لوقت - رأى مراقبون أن ظهور مسلحي مجموعة “عرين الأسود” في مدينة نابلس (شمال الضفة الغربية)، خلال حفل تأبين الشهيد وديع الحوح، أمس الجمعة، أثار حالة من الذهول، نظرًا للرسائل التي حملها الاستعراض على صعيد التوقيت، وقوة التنظيم.
واعتبر محللون أن قدرة “عرين الأسود” على إعادة ترتيب أوراقها، والتمتع بهذا الزخم من الحضور والتنظيم، يدلل على قوتها؛ رغم ما تعرضت له من ضربات قاسية خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال الكاتب الفلسطيني والمتابع للشأن الإسرائيلي ياسر مناع، إن “ظهور مسلحي عرين الأسود فجأة بهذا الحجم والتنظيم يضع الاحتلال أمام عدة أسئلة، في مقدمتها جدوى الضربات والاستهدافات، التي قامت بتنفيذها ضد المجموعة وقادتها وعناصرها”.
وأضاف مناع أن “الاستعراض أعاد مجددًا طرح تساؤلات متكررة لدى الاحتلال، حول كيفية شكل التصعيد القادم مع عرين الأسود، وحول كمية الاستعددات والأسلحة التي تمتلكها المجموعة المسلحة”.
وشدد على أن “إسرائيل الآن أمام صدمة كبيرة، نظرًا لوجود حاضنة شعبية، أدت إلى استمرار هذه المجموعة بالنمو والنهوض والعمل، رغم كل ما تعرضت له، سواء من الاحتلال أو أجهزة أمن السلطة الفلسطينية”.
وتوقع المتابع للشأن الإسرائيلي “لجوء إسرائيل إلى إعادة الحصار والتضييق على مدينة نابلس، من أجل خلق رأي عام ناقم على العمل المقاوم، وهو ما لم تنجح به حكومة الاحتلال سابقًا”.
واستدرك قائلاً إن “الواقع أثبت أن العرين ظاهرة مشرفة، تحظى بقبول شعبي لا يوصف، وأن أي إجراءات عقابية يفرضها الاحتلال على الفلسطينيين من شأنه تعظيم هذا التضامن لا تراجعه، كون القضية باتت الآن تحديًا مع الاحتلال”.
من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي عزام أبو العدس، أن “الاستعراض كان مميزًا، ليس فقط من حيث التوقيت والعدد، بل لعدة أسباب أخرى، في مقدمتها مدى التمويه الذي مارسته المجموعة قبل أيام، والحديث عن إلغائها مهرجان التأبين”.
وأشار أبو العدس إلى “السلوك الأمني لأفراد المجموعة، حيث لجؤوا إلى إخفاء كامل معالم وجوههم، وتغطية الأسلحة، وعدم إطلاق النار، وصولاً إلى روعة ودقة التنظيم والاستعراض العسكري”.
وأكد أن “الاستعراض لجم كثيرًا من الألسنة التي تساوقت في الآونة الأخيرة مع الإعلام الإسرائيلي، الذي ظل يضخ رسائله الإعلامية المحبطة حول المجموعة وتراجعها”.
وأشار إلى توقعاته بأن “تشهد نابلس في الفترة المقبلة العديد من الإجراءت الاحتلالية، من حيث الاقتحامات، بغية تنفيذ الاغتيالات أو الاعتقالات، إضافة إلى تشديد الحصار على السكان، من خلال الحواجز المنتشرة على كافة مداخل المدينة”.
وشدد أبو العدس أن “العرين ظاهرة ولدت لتبقى، ولم تفلح محاولات استئصالها، بل على العكس؛ ستكون كل الظروف في صالح مقاوميها، لا سيما كون جرائم الاحتلال تتوسع يوميًا، ليس فقط في نابلس؛ بل في كافة الأراضي الفلسطينية”.
يذكر أن ”عرين الأسود” مجموعة مقاومة فلسطينية، نشطت في مدينة نابلس ومحيطها، ردًا على جرائم الاحتلال ومستوطنيه بحق الفلسطينيين وأراضيهم وممتلكاتهم، التي تتعرض لاعتداءات شبه يومية.
ونظمت المجموعة، أمس الجمعة، استعراضًا عسكريًا وحفل تأبين في ”باب الساحة“ وسط البلدة القديمة بنابلس، بمناسبة مرور أربعين يومًا على استشهاد قائد المجموعة، الشهيد وديع الحوح.
وشارك في الاستعرض عشرات المسلحين الذين يرتدون اللثام الكامل، وسط تجمهر مئات الفلسطينيين حولهم.