الوقت - أعلنت السعودية تشكيل تحالف إسلامي عسكري من 35 دولة لمحاربة الإرهاب، على أن تكون غرفة عمليات مشتركة للتحالف في العاصمة الرياض. وهو الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات. فالرياض التي غرقت وأغرقت معها العديد من الدول في المنطقة بسياساتٍ لم تُفلح خصوصاً على صعيد الأزمات العراقية، السورية كما اليمنية. وهنا لا بد من الوقوف عند الموضوع، في محاولةٍ لنقل الصورة الحقيقية لما يجري. فكيف يمكن تحليل فكرة التحالف الذي تطرحه الرياض؟ ولماذا تُثار الكثير من التساؤلات؟
إن التساؤلات كثيرة حول مسألة إعلان هذا التحالف، لناحية التوقيت والجهة التي أعلنت ذلك. في حين تبقى أسئلةٌ أخرى قيد الإنتظار، لا سيما ما بتعلق بالأهداف والدور التنفيذي لهذا التحالف. وهنا لا بد من إيضاح التالي:
-
يعرف الجميع لا سيما المتابعين للشأن السياسي المتعلق بالسياسة الإقليمية للسعودية، أو ما يمكن تسميته بالدور السعودي في المنطقة، أن العديد من الشبهات تُثار على الموقف السعودي تجاه مسألة الإرهاب. حتى أن الرأي العام الغربي، لا سيما الأوروبي، إعترف مؤخراً بأن السعودية تعتبر طرفاً ممولاً للإرهاب ويجب التعاطي معها كمشكلة وليس كَحَل. وهو ما ظهر جلياً بعد الأعمال الإرهابية التي ضربت فرنسا تحديداً. حيث طالب الداخل السياسي الفرنسي، السلطة الفرنسية بوقف الدعم العسكري للسعودية في اليمن، وبضرورة إعادة النظر في العلاقات الخارجية لفرنسا لا سيما مع الرياض.
-
وهنا ولكي نُقفل الحديث عن السعودية، نقول أن الطرف الذي يريد العمل على مشروعٍ جماعيٍ لقتال الإرهاب، يجب أن يتمتع بالعديد من الصفات التي تناسب هذا الدور. ولعل الكلام عن هذا الأمر يُعتبر شبه مُستحيل نتيجة التعقيدات السياسية وتضارب المصالح بين الدول هو كلامٌ منطقي، مما يمنع إتفاق الأطراف على دولةٍ يمكن أن تكون صاحبة الدور القيادي لهكذا تحالف. وبالتالي فإن صعوبة حصول ذلك، يعني حتماً أن السعودية لا تمتلك الأهلية لقيادة هكذا حلف. ناهيك عن أن الرياض لا تتمتع بالثقة الإقليمية والدولية، الى جانب أن سمعتها الدولية على الصعيد الإنساني أصبحت سيئة، مما يجعلنا نقتنع بأن السعودية لا تتمتع بالأهلية للعب هكذا دور. وهنا ما زلنا نتحدث عن الحقائق المنطقية، ولم ندخل بعد في سرد أفعال السعودية الإجرامية تجاه اليمن حالياً، الى جانب سوء علاقاتها بالدول العربية والإقليمية، ومشاكلها مع القطبين الروسي والإيراني.
-
أما فيما يخص فكرة التحالف، فإن المُضحك في هذا التجمع، هو أن هذه الدول الـ 35 أو أياً يكن عددها، والتي ليس من الضروري ذِكر اسمائها، لا تتفق فيما بينها على قضايا أقل أهمية من مسألة الإرهاب. فالدول الخليجية مثالاً على ذلك، لا يجمعها إلا الصورة الواحدة، فيما يعرف الجميع حقيقة العلاقات السيئة بين الأطراف الخليجية لا سيما القطرية السعودية والإماراتية السعودية.
-
وفي حال قال البعض أن الجميع متفقون على ضرورة محاربة الإرهاب، فإن المشكلة الكبيرة تكمن في أن العنوان العريض للتحالف، هو عنوانٌ فضفاضٌ يحتاج للكثير من الإيضاح. فهل يتفق المتحالفون على تعريف الإرهاب؟ وهل يمكن أن يطلعونا بلائحةٍ تضم الإرهابيين أو الجهات الإرهابية؟ أسئلةٌ كثيرة، تتخطى مسألة التساؤل، لدرجة أنها تنسف فكرة التحالف بالكامل.
زيادة على ما تقدم، وبعد أن ناقشنا فكرة التحالف الجديد، كلامٌ كثير حول فعالية ذلك. وهنا لا بد من الإضاءة على التالي:
-
لو سلمنا جدلاً بأن المتحالفين اليوم يمتلكون رؤيةً واحدة حول الإرهاب، فلماذا فشلت التحالفات التي ادعت الحرب على الإرهاب لا سيما في سوريا والعراق؟ كما أن التحالف الذي قادته السعودية ضد اليمن، فشل فشلاً ذريعاً أيضاً. لذلك فبحسب التجربة التاريخية الجديدة والتي مازلنا نعيش اليوم فصولها، فإن أي تحالفٍ جديدٍ سيفشل قبل ولادته حتماً.
-
وهنا فإن التوقيت لا بد أن يأخذ حيزاً من النقاش. فالسعودية التي أعلنت عن التحالف، تعاني على الصعيدين الداخلي والخارجي، لا سيما بعد فشلها الذريع في اليمن. فيما تزامن الإعلان السعودي مع الترحيب الأمريكي بذلك، ليتبين أن السياسة الأمريكية تحاول إعادة خلط الأوراق من خلال أداتها السعودية، لا سيما بعد الفشل الذريع في عدة ملفات، في مقدمتها سوريا واليمن.
تعود السعودية محاولةً لعب دورٍ جديد، يُخرجها من أزماتها المتعددة. لكن هشاشة الطرف السعودي، جعلته مثالاً للفشل لا أكثر. ولعل المشكلة تكمن في ضرورة منع قيام طرفٍ كالرياض بإستخدام الإسلام للترويج لسياساته. فيما ترحب واشنطن، لا إيماناً بملوك آل سعود، بل سعياً لزيادة الشرخ. وهنا فإن الرهان يبقى على وعي الشعوب والتي أصبحت تعرف الحقائق.