الوقت- تجددت الأعمال القتالية بين مكونات تحالف واشنطن في منطقة شرق نهر الفرات، التي تسيطر عليها ميليشيات «قسد» وتضم أهم قواعد الاحتلال الأمريكي غير الشرعية حول حقول النفط والغاز، ما ضاءل من فرص تحرك قوات «التحالف» باتجاه منطقة غرب الفرات للسيطرة على مدينة البوكمال ومعبر القائم، وعزز من الاعتقاد بتبخر آمال إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في تغيير خريطة السيطرة لجيشها المحتل في الشرق السوري عبر الإطباق على الحدود السورية العراقية بشكل كامل، واحتدم الصراع مجدداً خلال اليومين الماضيين بين مسلحي "قسد" وما يسمى «مجلس دير الزور العسكري»، واللذين ينضويان تحت مظلة القيادة العامة للأولى المنخرطة في صفوف تحالف واشنطن، وذلك بعد جولة اقتتال خلفت قتلى بين الطرفين في ٢١ الشهر الماضي، على خلفية تبادل السيطرة على حواجز وبلدات بريفي دير الزور الشمالي والشرقي.
وأشارت صحيفة الوطن السورية إلى أن سبب الصراع بين تشكيلات «قسد»، يعود إلى الخلاف المستتر والظاهر بين متزعميها والمكون العربي داخل مناطق هيمنتها، الذي يشتكي من تهميشه إلى حد لا يسمح له بالمشاركة في اتخاذ القرارات داخل القيادة العامة للميليشيا، ولا حتى الحصول على أي نفوذ أو امتياز في المناطق ذات الأغلبية لأبناء العشائر العربية.
مصادر محلية في ريف دير الزور الشمالي ذكرت أن اشتباكات دارت أول من أمس وتكررت صباح أمس بين مسلحين تابعين لما تسمى «قوى الأمن الداخلي- الأسايش» التابعة لـ «قسد» مع مسلحين من «مجلس دير الزور العسكري» عند معبر الصالحية، الذي يصل بين مناطق هيمنة الميليشيات ومناطق الجيش العربي السوري في دير الزور لتسهيل عبور الطلاب والأشخاص وخصوصاً للحالات الإنسانية.
وقالت المصادر: إن ٤ جرحى سقطوا خلال الاشتباكات ٣ منهم من مسلحي «مجلس دير الزور العسكري»، الذي طالب بمؤازرة العشائر العربية له للتصدي لتحرشات وأطماع «قسد» في السيطرة على مقدرات المنطقة الغنية بالنفط والغاز والثروات الزراعية والمائية بشكل كامل.
ولفتت إلى أن تعديات «قسد» المتكررة على «مجلس دير الزور العسكري» وعلى العشائر العربية، وآخرها اعتقال «الشرطة العسكرية» لمتزعم لواء «البصيرة» الملقب بـ«الليبي» خلال توجهه مع عائلته إلى محافظة الرقة أول من أمس، ستؤجج الصراع الضاربة جذوره بعمر سيطرة «قسد» على الجزيرة السورية.
المصادر أشارت إلى أن دعم الاحتلال الأمريكي في مناطق شرق الفرات لـ«قسد» سيؤثر في تحالفاته مع القبائل العربية، التي دخل في حوارات معها لتشكيل «جيش عشائري» يحيط بمناطق نفوذ الميليشيا، وللمشاركة في عملية عسكرية مدعومة للتقدم نحو ضفة الفرات الغربية، وهو مسعى بعيد المنال في ظل الظروف المعقدة والاشتباكات التي تعيشها المنطقة بين مكونات تحالف واشنطن، عكس ما تروج له بعض المواقع من احتمالية السيطرة على كامل الحدود السورية – العراقية، إلى ذلك، أعلنت مصادر مقربة من «قسد»، أن رتلاً عسكرياً تابعاً لها تعرض مساء أول من أمس لهجوم مباغت بالأسلحة الرشاشة وقذائف «آر بي جي» من مجهولين، يعتقد أنهم من أبناء القبائل العربية، في محيط حقل العمر النفطي شرق دير الزور، الذي يضم أكبر قاعدة عسكرية للاحتلال الأمريكي إلى جانب قاعدة حقل كونيكو للغاز.
وأكدت المصادر مقتل ٣ عسكريين وجرح ٦ آخرين من «قسد» في الهجوم، الذي توقعت أن يتكرر في الفترة المقبلة وأن يطال القواعد العسكرية للاحتلال الأمريكي في إطار التوتر السائد في المنطقة، وفي ظل عدم ثقة القبائل العربية بالمحتل الأمريكي وقناعتها أنه إلى زوال وفي زمن ليس ببعيد.
ولفتت إلى أنه وعلى الرغم من استنفار قوات «قسد» في منطقة الاستهداف، وتحليق الطيران المروحي الأمريكي في سمائها، إلا أن المهاجمين تمكنوا من الفرار من دون تقفي أثرهم أو القبض على أحد منهم، الأمر الذي استدعى تكثيف الميليشيا تعزيزاتها في محيط الحقل النفطي خشية تكرار الهجمات وتوجهها صوب قاعدة المحتل الأمريكي داخل الحقل.
وأشارت إلى أن الاشتباكات بين الطرفين امتدت لتصل إلى محيط حقل «كونيكو» حيث منطقة المعامل، وإلى بلدة الشحيل بريف دير الزور الشرقي، التي تعرض أحد حواجز «قسد» فيها إلى هجوم أدى إلى جرح اثنين من مسلحيه.
قطع حدود
إلى ذلك، كانت تقارير إعلامية سورية، أفادت بأن القوات الأمريكية الموجودة في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار غرب العراق، تنوي غلق الشريط الحدودي مع سوريا.
من جانبها، نقلت وسائل عراقية، معلومات مسربة من مصادر أمنية في قاعدة عين الأسد الجوية، كشفت نية القوات الأمريكية إغلاق الحدود مع سوريا، لدواع غير واضحة بالتزامن مع وصول تعزيزات حربية للقوات الأمريكية المتمركزة داخل العمق السوري.
ولفتت المصادر الأمنية العراقية إلى “عدم وجود معلومات كافية لديها، حول هذا التوجه رغم استقرار الأوضاع الأمنية وعدم وجود أي تهديدات إرهابية محتملة”، مشيرة إلى أن “القوات الأمريكية كثفت خلال الفترة الحالية من عمليات الاستطلاع الجوي للطيران الحربي والمسير على المناطق الغربية باتجاه العمق السوري”.
لماذا هذا التأجيج المفاجئ؟
في ظل تضارب المعلومات حول هدف التحرك الأمريكي، يقول مراقبون إن الولايات المتحدة تريد الضغط على بعض الفصائل في العراق لعدم مهاجمة القوات الأمريكية كما حصل في أوقات سابقة باستهداف ما تسمى قوات “التحالف الدولي”، وعلى المقلب السوري، قرأ المراقبون الحديث عن عمل عسكري مرتقب للقوات الأمريكية على الحدود، كوسيلة للضغط على الحكومة السورية للحصول على تنازلات في سياق المفاوضات العربية مع سوريا، وخصوصاً أن التحرك الأمريكي تزامن مع حالة الجمود في التواصل العربي مع دمشق، وفي الوقت الذي تتحدث المعلومات عن حالة تسخين للجبهة الشرقية، يرى المراقبون أن الجميع يسعى إلى التهدئة وتجنب المواجهة العسكرية في سوريا، وقد يسهم الاتفاق الأمريكي – الإيراني، والتواصل الأخير بين طهران والرياض في تجنب مواجهة عسكرية، وستؤثر على العراق أيضاً.
الكشف عن خفايا التحركات العسكرية الأمريكية في العراق
كشف الخبير الأمني والعسكري، عقيل الطائي، يوم السبت الماضي، خفايا التحركات الأمريكية العسكرية في المحافظات العراقية وقال الطائي: إن "واشنطن لا تكترث لمطالبات الحكومة بضرورة إخراج القوات القتالية والإبقاء على المدربين"، مشيرا إلى أن "أمريكا افتعلت هذا المخطط من أجل السيطرة على مقاليد الإدارة والسياسة في العراق"، وتابع إن "المناورات التي تريد أمريكا القيام بها برا وجوا وتستعد لها شمال العراق مع القوات التركية خير دليل على وجود قوات مقاتلة، وازداد عددها خلال الفترة الحالية"، لافتا إلى أن "استعراض الولايات المتحدة الأمريكية يعود إلى محاولة محاصرة سوريا من جهة العراق وخاصة بعد إعادة دورها في المحور العربي".
وأضاف الطائي خلال حديثه، قائلاً: إن "أحد أبرز نقاط المخطط الجديد هو إعادة توزيع عصابات "داعش" بمستوى جديد وتسليح متطور وتزويد بعض العصابات بصواريخ همر محمولة على عجلات في البادية السورية"، متابعاً إن "واشنطن أنشأت جسراً جوياً بين القواعد الأمريكية في شرق الفرات وقاعدة البغدادي وقاعدة حرير"، وأكد الخبير الأمني والعسكري عدنان الكناني، أن "المتتبع للتحركات التي تقوم بها الإدارة الأمريكية عسكريا ودبلوماسيا يلاحظ وجود طبخة أمريكية جديدة لاستهداف السيادة العراقية وكذلك دول المنطقة وفي مقدمتها سوريا بعد إعادتها إلى الجامعة العربية" وكان القيادي في ائتلاف دولة القانون حيدر اللامي قد أكد أن الحكومة ووزارة الخارجية العراقية يشيرون إلى ضرورة الاستفهام عن التحركات العسكرية الأمريكية المريبة التي تحدث الآن، فيما أكد أن الاتفاقية الأمنية مع أمريكا تنص على عدم وجود حصانة للقوات المقاتلة الأجنبية على الأراضي العراقية.