الوقت- ضجت المواقع الإخبارية الفلسطينية بالمكالمة الهاتفية بين قيادات حماس وأسرة منفذي العملية الاستشهادية، حيث اتصل قادة حماس بأسرة منفذي العملية الاستشهادية في بلدة "كدوميم" شمال الضفة الغربية، ووصفوا العملية الاستشهادية لأحمد ياسين بأنها مرهم لجروح قلوب الشعب الفلسطيني، وخاصة عقب فشل الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، ما يدل على الرغبة بارتفاع العمليات الفدائية والتأثير الأكبر للنشاط الجهادي الفلسطينيّ، في ظل ما تعيشه مدن الضفة على وقع الجرائم الجيش الإسرائيلي، وتصاعد توتر الأوضاع نتيجة أعمال العنف والتهجير الإسرائيليين، ناهيك عن رغبة "إسرائيل" في إبادة المدنيين وتدمير حياته، وهذا يمكن أن يشعل النار في أي لحظة في هشيم الاحتلال، الذي يعترف بفشله وأنه غير قادر على السيطرة في المنطقة، وهذا يعني أن تل أبيب تصل إلى حدود فشل القوة العسكرية، حيث لا يوجد ولم ينجح أي حل عسكري لإبادة أصحاب الارض في فلسطين، وضعف الجيش الإسرائيلي يعود إلى النقص الاستخباري والأمني والتكنولوجي، ناهيك عن الأسباب الكثيرة الأخرى لضعفه وفشله.
رسالة واضحة للكيان
يبدو أن إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس تحدث مع صالح العروري نائب هذه الحركة الملقب بالشيخ هلال غظان والد أحد شهداء كتيبة عز الدين القسام، "أحمد ياسين" على الهاتف مؤخرا، وكان الاتصال يحمل الكثير من الرسائل للعدو، في ظل معاناة جيش الاحتلال الإسرائيلي من ارتفاع حدة المقاومة، ناهيك عن النقص في الكادر البشري بالجيش، واستقالة مئات الضباط خلال عام واحد فقط من الخدمة، وتدفع العوامل الداخلية التي صنعتها حكومة العدو وأخرى خارجية الشباب الإسرائيلي للعزوف عن الخدمة العسكرية بعد تراجع سمعة الجيش وسلسلة هزائمه، وحسب الجيش الإسرائيلي فإن السبب الرئيس في نقص القوى البشرية هو ما أسماه "النشاط العسكري المستمر لمواجهة موجة العمليات الفلسطينية" في شمال الضفة الغربية.
وفي الوقت الذي قال فيه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لوالد الشهيد إن فلسطين كلها فخورة بهذا الشهيد الشجاع الذي كتب صفحة متألقة من صفحات جهاد الأمة، وقاتل ضد الصهاينة في بلدة الوزير الصهيوني المتطرف "بتسلئيل سموتريتش"، تظهر رغبة حماس في تصعيد الرد مع الاحتلال –لا يعلم متى وكيف-، حيث تشهد مناطق الضفة الغربية بأكملها حالة من التوترات المستمرة، في ظل تزايد هجمات قوات الاحتلال والمستوطنين وشرطة الاحتلال على القرى الفلسطينية، فيما يرد الفلسطينيون بعمليات مسلحة ضد المصالح والأهداف الإسرائيلية، في وقت يعلم جيش لاحتلال الإسرائيلي جيدًا أن مدن الضفة الغربية المحتلة بأزقتها وشوارعها لم تعد آمنة كما السابق والدليل ما حدث في جنين مؤخرا، وقد تغيرت فيها الكثير من المعادلات الأمنية التي فرضت واقعاً جديداً يشكل خطرًا على كل جندي أو مستوطن، وبات جيش الاحتلال العسكريّ لفلسطين عاجزاً عن وقف عمليات إطلاق النار التي تستهدف قواته في الضفة الغربية المحتلة.
"استشهاد هذا الشاب الفلسطيني سيكون منارة للحرية والنصر لجميع الأجيال، وهذه الشجاعة هي التي تلهم الثوار والمقاومين وتفتح لهم نافذة أخرى من الأمل"، عبارة شدد عليها هنية، لوالد الشاب الذي أصيب بجروح خطيرة في عملية إطلاق نار قرب قلقيلية شمال الضفة الغربية المحتلة، ووصف العاروري بدوره عملية استشهاد أحمد ياسين بأنها مداواة للجروح في قلب الأمة الفلسطينية، لأن هذه العملية تمت بعد ساعات من هزيمة العدو في مخيم جنين بعد القتل البشع للناس ومنازلهم، في ظل الزيادة الكبيرة في معدل عمليات المقاومة في الضفة، وتأكيد مختلف الأوساط التابعة للعدو، مراراً، أنّ تلك المنطقة التي شهدت تفعيل وسائل المقاومة والمواجهة باتت خطرة للغاية على الكيان الذي تعيش أجهزته الأمنيّة ارتباكاً كبيراً بعثر كل أوراق المسؤولين الأمنيين، نظرًا لكثافة العمليات ونجاحها في إنجاز ضرباتها الموجعة، ناهيك عن تعرض حكومة العدو لانتقادات لاذعة نتيجة لجرائمها وجاهزيتها القتالية في الضفة الغربية، في اعتراف صريح بقوة المقاومة الفلسطينية، مع تزايد عمليات إطلاق النار، وتنفيذ المقاومة عمليات مكثفة، ناهيك عن الاشتباكات العنيفة المتصاعدة، وما سنشهده في الأيام المقبلة لن يكون أقل مما حدث.
اشتعال الضفة الغربية
نتيجة تمادي جيش العدو الإسرائيلي بجرائمه ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، وارتكابه أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتلهم وإعدامهم بالأخص في الضفة الغربيّة المحتلة التي تتزايد فيها دعوات تفعيل كل وسائل المقاومة والمواجهة أكثر فأكثر، بسبب مواصلة جيش العدو الإسرائيلي لجرائم الإعدام بدم بارد بحق الفلسطينيين ما يُظهر بشكل أكبر العقلية الإجراميّة والإرهابيّة للمحتل الأرعن، نحن على موعد مع ردور شديدة على الاحتلال ومستوطنيه، كما أنَّ خيارات المقاومة المسلحة باتت مفتوحة عقب ما حدث في جنين من جرائم يندى له الجبين، ويمكن أن يكون أشد بكثير مما يتخيل البعض، في ظل مواصلة سياسة الإبادة التي تنتهجها الحكومة الإسرائيليّة بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، ما يشي بأن "إسرائيل" التي اختارت تسخين الأحداث ورفع مستوى الإجرام، قد فتحت أبواب جهنم.
وكلنا نعلم أن الضفّة الغربيّة المُحتلّة لا تعيش بمنأى عن ردود قطاع غزّة المحاصر، ويمكن القول، إنّ هناك إجماعاً على أنّ الضفة الغربية المحتلة على موعد مع أحداث ربما تحدث انفجارا في الأوضاع، سيغير الواقع الحاليّ، باعتبارها ترزح تحت الاعتداءات الإسرائيليّة الممنهجة والمتصاعدة منذ عام 1967، وتزداد احتمالات أن تنفجر الأوضاع في الضفة الغربية بشكل مخيف بسبب التمادي الإسرائيليّ الذي بات ملموساً لأبعد حد وعلى كل المستويات وبالأخص الدولية.
وبما أن القوات الإسرائيليّة تقوم بعمليات إبادة في قلب المنطقة، وعلى نحوٍ خاصٍّ في مدينتيْ نابلس وجنين ومحيطيهما، يتوقع أن كرة اللهب لم تتدحرج بعد، حيث يتوقع أن تزيد عمليات إطلاق النار باتجاه أهداف إسرائيليّة في أنحاء الضفّة الغربيّة بشكل أكبر، فيما يجمع الفلسطينيون على الوقوف صفاً واحداً في الدفاع عن الضفة الغربية، وتؤكد الفصائل الفلسطينية انها لن تسمح للعدو بأن يستفرد بأبناء فلسطين هناك، وهي واضحة من الفصائل التي حذرت تل أبيب مراراً من استمرار عدوانها على مدن الضفة، وهي تدعو بشكل مستمر إلى تصعيد المواجهة ضد الكيان ومستوطنيه في عموم المدن السليبة.
ولا بد من التذكير أنه ومع كل عدوان جديد تنفذه قوات العدو الإسرائيلي، ترتفع احتمالية أن تتحول الضفة الغربيّة إلى "منطقة مقاومة شاملة" ربما أكثر خطورة بكثير من غزة لردع العدوان الهمجيّ الذي لا يتوقف عن قتل المدنيين وتدمير مقدساتهم وتهديد أرواحهم، بعد أن أوصل الصهاينة وآلتهم العسكريّة رسالة لهذا الشعب بأنّهم سيسحقون كل فلسطينيّ ومطالب بحقوقه، والتهم جاهزة كعادتها "إرهابيّ"، "قاتل"، "متشدد"، وخاصة أنّ المقاومين هناك يعتبرون "جمراً تحت الرماد" وأحد أساليب المقاومة والمواجهة في المنطقة المهددة من قوات المحتل العنصريّ.
ويمكن فهم الوضع الذي يعيشه الكيان من ازدياد وتيرة الجرائم الإسرائيليّة، والتخبط يبدو واضحا من استمرار حسابات الكيان الخاطئة بشدّة في الضفة الغربية، سياسة صهيونيّة نتائجها ستظهر في وقت قريب في شوارع فلسطين وسيكون هدفها الأول الجنود الصهاينة ومستوطنوهم، مع إقدام العدو على خطوات تصعيديّة كثيرة ستؤدي بلا محالة إلى انفجار الأوضاع، في ظل تأكيد الفلسطينيين دوماً أنّ "دماء شهدائهم ستبث الروح والحياة في الشعب الفلسطينيّ العظيم ولن تذهب هدراً".
إجرام إسرائيليَ شنيع
يعتبر الصهاينة أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في "إسرائيل" وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية فيها، لهذا يدرك أبناء الضفة الغربيّة كما غيرهم من الفلسطينيين، أنّ العصابات الصهيونيّة لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تتوقف عن إجرامها وعنصريّتها وقضمها لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، ويعتبر الفلسطينيون أن عبء النضال يقع على أكتافهم وأن جميع ضغوط الكيان الصهيوني والمشاكل الأخرى موجهة ضدهم، حيث باتت المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، وعلى وجه الخصوص داخل مخيماتها التي تتعرض للقتل مستمر، "رقمًا صعبًا" لا يمكن غض الطرف عنه، نظرًا لما تُقدمه على أرض الواقع من تضحيات وعمليات ومعارك نوعية أقلقت وأرعبت قوات جيش الاحتلال العسكريّ التي تمادت بجرائمها ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم وبالأخص في الضفة الغربية، وارتكبت ولا تزال أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتلهم وإعدامهم وتعذيبهم بالاستناد إلى فشلها في إبادتهم.
وإن الصهاينة الذين يقتلون الأبرياء ويهدمون منازلهم نتيجة فشلهم، لن يرهبوا الشعب أكثر، وهذا يدفعهم أكثر لمواصلة الجهاد والاستشهاد في سبيل تحرير بلادهم، باعتبار أنّ السلطة الفلسطينيّة منعت بقوّة إطلاق يد المقاومة لتقوم بدورها في لجم العدوان الصهيونيّ على الشعب الفلسطينيّ، و"إسرائيل" لم تفهم الواقع بشكل جيد، حيث إنّ عودة المقاومة المسلحة إلى الضفة الغربية يبدء بالتصاعد الكبير وإنّ تصريحات فصائل المقاومة الفلسطينيّة حول أنّ الأحداث الجديدة تعني اتساع بقعة الرصاص الموجّه صوب رؤوس جنود العدو ومستوطنيه، وأنه واهمٌ إن ظنّ أنّ شعب فلسطين يمكن أن يرفع أمامه الراية البيضاء، مهما بلغت التضحيات.
ختاماً، لا يخفي المقاومون الفلسطينيون أنّهم لن يتوقفوا عن تنفيذ عمليات إطلاق نار تستهدف جيش العدو الإسرائيلي والمستوطنين في مختلفة مناطق الضفة الغربية المحتلة، ناهيك عن الرغبة الشعبيّة الكبيرة بطرد الاحتلال وتلقين العصابات الصهيونيّة درساً في التحرير، بما يدلل على تجذر المقاومة في نفوس أبناء الشعب الفلسطينيّ، وإيمانهم العميق بها خيارًا استراتيجيًّا للخلاص والانعتاق من الاحتلال، بالتزامن مع ما يتعرض له الشعب الفلسطينيّ لجرائم وحشية إسرائيلية، وإن ما تشهده الضفة الغربية ليس حالة طارئة أبداً، بل صورة غُيبت لعدة سنوات، رغم أنها يجب أن تسود بين قوة احتلالية وشعب يتعرض للاحتلال، وإنّ عمليات إطلاق النار التي تستهدف القوات الصهيونيّة التي تقتحم المدن مع المستوطنين بشكل مستمر ومتصاعد، كما يجري في جنين ونابلس شمال الضفة على سبيل المثال لا الحصر، تدب الرعب الحقيقيّ في قلوب القيادات الصهيونيّة، في وقت يروجون فيه عبر بعض وسائل إعلامهم أنّ عمليات إطلاق نار سوف تبقى قليلة الأثر، لكن الأيام الفادمة تحمل الكثير بعد.