الوقت- صدر مؤخرًا التقرير السنوي للأمم المتحدة بشأن النزاعات والتطورات السياسية والميدانية للحرب في اليمن، والذي يحتوي على نقاط مهمة. ويتناول هذا التقرير بشكل شامل معارك الربع الأول من عام 2022 بين أنصار الله والتحالف السعودي، والصراعات الداخلية بين الجماعات المدعومة من السعودية والإمارات في جنوب اليمن، وموضوع تنفيذ وقف إطلاق النار وتخفيف التوتر بين صنعاء والرياض في الأشهر الماضية. ومع ذلك، فإن هذا التقرير من وجهة نظر عسكرية متخصصة يحتوي على مقالتين مثيرتين للاهتمام لم يتم نشرهما في وسائل الإعلام العامة حتى الآن، ولهذا سوف نلقي الضوء عليهما.
تحفة صاروخ كروز اليمني
منذ مارس 2022، عندما وافقت الحكومة اليمنية على اقتراح الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار ووقف العمليات العسكرية بين التحالف السعودي والجيش اليمني والقوات الشعبية، لم نعد نشهد معركة كبرى أو هجمات صاروخية وطائرات مسيرة عميقة في السعودية. لكن حكومة صنعاء وضعت شروطا لتنفيذ وقف إطلاق النار، مقابل عدم مهاجمة منشآت النفط والغاز التابعة لحكومة منصور هادي المستقيلة والمجلس الجنوبي الانتقالي (بدعم من الإمارات)، ولفتوا إلى أنه يجب أن يحصلوا على نصيب من استخراج النفط وبيعه، ودفع ثمن الغاز، وكذلك السماح بإرساء السفن التي تحمل النفط والأدوية والمواد الغذائية في الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بما في ذلك ميناء الحديدة دون إزعاج التحالف السعودي.
وعلى الرغم من أنه في حالات محدودة بوساطة الأمم المتحدة، دخلت بعض السفن التي تحمل مساعدات إنسانية ساحل اليمن، لكن حكومة منصور هادي المستقيلة وأنصارها لم يوافقوا أبدًا على دفع رواتب حكومة صنعاء من بيع النفط والغاز المصدر من جنوب اليمن. لذلك قرر الجيش اليمني منع ناقلات النفط الأجنبية من نهب أموال الشعب اليمني من الموانئ الجنوبية لهذا البلد.
وحسب البنود الواردة في تقرير الأمم المتحدة، في 18 أكتوبر 2022، سترسو الناقلة الإماراتية في ميناء بئر علي بمحافظة شبوة اليمنية، بقصد تحميل شحنة نفطية. وقبل الانتهاء من نقل الشحنة إلى السفينة، حلقت طائرة دون طيار انتحارية تابعة لأنصار الله اليمنية فوق السفينة المعنية لفترة، وأخيراً تحطمت طائرة دون طيار بالقرب من السفينة في ميناء بئر علي؛ وحسب قبطان السفينة، فقد تلقوا رسائل تهديد منذ عدة أيام من مصادر مرتبطة بحكومة صنعاء بعدم الرسو على الساحل اليمني، وهذه العملية التي قامت بها وحدة أنصار الله دون طيار كانت في الواقع إنذارًا نهائيًا إلى مرتزقة التحالف في الموانئ الجنوبية لليمن.
وبعد ثلاثة أيام فقط، تم تنفيذ الهجوم الثاني على ناقلات النفط في هذه المنطقة. وتعرضت السفينة نيسوس كيا، التي دخلت ميناء الضبا بمحافظة حضرموت لتحميل شحنة نفطية، لهجوم بثلاث طائرات مسيرة انتحارية. وامتنع أنصار الله اليمني مرة أخرى عن مهاجمة السفينة مباشرة من أجل منع وقوع إصابات بين المدنيين أو خطر تسرب النفط في مياه الميناء؛ ولقد ضربت طائرة دون طيار عوامة بالقرب من ناقلة النفط وسقطت طائرة أخرى في الماء بالقرب من السفينة وضربت الطائرة الثالثة دون طيار أيضًا المناطق المحيطة بالسفينة عند الرصيف.
ومع استمرار جهود سفن التحالف لنهب موارد النفط اليمنية، استهدف الجيش اليمني هذه المرة ناقلة النفط المقصودة في 9 نوفمبر / تشرين الثاني، كما استهدف سفينة آرام، التي كانت تحمل شحنة كيماوية في ميناء قنا، بطائرة مسيرة انتحارية للجيش اليمني من منطقة السطح الرئيسي. وحسب ادعاءات المصادر الموالية للتحالف السعودي، أصيب اثنان من أفراد طاقم هذه السفينة الهندية نتيجة الهجوم.
لكن الحالة الأكثر إشراقًا لهجمات أنصار الله اليمنية على السفن التابعة للتحالف السعودي حدثت في 21 نوفمبر / تشرين الثاني 2022، في ميناء الضبة بمحافظة حضرموت. حيث تم إثبات الدقة المذهلة والاستثنائية لصواريخ كروز اليمنية مرة أخرى للخبراء العسكريين الأجانب. وبينما كانت ناقلة النفط براتيكا متمركزة على ساحل بندر الضبة وكانت موصولة بعوامة رسو، حلّق صاروخ كروز للجيش اليمني فوق السفينة واستهدف عوامة الإرساء بأبعاد لا تتجاوز بضعة أمتار. وحسب تقرير الأمم المتحدة وبعد جمع وفحص بقايا الصاروخ من البحر، فإن صاروخ كروز هذا ينتمي إلى عائلة "القدس" ، التي استخدمها الجيش اليمني في هجمات سابقة على منشآت نفطية في مصر. السعودية والإمارات.
السرية الإماراتية فيما يتعلق بهجمات أنصار الله بالصواريخ والطائرات دون طيار على أبو ظبي ودبي
بعد مرور أكثر من عام على هجمات أنصار الله بالصواريخ والطائرات دون طيار واسعة النطاق على مدينتي أبو ظبي ودبي، يظهر التقرير الرسمي للأمم المتحدة الآن أن آثار الهجوم والنقاط المستهدفة كانت أكبر بكثير مما ادعى شيوخ الإمارات. وزعم الإماراتيون، خلال هجمات يناير 2022 للجيش اليمني على أراضي الإمارات، ردا على انتهاك وقف إطلاق النار من قبل هذا البلد على الأراضي اليمنية ومساعدة القوات السعودية في معركة مأرب. فقد تم اعتراض عدد قليل من المسيرات الصغيرة التي اصطدمت بالشاحنات المحملة بالنفط في المصفاة وتم اعتراض جميع الصواريخ التي انطلقت من الاراضي اليمنية من قبل الدفاعات الجوية.
لكن ما تم نشره في التقرير الرسمي للأمم المتحدة إلى جانب الصور الجديدة مختلف تمامًا عن ادعاء أبو ظبي. وحسب التقرير المعني، فقد أطلقت في 17 كانون الثاني / يناير 2022 ثلاثة صواريخ كروز من طراز القدس باتجاه مدينة أبوظبي. وأصاب الصاروخ الأول مبنى معبر السخت الجديد الذي لم يتم فتحه بعد، وبعد عدة دقائق أصاب الصاروخ الثاني المكان نفسه. كما أصاب صاروخ كروز الثالث منشآت مصفاة أبوظبي وألحق أضرارًا جسيمة. وفي ذلك الوقت، تم نشر صور الحريق في المصفاة فقط، والتي زعمت أبو ظبي أنها نجمت عن اصطدام جسم صغير بناقلة نفط.
وفي 24 يناير الماضي، أطلقت عدة صواريخ باليستية وطائرات مسيرة انتحارية باتجاه أبو ظبي ودبي. ووفقًا للتقرير، تم اعتراض الصواريخ الباليستية بواسطة الدفاعات المضادة للصواريخ، لكن عدة طائرات دون طيار ضربت مدينة دبي (وهو ما نفته الإمارات في ذلك الوقت). وحسب البيان الرسمي فإن صواريخ كروز من طراز قدس 2 وصاروخ ذو الفقار الباليستي وطائرات صمد 3 الانتحارية قد ضربت اهدافها بدقة عالية.