الوقت - بينما تحتاج حكومة طالبان المؤقتة المنشأة حديثاً إلى الوحدة والتلاحم أكثر من أي وقت مضى للتغلب على المشاكل الاقتصادية والأمنية، هناك العديد من الهواجس حول إمارة أفغانستان الإسلامية التي يمكن أن تخلق لهذه المجموعة تحديات خطيرة.
وإضافة إلى الضغط الدولي على طالبان لتشكيل حكومة شاملة في أفغانستان وتجميد أصول البلاد في البنوك الغربية، أصبحت التوترات الداخلية في قيادة هذه المجموعة أكثر وضوحًا.
انتشرت في الأيام الأخيرة أنباء تظهر اشتداد الانقسام في جسم طالبان، وتتطلع بعض الجماعات لتغيير زعيم هذه المجموعة، إلا أنه من أجل إظهار أن قضية الانقسام الداخلي على قيادة طالبان غير صحيحة، قال المتحدث باسم طالبان إنه ممنوع التطاول علی زعيم طالبان بعد الآن.
في هذه الظروف، ومع الأخذ في الاعتبار الجوانب المعقدة والخفية للخلافات الداخلية في طالبان، تحدث "الوقت" مع بهرام زاهدي، الخبير في الشؤون الأفغانية.
الوقت: انتشرت في الأسابيع الماضية أنباء كثيرة عن اشتداد الخلافات داخل طالبان لإزاحة زعيم هذه المجموعة، ويبدو أن شبكة حقاني انتقدت هبة الله أخوندزادة. من وجهة نظركم، ما مدى خطورة الانقسام في طالبان؟ وما مدى احتمالية إزاحة زعيم طالبان في الوضع الحالي؟
السيد بهرام زاهدي: هناك أمران مهمان للغاية بخصوص هذه المسألة. أولاً، يجب أن نسعى في عملنا التحليلي لإيجاد الإجابة الصحيحة من أجل جعلها مقدمةً لتحليل دقيق، بغض النظر عن الذين يريدون العمل ضد أو لصالح شخص ما بطريقة دعائية.
في العام الماضي، تم نشر العديد من الأخبار حول الانقسامات العميقة داخل طالبان، مثل أن أنصار الملا عبد الغني برادر وسراج الدين حقاني أطلقوا النار على بعضهم البعض، وبمرور الوقت اتضح أن هذه الأنباء لم تكن صحيحةً، لكن الإعلام استمر في تأجيج هذه القضية.
والنقطة الثانية هي أن هناك خلافات في الرأي بين مجموعات مختلفة من طالبان، ولكن على عكس القضايا الدعائية التي غالبًا ما تُثار في وسائل الإعلام، لا يمكن تسميتها فجوةً.
كأي فئة أخرى في الأنظمة السياسية، هناك فصائل مختلفة الأذواق، وهذا هو الحال أيضًا في أفغانستان، وهناك اختلافات في الرأي. لكن هذا الشيء الذي يسمى فجوةً واسعةً وإقالة زعيم طالبان، عندما نعود إلى البيانات الأصلية، ندرك أن هذه الخلافات إما كانت مخفيةً ولا يمكن التعليق عليها، أو أنها عُرضت في وسائل الإعلام التي تعاملت مع هذه الحالة بطريقة غير صادقة.
هذا الخبر نشره سراج الدين حقاني وزير الداخلية في حكومة طالبان المؤقتة، بينما لم يذكر اسم زعيم طالبان في خطابه ويفترض أنه يتحدث عن الملا هبة الله أخوندزاده. ولم يذكر المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد بشكل مباشر شبكة حقاني في تصريحاته، وتحدث عن أنشطة وسائل الإعلام، وسألوه ما إذا كان بإمكان وسائل الإعلام أن تنتقد الحكومة، فأجاب بنعم، ولكن يجب الحفاظ على مکانة الأمير.
في رأيي، في الوضع الراهن، إذا أرادت طالبان تغيير زعيمها، فإن الاحتمال يكاد يكون صفراً، والاختلافات في الرأي بين التيارات السياسية ليست بدرجة إجراء تغييرات جذرية على رأس الحكومة.
الوقت: يقال إن انتقاد زعيم طالبان له علاقة بمعارضته لنشاط المرأة وتفاعله مع العالم الخارجي، ما مدى صحة هذه القضية؟ وهل ستحل مشكلة أفغانستان مع المجتمع الدولي بإزالة أخوندزاده؟
السيد بهرام زاهدي: هذا غير صحيح، لقد استمعت الى كل خطب سراج الدين حقاني الذي لا يذكر اسم أحد. في الأسابيع القليلة الماضية، كانت هناك نقاشات حول قضايا عمل وتعليم الفتيات، وهو ما يبدو أنه كان رأي حقاني وكان الاقتباس غير مباشر.
وشدد سراج الدين حقاني في كلمة ألقاها مؤخراً على أن البعض يريد احتكار السلطة، والبعض فسر كلمة "الاحتكار" على أنها إشارة إلى زعيم طالبان. لكن إذا عدنا إلى البيانات الأصلية، يمكننا تحليلها جيدًا، ولا يمكننا الاعتماد على الأخبار المنشورة على الشبكات الاجتماعية.
الوقت: إذا تمت إزالة هبة الله، فمن هو الخيار التالي لطالبان؟ يعتبر البعض فرص الملا برادر في القيادة أكثر من غيره، فهل هناك إجماع في هذا الصدد؟
السيد بهرام زاهدي: حالياً، هناك إجماع من طالبان على هبة الله أخوندزاده وتغيير القيادة غير صحيح، لكن من بين الأعضاء القدامى في حركة طالبان وأولئك الذين كانوا من بين مؤسسي الإمارة الإسلامية، يعتبر الملا برادر شخصيةً مهمةً، وإذا لم يكن هناك هبة الله أخوندازي في مرحلة ما، فإن عبد الغني برادر هو الخيار الرئيسي لقيادة طالبان، لكن هذه الاحتمالات ليست قويةً في الوضع الحالي.
الوقت: بما أن المتحدث باسم طالبان أعلن أن إهانة زعيمهم محظورة، ما مدى فعالية هذا الموضوع في تقليص الخلافات وإرساء الوحدة والتعاون داخل الحكومة المؤقتة؟
السيد بهرام زاهدي: لقد ذكرت في وقت سابق أنه لا توجد اختلافات، لكن إذا تخيلنا أن الانقسامات السابقة قد تؤدي إلى مشاكل خطيرة في عهد طالبان، فإن تصريحات ذبيح الله مجاهد هي الحاسمة في أنه لا ينبغي طرح هذه القضايا بطريقة تجعل قدسية مبدأ الإمارة الإسلامية والقيادة موضع تساؤل، وبطبيعة الحال يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على آليات عمل طالبان.
أؤكد مرةً أخرى أن هناك اختلافاً في الرأي داخل حكومة طالبان، لكنه ليس على مستوى الانقسام، وحسب الأخبار المنشورة حول الانقسامات الداخلية لطالبان، يعتقد البعض أن شيئًا أساسيًا سيحدث في أفغانستان وأن زعيم طالبان سيُزال، لكن هذا ليس صحيحًا.
الوقت: كيف تقيمون تصرفات طالبان للقبول الدولي للإمارة الإسلامية؟ هل تم اتخاذ أي تدابير مهمة في هذا المجال؟
السيد بهرام زاهدي: نعم، على المستوى الدولي، تعاونت دول مثل الصين وروسيا وإيران، التي لديها علاقات أكثر مع طالبان، على تعزيز العلاقات. وقعت الصين عقداً لاستخراج النفط من حوض نهر آمو داريا. وأثيرت في اجتماع روسيا قضايا تتعلق بالاستقرار والأمن في أفغانستان، وأدان الأعضاء المشاركون ما يقوم به الغرب في تجميد الأصول الأفغانية.
وفيما يتعلق بإيران، أقيمت مراسم ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في مدن كابول وهراة ومزار شريف، وأقيمت احتفالات في أفغانستان بمناسبة ذكرى الشهيد قاسم سليماني، ما يدل على تعزيز مستوى التعاون.
داخل أفغانستان، بالنظر إلى السياق الخاص للمجتمع الأفغاني ومن خلال دراسة نفسية شعب هذا البلد وما هو مهم بالنسبة لهم، يمكننا فهم حالة القاعدة الشعبية لإمارة طالبان الإسلامية.
من الأشياء الجيدة التي فعلتها طالبان في الأشهر الأخيرة، هي جمع مدمني المخدرات في جسر كابول المحترق ومدن أخرى، حيث كان المدمنون في حالة سيئة وتم نقلهم إلى معسكرات علاج الإدمان لعلاجهم.
الوقت: قانون حظر تعليم وعمل المرأة، الذي أعلن عنه قبل أشهر، وقالت طالبان إنها لن تتراجع عن هذه القضية حتى تحت الضغط الخارجي. لكن أحد مسؤولي طالبان قال في الأيام الأخيرة إنه يتم تنفيذ إجراءات في هذا الصدد لتحسين الوضع التعليمي للمرأة. ما هي البرامج التي تم القيام بها في هذا المجال؟
السيد بهرام زاهدي: الحظر الكامل على تعليم النساء غير صحيح، وقالت طالبان منذ البداية إنه بسبب بعض الإصلاحات، سيتم إغلاق المدارس والجامعات وإعادة فتحها بعد تنفيذ الإصلاحات، والآن أثاروا القضية نفسها مرةً أخرى وهي ليست جديدةً.
لقد أثيرت مسألة حظر تعليم الفتيات عندما أعيد فتح الجامعات والمدارس، أي عشية فصل الشتاء، وأعلنت الحكومة المؤقتة أن هناك مشاكل في الجامعات من بينها الحالة غير الملائمة للمساكن ومحتويات الكتب المدرسية، وهي غير معتمدة من الإمارة الإسلامية ويجب تصحيحها.
الوقت: في الختام، ما هو تقييمكم للتحديات الكبرى التي تواجه حكم طالبان؟
السيد بهرام زاهدي: في الوقت الحالي، فإن الأوضاع السياسية في أفغانستان هي حيث إن طالبان ليس لديها منافس قوي ومتوازن في الداخل، وكانت التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الجنرال دوستم مجرد عمل دعائي لجذب الرأي العام الأجنبي، حتى تدعم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي القادة الأفغان السابقين الفاشلين مرةً أخرى.
لذلك، من الناحية الاجتماعية والسياسية، لا توجد قوة داخل أفغانستان يمكنها الوقوف ضد هذه المجموعة، وداعش فقط هو الذي يقوم بأعمال إرهابية وهجمات عمياء في بعض المدن.
وعلى الصعيد الدولي، فإن العقبة الجدية الوحيدة هي حجب الأصول الأفغانية من قبل الولايات المتحدة، ما جعل الاقتصاد الأفغاني أصغر. لكن بشكل عام، لن تُحدث هذه العوامل تغييراً جوهرياً في العملية السياسية في أفغانستان.