الوقت- الازمة السياسية في كيان الاحتلال بدأت تأخذ منحى متصاعدا وغير قابل للتفاوض او التواصل بين قادة الكيان، فكلما خرجوا من ازمة وخلاف وقعوا باكبر مما سبق حتى باتت الخلافات والانقسامات سمة الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة، فحتى الان لم يستطع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ان يوجد نقطة التقاء مع المعارضة حتى الان، والهوة لا تزال تتسع بينهما، فقد ابلغ زعيم المعارضة يائير لبيد، رئيسة أكبر منظمة يهودية في الولايات المتحدة وكندا جولي بلات، أنه من غير المعروف ما إن كانت المفاوضات مع الائتلاف الحكومي بقيادة بنيامين نتنياهو حول خطة إصلاح القضاء سوف تنجح، محذرا من خطر هائل يتهدد الكيان، حيث اوضح لابيد، انه اذا حاولت حكومة نتنياهو تمرير الانقلاب القضائي دون تفاهمات فإن الخطر على تل أبيب سيكون هائلا. واضاف إن حكومة نتنياهو هي الأكثر تطرفا في تاريخ الكيان المحتل، واكد لابيد أنها ضارة بالأمن والاقتصاد والتماسك والعلاقات مع يهود الشتات.
قادة المعارضة الاسرائيلية وأبرزهم لبيد، يؤكدون ان الخطة القضائية بشكلها الحالي بمثابة نهاية الديمقراطية وبداية عهد ديكتاتوري في كيان الاحتلال، ويعتبرون انها الانقلاب السلطوي، فيما يؤكد نتنياهو أنها تهدف إلى إعادة التوازن بين السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية.
وتحت وطأة إضرابات وتظاهرات حاشدة، أعلن نتنياهو في 27 من اذار - مارس الماضي، تعليق خطته حتى الدورة الصيفية للكنيست التي تبدأ في 30 من الشهر الجاري وتستمر 3 أشهر، لحين إجراء حوار مع المعارضة، لكنه قال إنه لن يتخلى عنها. وتحد الخطة المثيرة للجدل من سلطات المحكمة العليا وهي أعلى هيئة قضائية في الكيان، وتمنح الائتلاف الحكومي السيطرة على لجنة تعيين القضاة. وبسبب هذه الخلافات اعتبر لابيد أن حكومة نتنياهو غير مؤهلة لقيادة الكيان. معتبرا ان هذه الحكومة ادت الى انكسار وارتباك وانهيار في كل المجالات. متهما الائتلاف الحاكم بأنه تسبب في انهيار المجتمع الإسرائيلي، وانه فتت الجيش، وضرب الاقتصاد والمناعة الوطنية على حد تعبيره.
هواجس الزوال والدمار لا تزال تلاحق كيان الاحتلال الاسرائيلي ومفكريه، وكان اخرهم البروفيسور دانيال كانمان الباحث الإسرائيلي والحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد، الذي اكد انه قلق من زوال كيان الاحتلال أكثر مما كان خلال حرب عام 1973. حيث اشار الى انه يخاف من الانقلاب القضائي، في إشارة إلى خطة تدفعها حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة لتنفيذ إصلاحات على نظام القضاء، والتي أدت بالفعل إلى تحذير من محافظ بنك إسرائيل، وأثارت احتجاجا في عالم التكنولوجيا الفائقة هاي تيك وزادت كذلك من مستوى القلق بين وكالات التصنيف الائتماني الدولية. وقال كانمان بالنسبة له ان ما يحصل هو نهاية إسرائيل كما كان يعرفها. واضاف انه عندما تتوغل السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، فإنها تديم حكم أي حزب وهذه نهاية الديمقراطية بلا شك. ولفت الى ان كيان الاحتلال ينضم بهذا الامر إلى المجر وبولندا وهي دول الديكتاتوريات التي تتظاهر بأنها ديمقراطية. وتبدأ العملية بإلغاء النظام القضائي كنظام مستقل وتستمر مع الصحافة والحرية الفردية.
الأحزاب الدينية المتشددة وتحالف اليمين المتطرف لعبوا دوراً رئيساً في تأمين عودة نتنياهو إلى السلطة، وهو الذي يحاكم أمام المحكمة المركزية في القدس بتهمة الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة والفساد وهي قضية اخرى تتربص بتلك الحكومة المتطرفة. واصلاح القضاء يعني انه وحلفاءه لن يستطيع القضاء محاسبتهم فيما بعد.
حكومة نتنياهو لا تعيش ازمة حقيقية سواء في الداخل المحتل او مع الفلسطينيين حيث انه خلال اربع وعشرين ساعة فقط نفذ مقاومون فلسطينيون تسعة عشر عملاً مقاوماً في الضفة الغربية، من بينها ست عمليات إطلاق نار وتفجير عبوة ناسفة، وعمليتا تصدٍ للمستوطنين، إلى جانب اندلاع مواجهات في سبع نقاط ساخنة. وهي امور تؤكد ان الوضع في الضفة لن يستقر ابدا طالما تواصلت الانتهاكات الاسرائيلية، وهو ما يمثل صدمة لكيان الاحتلال وصفعة على وجه وزير الامن القومي للكيان ايتمار بن غفير، الذي حاول فرض عضلاته على الفلسطينيين، فجاء الرد باشعال الضفة الغربية. واستمرار هذا الوضع في الضفة الغربية يؤكد ان الانفجار قاب قوسين او ادنى، وهو امر لو حدث فان حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة ستكون امام عاصفة فلسطينية كبيرة ستؤدي الى انهياره وانهيار المنظومة الامنية والعسكرية لكيان الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة.