الوقت - على الرغم من العراقيل الأمريكية في مسار التفاعلات العراقية الإيرانية، يحاول قادة البلدين تعزيز العلاقات الثنائية.
وفي هذا الصدد، وصل الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد إلى طهران يوم السبت على رأس وفد رفيع المستوى، في زيارة تستغرق يومًا واحدًا والتقى الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي.
وقال رئيسي، بعد لقائه مع نظيره العراقي، "أجرينا محادثات جيدة للغاية واتفقنا على العديد من القضايا. في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، وأقيمت علاقات جيدة بيننا حتى الآن، وإرادة البلدين هي تطوير العلاقات".
واستكمالاً لمشاوراته، التقى الرئيس العراقي مع المرشد الأعلى للثورة في إيران سماحة السيد خامنئي. للنظر في أبعاد زيارة الرئيس العراقي لطهران، وقد أجرى موقع "الوقت" مقابلة مع الدكتور سعد الله زارعي، الخبير البارز في قضايا غرب آسيا.
الوقت: سافر الرئيس العراقي إلى طهران على رأس وفد رفيع المستوى للقاء كبار المسؤولين الإيرانيين. ما هو الهدف والدافع من هذه الزيارة في الوضع الحالي؟
الدكتور سعد الله زارعي: هناك العديد من القضايا بين إيران والعراق، من بينها قضايا اقتصادية وسياسية واستراتيجية وتشاورية تتعلق بالمتغيرات الكبرى في المنطقة ومحور المقاومة، والقضايا الأمنية والحدودية على جدول أعمال زيارة رشيد إلى إيران.
إن زيارة كل مسؤول كبير لعاصمة البلدين، هي بمثابة إضافة أخری إلى العلاقة التي تأسست بين البلدين منذ عام 2003، ونحن نتجه نحو عمق العلاقات. ومن المواضيع المهمة التي ستناقش في هذه اللقاءات، تحسين مستوى العلاقات الاقتصادية.
وحسب الإحصائيات، يبلغ حجم التجارة السنوية بين إيران والعراق نحو 12 مليار دولار، وفي هذه الزيارة سوف نتحرك خطوةً واحدةً نحو تحسين العلاقات حتى 15 مليار دولار، ثم الوصول إلى الهدف وهو 20 مليار دولار.
ووفقًا للاتفاقيات التي أبرمتها الحكومتان السابقتان في البلدين، فإننا بصدد زيادة حجم التجارة إلى 30 مليار دولار في فترة 10 سنوات، وعلى الرغم من أنه لم يتم عمل الكثير في هذا الصدد، إلا أنه يتم بذل الجهود لتحقيق هذا الهدف، وتعتبر هذه المسألة مهمةً لاقتصاد البلدين.
الوقت: في تطور العلاقات الاقتصادية، هناك قضية مهمة وهي مطالبات إيران من العراق، والتي لطالما واجهت مشكلةً أساسيةً. هل هناك انفراجة في هذا المجال؟
الدكتور سعد الله زارعي: وفقًا لمسؤولين في البنك المركزي الإيراني، تم دفع معظم مطالبات إيران من العراق، وبقي جزء صغير منها. وفي هذا الملف، أمريكا هي التي تعرقل، لأن أموال الخزينة العراقية تحول إلى الخزينة الامريكية، واستناداً إلى الصيغ التي ابتكروها في عهد صدام حسين، أي قاعدة "النفط مقابل الغذاء"، تدخل بعد ذلك نظاماً أميركياً آخر، ثم تنتقل إلى العراق.
الأمريكيون يضغطون على بغداد لعدم التفاعل مع إيران لأنهم سيطروا على الاقتصاد العراقي، وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية كانت قادرةً على الحصول على إعفاء لمدة ستة أشهر من أجل تحويل عائدات إيران بطريقة أو بأخرى، ولکن تواصل واشنطن الضغط حتى لا تستفيد الجمهورية الإسلامية من موارد النقد الأجنبي.
الوقت: على افتراض أن هذه الضغوط على العراق مستمرة، وأن إيران تسعى أيضاً إلى زيادة هذه العلاقات، هل تم اتخاذ أي ترتيبات للحصول علی هذه المطالبات خارج الآلية الأمريكية؟
الدكتور سعد الله زارعي: لدينا آلية لذلك، ومدى تقدمنا يجب أن يتم الرد عليه من قبل المسؤولين المعنيين في مجال الاقتصاد. على سبيل المثال، نحتاج إلى البذور الزيتية والحبوب، وفي كل عام نخصص جزءًا كبيرًا من أصولنا من العملات الأجنبية لاستيراد هذه المنتجات، والتي يتم توفيرها من روسيا ودول أخرى.
الآن، العراق لديه قدرات جيدة جداً في مجال توفير الحبوب، ويمكننا تعديل هذه العلاقات الاقتصادية حيث نقوم في مقابل الخدمات التي نقدمها للعراق بتوريد الحبوب التي نحتاجها من هذا البلد، ويمكننا القيام بمعاملات مقايضة، ويمكن للقطاع الخاص في البلدين التفاعل دون الحاجة إلى تبادل الدولارات. ومع ذلك، في ظل الوضع الحالي، يتجه العالم نحو تقليص المعاملات بالدولار، كما أن تقليص سلطة الدولار سيعطل آلية العقوبات.
الوقت: رئيس العراق من الأكراد وحزب الاتحاد الوطني، ومؤخراً خلال زيارة علي شمخاني إلى بغداد، تم توقيع اتفاقية أمنية بين إيران والعراق للتعامل مع الجماعات المعادية والإرهابية. إلى أي مدى أوفى العراق بالتزاماته في هذا الصدد؟
الدكتور سعد الله زارعي: لقد أوفى العراقيون بالتزاماتهم تقريباً، لكننا نتحدث عن بلد تعيش ظروفه المعيشية وبنيته التحتية الطبية والصحية أزمةً حادةً، ولهذا السبب كانت هناك دائماً مظاهرات حاشدة في مدن مختلفة ضد الحكومة المركزية، وبغداد تواجه هذه الصعوبات.
من ناحية أخرى، فإن العديد من القرارات خارجة عن إرادة القادة العراقيين ونظام العقوبات يخلق مشاكل، كما يجب الانتباه إلى حقيقة أن العراقيين ليسوا أحرارًا في تبادل الدولارات متى أرادوا. أعلن العراقيون منذ فترة أن بإمكانهم دفع مطالبات إيران باليورو، وجزء من المطالبات دفع باليورو، لكن الاقتصاد العراقي يعمل بالدولار، وهذه هي المشكلة.
الوقت: هل لدى حكومة محمد شياع السوداني، رئيس وزراء العراق، رغبة وإرادة جادة لزيادة مستوى العلاقات الاقتصادية مع إيران؟ في السياسة الخارجية، أظهر أنه يتجه نحو تعزيز العلاقات مع تركيا والعرب. هل هذا موجود في المجال الاقتصادي أيضًا؟
الدكتور سعد الله زارعي: في محيط العراق، البلد الوحيد الملتزم الذي يضحّي من أجل بقاء وحدة أراضي العراق هو الجمهورية الإسلامية، التي تسعى جاهدةً من أجل أمنه واستقراره، لكن تركيا والسعوديين غير مهتمين بالاستقرار والأمن في العراق.
في الأساس، القدر هو الذي ربط العراق بإيران في إطار استراتيجي، وبالتالي لن يتجه العراقيون إلى الآخرين طالما أنهم يستطيعون العمل معنا. لكننا أيضاً لا نستطيع تلبية احتياجات العراق، واضطررنا إلى قطع الكهرباء عن العراقيين بسبب المشاكل الداخلية التي عانينا منها في موضوع الكهرباء، ونشأ عدم ثقة.
والبضائع التي تذهب من إيران إلى العراق دائماً أفضل وأرخص من البضائع التي يتم تصديرها إلى العراق من دول أخرى، ويميل العراقيون إلى الحصول على المنتجات التي يحتاجونها من إيران.
الوقت: هل سيتم بحث الموضوع الأمني والتوترات بين الولايات المتحدة وفصائل المقاومة خلال زيارة الرئيس العراقي؟ هل يحتمل أن يكون رشيد حامل الرسائل من أمريكا أم لا؟
الدكتور سعد الله زارعي: لطالما كان حوارنا مع العراقيين شاملاً ومتعدد الأبعاد، وهکذا يکون هذه المرة أيضًا. في رأيي، الآن ليس لدينا توتر أمني حاد، والأجواء داخل العراق قد تحسنت مقارنة بالسنوات القليلة الماضية، ولا أعتقد أن الكثير من المحادثات بين المسؤولين الإيرانيين ورشيد تدور حول قضايا أمنية.
لا أعتقد أن رئيس العراق هو حامل الرسائل من أمريكا، ولا ننتظر من واشنطن إرسال الرسائل أيضاً، وبشأن الاتفاق النووي فلا توجد الأجواء السابقة، حيث تراجع الاهتمام به.