الوقت- بات كيان الاحتلال الإسرائيلي يشكل عبئًا على حلفائه الغربيين وخصوصًا بعد جرائمه المستمرة ضد الشعب الفلسطيني سواء بالضفة الغربية والقدس المحتلتين أو في الأراضي المحتلة عام ثمانية وأربعين وحصاره لقطاع غزّة، فقد باتت هذه الجرائم المتصاعدة تشكل ضغطاً على الدول الأوروبية أمام شعوبها، ويجعلها تتخذ قرارات ضد كيان بسبب الضغوطات الداخلية، وأشارت وسائل إعلام عبرية أن الاتحاد الأوروبي علّق مؤقتًا التعاون مع شرطة كيان الاحتلال على خلفية مخاوف من سياسة الحكومة المرتقبة، حيث من المقرر أن يشكل رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو حكومة من الصهاينة المتطرفين، على رأسهم ايتمار بن غفير، وأضاف الإعلام العبري إن الاتحاد أبلغ السفير الإسرائيلي لديه حاييم ريغيف، أنه في الوقت الحالي سيتوقف عن الترويج لمسودة اتفاق للتعاون الاستخباري بين الشرطة الإسرائيلية ووكالة الشرطة الأوروبية، حيث وقع الجانبان في أيلول - سبتمبر الماضي، مسودة اتفاق لتحسين نقل المعلومات الاستخبارية بين إسرائيل ودول الاتحاد بهدف إحباط الجريمة والإرهاب إلا أنه يحتاج الآن إلى موافقة البرلمان الأوروبي. وأوضح الإعلام العبري أن المسؤولين في كيان الاحتلال يعتبرون أن القرار هو أول إشارة أوروبية على أن التغيير في السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية سيؤدي إلى الإضرار بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي. وحسب المسؤولين في كيان الاحتلال فإن هناك ضغوطا في أوروبا لتقليل التسامح تجاه إسرائيل الآن بعد تغيير الحكومة.
مسودة الاتفاق قدمت إلى أعضاء البرلمان الأوروبي بعد إعلان نتائج الانتخابات في كيان الاحتلال والتي جرت مطلع تشرين الثاني - نوفمبر الماضي. وأكد رئيس وحدة التعاون في تطبيق القانون في الاتحاد الأوروبي، روب روزنبرغ، أن الاتفاق النهائي قد يشمل استثناءات طفيفة فيما يتعلق بالبنود الخاصة بالتعاون مع كيان الاحتلال في الضفة الغربية، ليقتصر فقط على حالة التهديدات الجوهرية والحاجة إلى حماية السكان المدنيين. وبموجب القانون الدولي، يعتبر الاتحاد الأوروبي الضفة الغربية أراض محتلة، ويدعو تل أبيب إلى وقف الاستيطان فيها. وحسب المعلومات فمن المتوقع أن تتضمن الاتفاقية الجديدة بعد التعديلات بندًا يمنع كيان الاحتلال من استخدام أي معلومات تتلقاها من أوروبا في الأراضي المحتلة عام 1967. وخصوصًا أنه تسود مخاوف إقليمية ودولية من أن الحكومة الجديدة في كيان الاحتلال بزعامة نتنياهو، يكون فيها مسؤولون من اليمين المتطرف في مناصب أمنية حساسة، ما يمنح شرطة الاحتلال صلاحيات واسعة في الضفة الغربية المحتلة.
كيان الاحتلال بات يخاف الآن من أن يستخدم الاتحاد الأوروبي الاتفاقات المشتركة التي لم تتم المصادقة عليها بعد كأداة ضغط على حكومة نتنياهو المقبلة في حالة وجود خلافات حول الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة. حيث إنه من المحتمل أن تكون أوروبا أقل تسامحًا مع كيان الاحتلال عن التغيير الحكومي، ويخاف كيان الاحتلال من تأزم العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ما يعني أن المستوطنين مجبرين على إصدار تأشيرات دخول إلى دول الاتحاد الأوروبي وإبعاد رجال الأعمال الصهيونيين من القارة الأوروبية ومن الاستثمار فيها، ولكن يبقى هذا الاحتمال ضئيلًا لكنه غير مستبعد. ولكن من الممكن أن تقوم الدول الأوروبية بفرض الكثير من العقوبات إذا استمرت الحكومة الإسرائيلية المقبلة في بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة وهدم بنى تحتية فلسطينية تحصل على التمويل من أوروبا، من بينها تطبيق قرار محكمة الاتحاد وسم منتجات المستوطنات، أو إلزام كيان الاحتلال بدفع التعويض عن كل هدم أو مصادرة لمبان فلسطينية.
وحسب المصادر السياسية فإن نتنياهو دائمًا ما كان يتعامل مع الاتحاد كعدو يهدد كيانه وليس صديقا، وخصوصًا أنه حسب المقربين منه لا يحترم المجلس الأوروبي ولا آلياته. وخسارة نتنياهو للحضن الأوروبي تعني خسارة كيان الاحتلال لسند دولي كبير سواء سياسيًا أو استخباراتيًا وحتى اقتصاديًا وبالتالي يتخوف كيان الاحتلال من أن تتدهور هذه العلاقات لأنها ستكون إيجابية لمصلحة فلسطين والشعب الفلسطيني، ولكن الحكومة المقبلة والمتطرفين فيها لن يقبلوا التعامل الليّن مع أوروبا وسوف يكونوا حجرة عاثرة في هذه العلاقات وربما تتدهور في أي لحظة.