ"إسرائيل" برئاسة بنيامين نتنياهو، وهذا السيناريو يثير قلقاً كبيراً بشأن احتمال "أمطار الصواريخ".
وتأتي هذه التوترات في سياق استمرار العدوان والعنصرية الوحشية من قبل الكيان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، ولا سيما بتنفيذ خطط مثل "الإبادة الجماعية" التي تستخدمها "إسرائيل" ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وتأتي هذه الأحداث مع استمرار اعتداءات "إسرائيل" على مقدسات وممتلكات المدنيين ومحاولاتها تنفيذ التطهير العرقي والتهجير القسري لمصلحة المستوطنين. جميع هذه العوامل تشكل تهديداً واضحاً، ما يدفع القوى الفلسطينية والمقاومة إلى تعزيز استعدادها لمواجهة التحديات السياسية والأمنية بكل جدية واستعداد.
نتيجة كل ما ذكر، ستفشل قوات الاحتلال في اقتحام غزة، وإن التصعيد الإسرائيلي الحالي يمكن أن يؤدي إلى اشتعال مقاومة شاملة في فلسطين والمنطقة بأسرها.
يُعتقد أن هذا التصعيد يهدف إلى ردع الكيان الإسرائيلي واستعادة الحقوق الفلسطينية، وتحرير الأرض والمقدسات، والوقت قد حان لوضع حد لهذا العدوان، وتُظهر المقاومة في المنطقة تحقيق انتصارات كبيرة ضد الكيان الإسرائيلي وتغيير مجريات الأحداث على المستوى المحلي والإقليمي، إضافة إلى ذلك، تظهر أن تل أبيب لم تعد قادرة على حسم المعركة ضد حركة حماس في قطاع غزة، ولا يمكنها فرض سيطرتها على كامل محور المقاومة، وخاصةً مع وجود الخلافات الحادة داخل أوساط الإسرائيليين.