الوقت - في لقاء "شرح دور الدول الأجنبية في أزمة السودان"، الذي عقد بحضور الصحفيين بمعهد "انديشه سازان نور" للدراسات الاستراتيجية، قال الدكتور سعد الله زارعي الخبير في الشؤون الدولية، أثناء تحليله لتطورات الأوضاع في السودان ودور الدول الأجنبية في أزمة هذا البلد: "كان السودان أهم مركز للإسلاموية حتى اليوم وكان له موقع استراتيجي، وبالنظر إلى الوضع الخاص للسودان ومجاورته للدول الأفريقية المهمة ومحميات ومناجم هذا البلد، فإن أي نزاع في هذا البلد مهم للغاية".
وحسب الدكتور زارعي ، فقد لعب السودان دورًا ملهمًا في الدول العربية، وارتباط هذه الدولة بجبهة المقاومة وولاء شعبها للقضية الفلسطينية والصلات التي أقامتها مع إيران، والتي كانت جسر المقاومة الرئيسي في إفريقيا، أمر مهم في هذه القضية. إضافة إلى ذلك، كانت هذه الدولة الإسلامية محط تركيز وعداء الأطراف الغربية والکيان الصهيوني.
كما قال الدكتور زارعي عن أهمية السودان: تزداد أهمية هذه الدولة الأفريقية بسبب قربها من البحر الأحمر ودول مثل تشاد وليبيا ومصر وغيرها، حيث تتمتع بمزايا نهر النيل والزراعة والمناجم الغنية مثل الذهب. ولذلك، يرى بعض الخبراء أهمية السودان أكثر من مصر.
وتابع الخبير في الشؤون الدولية تصريحاته، وقال: على مدار الأربعين عامًا الماضية، أنشأت الدول الغربية والولايات المتحدة، من خلال جيران السودان، جماعات متمردة في السودان ولم تسمح للسودان بأن يتجه نحو الهدوء والاستقرار، وقام الکيان الصهيوني بتقسيم جزء من هذا البلد.
کما يؤدي التفكك إلى تهميش الحكومة، والحكومة المهمشة بشكل طبيعي تخلق بيئةً مثيرةً للفتنة، مثل نزاع دارفور والأزمات والمشاكل الأخرى التي لا تزال تعصف بالسودان.
وأضاف رئيس معهد "انديشه سازان نور" للدراسات الاستراتيجية: الخطة الأولية استندت إلى تقسيم السودان إلى خمس دول، لكنها في النهاية لم تحدث. طبعاً، خطر تفكك هذا البلد مازال قوياً ولم يجتز هذه المرحلة بعد. والآن نرى نفس خطة التقسيم في السودان، لكن بشكل عام ما رأيناه هو انقسام في البيئة المحيطة بالسودان.
تؤيد السعودية ومصر اللواء عبد الفتاح برهان قائد الجيش ورئيس المجلس الحاكم، ويدعم الکيان الصهيوني والإمارات اللواء حميدتي قائد قوات الرد السريع.
كما أشار الدکتور زارعي إلى الدور التدميري للغرب في تطورات الأوضاع في السودان، وقال: يتظاهر الغرب بأنهم لا يريدون التدخل في السودان ولا يريدون دعم طرف واحد عندما يتعين عليهم دعم الحكومة المركزية، وهو ما لم يتم القيام به. الغربيون يقفون في قلب التطورات في السودان ويشجعون التمرد، ويؤيدون الكيل بمكيالين وهذا رغم وجود حكومة في الخرطوم. وسياسة أمريكا والکيان الصهيوني هي تقليص الدول الإسلامية، وأمريكا تتبع هذه الاستراتيجية في الدول الإسلامية.
وحسب الدكتور زارعي، أفادت قناة "بي بي سي" الإخبارية نقلاً عن مسؤولين أميركيين، بأن الاتفاق بين حميدتي والبرهان بعيد كل البعد عن المتوقع، وأن ما يجري في السودان مؤامرة أمريكية صهيونية، ونصيحتنا للسودانيين أن ينظروا في خطة لإدارة بلادهم وهذا ممكن.
وأضاف الدكتور زارعي إن على أهل السودان أن يعلموا أنه في حال إضعاف السيادة ستضعف الخرطوم أيضًا، وفي هذه الحالة يقوى انقسام السودان وتدخل الدول الأجنبية. أيضاً، الأشخاص الذين لديهم نفوذ، إذا لم يدخلوا في هذا المجال، فقد يجد السودان مصيرًا مثل ليبيا. الآن مر 12 عامًا على النزاعات الداخلية في ليبيا، وما زلنا لا نرى أي احتمال لحل هذه القضية.
ورفض رئيس معهد "انديشه سازان نور" للدراسات الاستراتيجية سيناريو الغربيين فيما يتعلق بتآكل المعركة، وعن طريق مقارنة أداء 6 جيوش في دول مختلفة، قال: لم يكن الجيش الليبي أيديولوجياً لكنه انهار، كما انهار جيش "علي عبد الله صالح" في اليمن بسبب هذا الفراغ، واعتُبر سبب انهيار جيش صدام حزبيًا وليس أيديولوجيًا.
كما قال الدكتور زارعي: لقد احتوی الجيش المصري الأزمة قبل أن تنتشر، ورغم أن الجيش السوري لم يستطع السيطرة عليها في البداية، إلا أنه تغلب عليها في سياق الأزمة، والجيش السوداني أيديولوجي أكثر من جيوش سوريا ومصر واليمن، وهذا سر ثباته وانتصاره.
وتحدث الخبير في الشؤون الإقليمية عن آفاق التطورات في السودان، وقال: ربما باستخدام القدرات الداخلية، لن تدخل الأزمة السودانية مرحلة التآكل، وسيجد السودانيون خطةً للخروج من الأزمة قبل فوات الأوان، لأن استمرارها سيؤدي إلى تفاقم الأزمة نتيجة تصاعد التوتر والتدخلات الخارجية.
وحسب الدكتور زارعي، في النهاية هناك احتمال لتفكك السودان، وهو ما سيكون في غاية الخطورة على أبناء هذا البلد. لذلك، قد يشهد السودان مصير ليبيا، حيث إنه حتى الآن وبعد نحو 12 عامًا، ليس هناك منظور واضح لحل مشاكل ليبيا.