الوقت_ انتشرت في الفترة الماضية أنباء حول إعلان إحدى الكتائب التابعة لجيش الاحتلال الصهيوني، التمرد عن الخدمة العسكريّة احتجاجاً على الأوامر العسكريّة لقائدها، في وقت يحذر عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين من فوضى داخل الجيش الإسرائيلي قد تؤدي إلى انهيار "إسرائيل"، وقد ذكر إعلام العدو أن جنود سرية من الكتيبة 51 التابعة لقوات الاحتلال الصهيوني أعلنوا تمردهم وألقوا بالسلاح في مقر الوحدة العسكرية، حيث بات يتصدر الجانب العسكريّ المهم، والروح المعنويّة والقتاليّة والانخراط في قوات العدو الواجهة، في ظل اعترافات القيادات الأمنيّة والعسكريّة الإسرائيليّة بأنّ جيش العدو يعاني من ترهل بشري وعسكري، سيشكل عائقاً في تحقيق أيّ انتصار، ناهيك عن تعرض قوات العدو لانتقادات شديدة حول تردي مستوى الجيش ووجود سلسلة من المشاكل وخاصة في سلاح البر، والمشكلات على المستويات اللوجستية والتكنولوجيّة والتنفيذيّة، وبالأخص معضلة الثقافة التنظيمية، وهي مشكلة عميقة لم يتم التطرق إلى محاولة حلها حتى.
أزمة تتفجر في الكيان
يمكن الحديث في "إسرائيل" عن "أزمة هادئة" قريبة من الانفجار، عقب رفض جنود الاحتياط الخدمة ما قد يقلب الجيش الإسرائيلي، حيث يتضاءل التضامن أثناء الإصلاح القضائي، وفي الشهرين الماضيين، ذهب جنود الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي أبعد مما كانوا يتخيلون، بقلوب ثقيلة أوقفوا خدمتهم احتجاجا على التشريع لقلب نظام الحكم في الكيان، وقد حذر ضباط كبار في هيئة الأركان العامة وإلى حد ما وزير الدفاع يوآف غالانت، من الأضرار التي لحقت بالجيش الإسرائيلي، ولكن أيضا من الوضع الاستراتيجي الجديد الذي يتشكل في الشرق الأوسط.
وقد أثرت التغييرات التي يخطط لها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في النظام الصهيوني بمعارضتها الشرسة منذ البداية في قلب كل الموازين لدى العدو، وقد ارتفعت مخاوف الأضرار الاقتصادية الهائلة، مع إدانة في أوروبا والولايات المتحدة، وربما الأهم من ذلك، الاحتجاج المتصاعد من قبل جنود الاحتياط في جيش الدفاع الإسرائيلي، فمنذ حوالي شهر، ذكرت صحيفة "هآرتس" مخاوف على رأس الجيش الإسرائيلي حيث اجتاحت موجة الاحتجاج جنود الاحتياط في سلاح الجو، وتوسعت تدريجياً لتشمل مجموعات رئيسية أخرى بما في ذلك العمليات الخاصة والاستخبارات العسكرية، والآن مئات من الطيارين الاحتياطيين والملاحين أوقفوا خدمتهم.
وسرعان ما انضم إليهم مشغلو الطائرات دون طيار وضباط الاحتياط في مواقع حساسة في القوات الجوية، كما ألغى سلاح الجو تدريبات لوحدة العمليات لأن جنود الاحتياط اختاروا عدم التواجد، وخلافا لمزاعم اليمين المتطرف، امتد الاحتجاج تدريجيا إلى الوحدات الأقل قداسة بالنسبة للكيان مثل المشاة والدروع والمدفعية، وبينما يمزق انقلاب نظام نتنياهو جيش الاحتلال الإسرائيلي، تنتظر "إسرائيل" مشاكل على جبهات أخرى.
وفي هذا الخصوص، أشار موقع “واللا” العبري إلى أن جنود الكتيبة قد ألقوا أسلحتهم العسكرية احتجاجاً على إقالة قائدها واستبداله بقائد سرية من لواء المظليين وهو لواء مشاة في جيش العدو الصهيوني، موضحاً أن جنود الكتيبة قالوا إن نقل قائدهم العسكري قد كان “القشة التي قصمت ظهر البعير” وطفح الكيل، حيث غادروا مقر وحدتهم العسكرية وتركوا أسلحتهم احتجاجا على نقل قائدهم العسكري من لواء "جولاني" وهو لواء مشاة يضم النخبة داخل جيش الاحتلال إلى لواء المظليين، وقد سمعنا كثيرا عن جنود الاحتياط من وحدات متعددة في جميع أنحاء الجيش يعلنون أنهم لن يحضروا للخدمة، وبالأخص منذ مضي حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قدماً في خطتها للسيطرة على القضاء.
ولم يخف الإعلام العبري أن مجموعة من الضباط قد أجروا حوارا مع الجنود المتمردين من أجل إعادتهم للخدمة العسكرية، في وقت زعم قائد عسكري في جيش الاحتلال أن نقل قائد السرية من منصبه يعود إلى عدم ملاءمته للمنصب العسكري، على حد وصفه، ووصف المحللون الإسرائيليون أنّ حالة التمرد العسكري لأكثر من 50 جندياً وهو عدد الكتيبة 51 التابعة لواء جولاني بجيش الاحتلال الصهيوني، بأنه لم “يحدث منذ سنوات عديدة"، ونقلت مواقع عبريّة عن الناطق باسم جيش الاحتلال الصهيوني أن واقعة التمرد العسكريّة تعد بمثابة حادث خطير لا يتماشى مع قيم الجيش في وقت يجري التحقيق في الحادث وسيتم التعامل معه بحزم، حسب زعمه.
خطرٌ كبير
منذ بداية الأزمة الحادة على الأراضي الفلسطينية التي تحتلها القوات العسكرية للكيان، هدد مئات من جنود الاحتياط في الجيش بالانسحاب من الخدمة التطوعية احتجاجًا على خطة الإصلاح القضائي المثيرة للجدل التي تسعى إلى تحييد سلطة القضاء وحماية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من الإطاحة به بتهم الفساد، فيما توقف المئات من جنود النخبة الاحتياطية في قسم العمليات الخاصة بالمخابرات العسكرية ووحدات الحرب الإلكترونية عن عملهم، ويقول مئات آخرون إنهم يخططون لفعل الشيء نفسه.
ومع ذلك، رفض الجيش الكشف علنا عن عدد جنود الاحتياط الذين تمردوا ويزداد عددهم، ووفقًا للمسؤولين الذين تحدثوا إلى الإعلام الأمريكيّ، فإن القيادة العسكرية العليا الإسرائيلية "قلقة أيضًا بشأن إمكانية استقالات من الجنود المتفرغين"،رغم نفي متحدث من مكتب رئيس الوزراء أن قادة عسكريين أبلغوا نتنياهو "بأي تهديد للقدرة العملياتية للجيش"، ومع ذلك وصف رئيس الوزراء التمرد المتزايد بأنه "خطر رهيب على دولة إسرائيل".
إضافة إلى ما ذُكر، يدفع فشل العدو في ضبط تلك الظاهرة، إلى التستر الأعمى على الجمر الذي سيحرق كيان الاحتلال، لإخماد نيران الفضائح التي تطال جيش العصابات الصهيونيّة الذي قتل الآلاف من الفلسطينيين، وقد عبر خبراء ومطلعون صهاينة عن قلقهم العارم بشأن التداعيات المحتملة لما يجري من ناحية تعزيز جيش الحرب الإسرائيلي، وخشيتهم أن يتم انهيار هذه المؤسسة العسكرية المهمة التي تستخدم كأداة دموية داخل فلسطين للحفاظ على السرطان الاحتلالي.
نهاية القول، لا يمكن أن نهمل تأثير تلك الأنباء على الجانب العسكريّ المهم، يزداد ذلك الوضع في جيش العدو سوءاً بالتزامن مع سياسة الصمت المتبعة من قبل الضباط في كل الوحدات، وعدم إظهار الواقع السيء في الجيش كما هو على المستوى السياسي، فيما تؤكد تقارير أنّ الجنود الصهاينة يهملون أسلحتهم بعد التدريبات، ولا يقومون بصيانتها حتى، فيما لا يتم استغلال أفضل الوسائل التكنولوجية، في ظل تراجع مستوى جاهزية الكيان وهزيمة خططه بما يشكل خطراً وجوديّاَ عليه، وقد فشل جيش العدو في التجنيد والحشد من جهة وتآكل وتقلص دور القوات البريّة في الحروب الدائرة من جهة أُخرى، وقد تحدث الإعلام العبريّ كثيراً عن الإقالات والتعيينات العديدة على أكثر من مستوى، وبين وجود علاقة مباشرة بين أداء وهزيمة مسؤولي الجيش الإسرائيلي وإقالتهم وتنصيبهم، كما أنّ الأخطاء التي يرتكبها المسؤولون الإسرائيليون باعترافهم قد تؤدي بـ "إسرائيل" إلى مواقف حرجة للغاية.