الوقت- حذر ناشطون سعوديون من مخاطر تصرفات آل سعود الأخيرة، التي تزيد من سرعة تطبيع العلاقات مع النظام الإسرائيلي.
وحسب موقع سعودي ليكس، نشرت صحيفة "أم القرى" السعودية قوانين جديدة تتعلق بقواعد الأسواق الحرة في السعودية، حاولت السلطات السعودية تمريرها دون ضجيج إعلامي.
وتشمل القواعد الجديدة السماح بدخول جميع السلع الأجنبية من أي نوع إلى الأسواق الحرة وخروجها من المملكة العربية السعودية إلى الأسواق الحرة الأخرى دون أن تخضع للرسوم الجمركية.
وفي هذا السياق أعلن نشطاء ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي أن اللوائح الجديدة تعني السماح بدخول البضائع الإسرائيلية إلى المملكة العربية السعودية، وكذلك السماح بدخول المشروبات الكحولية إلى أرض الوحي.
اللوائح التي نشرتها الجريدة الرسمية السعودية لا تتضمن أي استثناءات للقواعد، مشيرة إلى أن المشروبات الكحولية أو البضائع الإسرائيلية محظورة.
لكن ناشطين سعوديين صرحوا بضرورة حظر دخول البضائع الإسرائيلية والمشروبات الكحولية، مستشهدين بتوضيح نشرته قبل أيام قليلة من قبل الجمارك السعودية ومصلحة الزكاة بأن بيع المشروبات الكحولية في الأسواق المفتوحة محظور.
وكان "إريك ميندل" مدير شبكة المعلومات السياسية في الشرق الأوسط (ميبين) قد توقع في وقت سابق أن القرار الأول لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ونشر مقالاً لخص فيه اجتماعاته الأخيرة في المملكة العربية السعودية مع الدبلوماسيين ووزارة الخارجية والعديد من المراكز البحثية السعودية.
وقال مندل عن هذه الاجتماعات: "كان أحد أهدافي أن أرى مدى قرب المملكة العربية السعودية من الانضمام إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مثل الإمارات والمغرب العربي والسودان والبحرين.
وشدد هذا الباحث الدولي على أن الإمارات والبحرين لم تكن لتقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل لولا تشجيع المملكة العربية السعودية. ومع ذلك، كما علمت العام الماضي عندما تحدثت مع مسؤولي السفارة السعودية في واشنطن العاصمة، لا يزال السعوديون يعتقدون أن لديهم التزامًا خاصًا بحماية إخوانهم العرب الفلسطينيين.
كما أكد جان هانا، الذي عمل مستشارًا للأمن القومي لنائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني، مؤخرًا: "أشعر بقوة أكبر من أي وقت مضى إن كبار القادة السياسيين والأمنيين في المملكة العربية السعودية مستعدون بالفعل لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. إنهم يعتبرون هذا الإجراء في مصلحتهم الاستراتيجية ".
وشدد هانا على أننا أتينا برسالة لا لبس فيها مفادها بأن مشكلة السعودية في تطبيع العلاقات ليست إسرائيل أو القضية الفلسطينية، بل عدم ثقتهم بالوضع الحالي للعلاقات الاستراتيجية الثنائية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
منذ منتصف عام 2022 وبعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للسعودية، دارت محادثات كثيرة، وخاصة من وسائل الإعلام العبرية، حول تطبيع وشيك للعلاقات بين الرياض وتل أبيب ". حتى أنه في الأسابيع القليلة الماضية، كانت السلطات السعودية والصهيونية تتحدث رسميًا عن رغبتها في الكشف عن اتفاق تسوية.
في هذا السياق، اعترف الوزير المشاور للخارجية السعودية "عادل الجبير" مؤخرًا، باقتراب موعد الكشف عن العلاقات العامة بين الرياض وتل أبيب، وأعلن أن العلاقات بين السعودية و اسرائيل تتجه نحو التطبيع وهذا خيار استراتيجي.
كما أعلن مسؤولون سعوديون كبار أن مصالحة الدولة مع إسرائيل هي مسألة وقت فقط ، لكن المؤشر الأخير والأكثر وضوحًا للتقارب بين السعودية والنظام الصهيوني كان مقابلة نتنياهو مع قناة العربية التابعة للمملكة العربية السعودية، والتي أعلن خلالها نتنياهو عن اكتمال تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
توقع داني دانون، عضو الكنيست عن حزب الليكود والممثل السابق للنظام الصهيوني لدى الأمم المتحدة، أن يصل تطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض إلى مرحلته النهائية في عام 2023.
أفادت وسائل إعلام عبرية بأن ابن سلمان طرح شروطًا لتوقيع اتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو الحفاظ على الدعم الأمريكي للسعودية، والتزام الولايات المتحدة بإرسال أسلحة إلى الرياض وكأن السعودية هي أيضًا واحدة من دول الناتو، وإبرام اتفاق يسمح للسعوديين باستخدام احتياطيات ضخمة من اليورانيوم لبرنامجهم النووي هو أحد هذه الشروط.
محمد بن سلمان، الذي حصل من خلال احتفاظه بمنصب ولي العهد، على أمر رئيس الوزراء من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز قبل بضعة أشهر، هو الآن على وشك الجلوس على العرش ويواصل قمع المعارضة بمزيد من الاسترخاء.
يعتقد البعض أن انتقال السلطة في السعودية قد يحدث حتى قبل وفاة الملك سلمان وحسب الأدلة المتوافرة، فإن إحدى أولويات ابن سلمان في سياسته الخارجية هي تطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني، وفي هذه الحالة ستنتهي كل المزاعم السعودية حول دعم القضية الفلسطينية وضرورة تشكيل دولة فلسطينية مستقلة، وخاصة عندما تصل الحكومة المتطرفة الى السلطة بزعامة نتنياهو، سيبدأ نتنياهو موجة جديدة من الجرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين.
ابن سلمان عراب مشروع التطبيع
يسارع ابن سلمان الخطوات لتعزيز العلاقات والتطبيع مع إسرائيل، ويشجع الدول العربية على إبرام الاتفاقيات دون أي خجل من دماء الشعب الفلسطيني التي تراق يومياً على أرض فلسطين.
وأكدت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية أن ابن سلمان، لعب دورا كبيرا من خلال محادثات مع العاهل المغربي، وأثّر على القرار المغربي لجهة التطبيع مع إسرائيل حينها.
وقالت الصحيفة إن ابن سلمان يضع قائمة من الدول العربية والإسلامية الأخرى مثل إندونيسيا وجيبوتي ومالي وباكستان لإقامة علاقا تطبيع مع إسرائيل
وفي حديث لولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع مجلة " ذي أتلانتيك" الأمريكية، قال: إن بلاده لا تنظر الى إسرائيل "كعدو" بل "كحليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن أن نسعى لتحقيقها معا، لكن يجب أن تحل بعض القضايا قبل الوصول إلى ذلك"، من دون أن يوضح ما هي هذه القضايا.. وكان ولي العهد السعودي قد صرح في نيسان 2018 أن الإسرائيليين لهم “حق” في أن يكون لهم وطن!
نتائج التطبيع السعودي على الشارعين العربي و الاسلامي
من الجدير بالذكر أن هناك معارضة شعبية واضحة في دول الخليج الفارسي للتطبيع مع الكيان الصهيوني وهذا ظهر واضحاً خلال مسابقات كأس العالم التي استضافتها قطر مؤخراً حيث كانت القضية الفلسطينية حاضرة بقوة والرفض الشعبي لصحافة الاحتلال الاسرائيلي كذلك الأمر، ولكن السعودية دولة دينية وليست علمانية؛ وبالتالي فإن الاعتراف بالکیان الإسرائيلی دون استعادة المقدسات في القدس الشرقية ينزع عن السعودية شرعيتها الدينية. من جهة أخرى، التطبيع بين السعودية واسرائيل سيخلق قطيعة بين الشعوب العربية والاسلامية والدولة السعودية حيث إنه سيفاقم من الهجمات الصهيونية الإجرامية و المتكررة على الشعب الفلسطيني الأمر الذي سوف يسقط "حل الدولتين"، وسيقود الى نهاية السلطة الفلسطينية في مقابل مزيد من اصطفاف الشعب الفلسطيني خلف حركات المقاومة الفلسطينية.
وقد أظهرت دراسة أجرتها وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية بين منتصف أغسطس/ آب ومنتصف سبتمبر/ أيلول، لمضمون المنشورات في وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي، عن اتفاقيات التطبيع الموقعة مع دول عربية ، خيبة أمل كبيرة للآمال الإسرائيلية في هذا المجال.حسب موقع "تايمز أوف إسرائيل" الذي نشر نتائج الدراسة، فإن موقف 81% من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي العرب كان سلبيا تجاه اتفاقات التطبيع، و8% لديهم آراء "سلبية جدا" وفقط 5% رأوها إيجابية، أي إن 89% من المنشورات العربية كانت سلبية تجاه التطبيع، فيما اعتبرت 45% من التعليقات المنشورة في العالم العربي، اتفاق التطبيع الإسرائيلي العربي بأنه "خيانة"، كما بيّنت الدراسة أن المدافعين عن التطبيع، وهم الأقلية، ركّزوا على مزايا الصفقات الأمنية والاقتصادية مع إسرائيل، وهو موضوع تسوق له آلة الإعلام الرسمية لتسويغ التطبيع، وإلباسه لباس المصلحة "الوطنية"!
في الختام قطار التطبيع الرسمي يتسارع ولكنه شعبيا مرفوضٌ ومجرّم، وعلى الأرض في المجال الرسمي بدا أن قضية فلسطين تلفظ أنفاسها الأخيرة. ولكن في الوجه الآخر من الصورة، فلسطين تولد من جديد في الوجدان الشعبي العربي و الاسلامي و الصورة تصبح أكثر وضوحا بعد أن أعلن عربٌ رسميا أنهم، كانوا، بعد نحو قرن من الوهم، مجرّد سماسرة، ووسطاء لبيع دم شعوبهم وثروات بلادهم للصهيونية العالمية ومن يدعمها، ويرعاها. و المقاومة كانت و ستبقى المشعل الوحيد الذي لم يزل ينير العتم. المقاومة لم ولن تكون إرهابا، مهما حاولوا شيطنتها.