الوقت- مؤخراً، اعترف مسؤول أمني إسرائيلي كبير، أنّ كيان الاحتلال يواجه تزايد قوة حماس في الضفة الغربية، وأنه لا توجد إمكانية للردع ضد حركة حماس، لأن (حسب قوله) هذه المجموعة الفلسطينية أقرب إلى إيران مما يعتقد الإسرائيليون، حيث اعترف ماير بن شبات، رئيس مجلس الأمن السابق للكيان الصهيوني، بأن حركة حماس اليوم هي إحدى الحركات التي لا نستطيع إيقافها بنسبة 100٪، وهذا المسؤول كان من أعلى المسؤولين الأمنيين للكيان الصهيوني بين عامي 2017 و 2021، في ظل تزايد قوة حركة حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة والذي يمكن أن يرتبط بعدة عوامل، من بينها الوضع السياسي والأمني في المنطقة والظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الفلسطينيون الرازحون تحت نير الاستعمار العسكريّ للقوات الإسرائيلية.
حماس أقوى من الماضي في الضفة
"ما شهدناه خلال هذه الفترة هو ضبط النفس الطوعي والهادف لحركة حماس، وليس له علاقة بإجراءات الردع التي يتخذها الكيان الصهيوني"، هذا ما قاله المسؤول الإسرائيليّ الذي أكّد أنّ علاقة هذه المجموعة المقاومة بحزب الله وإيران لا يمكن وصفها باتفاق، بل مشاركة فصيلين وبنية عسكرية لتدمير الاحتلال الإسرائيليّ، وإنّ بن شبات، الذي يحظى بثقة كبيرة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولهذا السبب تم تعيينه في هذا المنصب في السنوات الأخيرة من خدمته من جهاز الأمن الداخلي للكيان الصهيوني الشاباك وقيادة المنطقة الجنوبية لجيش هذا الكيان، كشف أن خطة تل أبيب الرئيسية والمركزية في الوقت الحالي هي خلق فصل أمني بين الضفة الغربية وغزة.
وتشير المعلومات التي كشفها المسؤول الإسرائيلي الذي يرأس حاليًا معهد الأبحاث والاستراتيجيات الأمنية الصهيونية أن نجاح السلطة الفلسطينية يتماشى مع مصالح تل أبيب، لكن الخطر المتزايد الذي نواجهه هو زيادة قوة حماس في الضفة الغربية، لأن الإسرائيليين لا يريدون أن يروا وجود ونشاط هيكل موحد مع طهران داخل الضفة الغربية، ويتعلق هذا الأمر الذي يقلق الصهاينة بالتطورات السياسية والأمنية في المنطقة، وهو موضوع يثير الكثير من المشاعر والآراء المتباينة لديهم، لكن من المهم أن نفهم بعض النقاط الأساسية حول هذا الموضوع.
أولاً، يجب الإشارة إلى أن حماس هي حركة فلسطينية مقاومة تأسست في قطاع غزة وتحكمها حالياً، وليست في الضفة الغربية، ومع ذلك، فإن حماس لها تأثير في الضفة الغربية من خلال شبكة من الأنصار والنشطاء والمؤيدين.
ثانياً، إن الضفة الغربية تحت السيطرة الفلسطينية بشكل عام، ولكن هناك مناطق محدودة تحت السيطرة الإسرائيلية، وهذا يشمل المستوطنات الإسرائيلية التي تعتبر غير شرعية بموجب القانون الدولي.
ثالثاً، إن القضية الفلسطينية هي قضية معقدة ومتشعبة، ولا يمكن فهمها بسهولة أو بساطة، وتتأثر التطورات السياسية والأمنية في المنطقة بالعديد من العوامل المختلفة، بما في ذلك السياسات الإسرائيلية، والتحديات الداخلية التي تواجهها السلطة الفلسطينية، والتدخلات الخارجية، والتغيرات في المنطقة والعالم.
وبشكل عام، يمكن القول إن تزايد قوة حماس في الضفة الغربية يمكن أن يكون نتيجة لعدة عوامل، بما في ذلك الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي يواجهه الفلسطينيون في المنطقة، والتحديات السياسية التي تواجهها السلطة الفلسطينية، إضافة إلى العمليات الإسرائيلية المستمرة في الضفة الغربية والتي تؤثر على حياة الفلسطينيين. ومع ذلك، فإن الوضع يختلف من منطقة إلى أخرى في الضفة الغربية، ولا يمكن الحكم على الوضع بشكل عام دون دراسة الحالة الفردية لكل منطقة.
تحولات سياسية في فلسطين
يمكننا القول، إن تزايد قوة حماس في الضفة الغربية يمكن أن يكون مرتبطًا بالتحولات السياسية في الأراضي الفلسطينية، وخاصةً بعد انتخابات الرئاسة الفلسطينية في عام 2021، التي أسفرت عن فوز محمود عباس بالرئاسة بنسبة كبيرة من الأصوات، ومع ذلك، فإن الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في الربع الأول من عام 2021 تم تأجيلها عدة مرات بسبب عدم التوصل إلى اتفاق بين الفصائل الفلسطينية.
ومن الممكن أن يؤدي تأجيل الانتخابات الى تفاقم الأزمة السياسية في الأراضي الفلسطينية وتقوية دور حماس في الضفة الغربية، وتعمل حماس على تعزيز وجودها في الضفة الغربية من خلال العديد من النشاطات السياسية والاجتماعية والخدمية والثقافية، بما في ذلك توزيع المساعدات وتقديم الخدمات الاجتماعية للفلسطينيين، ومن جانبها، تسعى السلطة الفلسطينية إلى الحفاظ على سيطرتها على الضفة الغربية وتعزيز قوتها السياسية والاقتصادية، وذلك من خلال تحسين الخدمات العامة وزيادة الاستثمارات في المشاريع الاقتصادية وتوفير فرص العمل للشباب وتعزيز العمل السياسي والدبلوماسي للفلسطينيين.
ومن المهم الإشارة إلى أن الوضع السياسي والأمني في الأراضي الفلسطينية يتأثر بشكل كبير بالتدخلات الخارجية، وخاصةً من قبل كيان الاحتلال والمجتمع الدولي، وتواجه السلطة الفلسطينية تحديات كبيرة في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية والتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للفلسطينيين، ويمكن القول إن تزايد قوة "حماس" في الضفة الغربية يعكس تحولات سياسية واجتماعية في المنطقة، ويبرز ضرورة إيجاد حلول سياسية شاملة للقضية الفلسطينية تحقق حقوق الفلسطينيين وتضمن الاستقرار والسلام في المنطقة.
حركة تحرريّة وازنة
تعتبر حركة حماس حركة إسلامية فلسطينية وازنة، تأسست في عام 1987، وتركز على قضية التحرر الوطني للفلسطينيين وتحقيق حقوقهم الوطنية والدينية والثقافية، وقد حققت حماس انتصارات سياسية مهمة في الانتخابات الفلسطينية في عام 2006، حيث فازت بغالبية المقاعد في المجلس التشريعي الفلسطيني، ومنذ ذلك الحين، وفي ظل الوضع السياسي والأمني المتأزم في الأراضي الفلسطينية، تزايدت قوة حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك من خلال النشاط السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي. وتعمل حماس على تعزيز وجودها وتوسيع قاعدتها الجماهيرية من خلال تقديم الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية والثقافية للفلسطينيين، وتوفير الدعم المادي والمعنوي للعائلات الفقيرة والمحتاجة.
وعلاوة على ذلك، يمكن أن يكون تنامي قوة حماس مرتبطًا بانعدام الثقة بين الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية، وخاصةً بعد فشل المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي والتي لم تؤدِ إلى إيجاد حل سياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبالتالي، يعتبر الفلسطينيون حركة حماس بديلاً للسلطة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق حقوقهم، ويمكن لتنامي قوة حماس أن يؤدي إلى تصعيد القلق الإسرائيليّ في المنطقة وزيادة الاحتكاكات مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك، فإن الحل الوحيد لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة يكمن في دعم الحركات التحررية، بما يحقق العدالة والمساواة للفلسطينيين، ويضمن حقوقهم وحرياتهم الأساسية، ويجب على السلطة الفلسطينية مقاطعة الجهات الإسرائيلية، والعمل سوياً مع الفصائل لتحقيق هذه الأهداف، وتجنب التصعيد العسكري الإسرائيلي والعنف والانتهاكات لحقوق الإنسان التي يقوم بها المحتل، ويمكن تحقيق ذلك من خلال إيجاد حوار بناء ومستدام بين الفصائل المعنية، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
حماس وشعبيتها الكبيرة
تتمتع حركة حماس بشعبية كبيرة في فلسطين، وخاصةً في قطاع غزة وبعض المناطق في الضفة الغربية، ويعزى ذلك إلى عدة عوامل، من بينها مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وتمثل حركة حماس وجهاً للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وقد حققت انتصارات مهمة في المواجهات العسكرية مع الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى تعزيز شعبيتها بين الفلسطينيين، مع النشاط الاجتماعي والخدمي، حيث تقوم حركة حماس بتقديم الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية والثقافية للفلسطينيين، وتوفير الدعم المادي والمعنوي للعائلات الفقيرة والمحتاجة، ما يعزز شعبيتها بين الناس.
كذلك، العمل السياسي، حيث تقوم حركة حماس بالعمل السياسي والدبلوماسي لتحقيق أهدافها، وتستخدم وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لتعزيز صورتها وشعبيتها، إضافة للفساد الحكومي، فالفلسطينيون يرون أن شعبية حركة حماس تزايدت نتيجة لعدم الرضا عن الحكومة الفلسطينية الحالية والفساد الذي يرافقها، وبالتالي ينظر الفلسطينيون إلى حماس على أنها بديل للحكومة، كما أن حركة حماس تتميز بأنها حركة إسلامية، وبالتالي ينظر إليها البعض على أنها تمثل القيم الدينية والأخلاقية في المجتمع الفلسطيني، وهذا يزيد من شعبيتها بين الجماهير الدينية، ويجب الإشارة إلى أن هناك توجهات سياسية مختلفة في فلسطين، وحركة حماس ليست الحركة الوحيدة التي تتمتع بشعبية في فلسطين، ويتوقف مستوى الدعم الشعبي لكل حركة على عدة عوامل، من بينها الوضع السياسي والاقتصادي والأمني في المنطقة، والتوجهات الثقافية والإيديولوجية للفلسطينيين.