الوقت- ما إن حقق رئيس حزب الليكود ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، الفوز في انتخابات الكنيست حتى بدأت تكثر التصريحات والتكهنات حول الحكومة التي سيشكلها، ولم يطل الأمر كثيرًا حتى أعلن نتنياهو عن نيته تشكيل حكومة من أقصى اليمين المتطرف في كيان الاحتلال، حكومة في وزرائها أكثر الصهاينة تطرفا بحق الشعب الفلسطيني مثل بتسلئيل سموتريتش وزيراً للأمن، وإيتمار بن غفير وزيراً للأمن الداخلي. وهذان الشخصان تحديدًا لديهما أفكار عنصرية وإرهابية ضد الشعب الفلسطيني بشكل خاص، حيثُ إنهما يشجعان العمليات الإرهابية والاقتحامات المتكررة ضد الشعب الفلسطيني واعتقالهم، وترحيلهم من منازلهم ومصادرتها او هدمها إضافة إلى أنهما يشجعان على العمليات العسكرية في قطاع غزّة وأن تقوم هذه العمليات بتدمير القطاع وأهله.
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أكد أنه سيضطر للتعامل مع نتنياهو الذي أعيد انتخابه هذا الشهر، رغم أنه يعرف أن نتنياهو رجل لا يؤمن بالسلام. وأضاف لأنه لا يوجد له خيار آخر. وأوضح عباس أنه يجب أن يكون هناك حل سلمي للصراع المستمر منذ عقود. وأشار إلى أنه لا يوجد بينه وبين كيان الاحتلال الإسرائيلي أي مشكلة، لكن تل أبيب تحتل أرضه. معتبرًا أن السلام يحميه وبالتالي هو يريد السلام.
تصريحات عباس هذه وجدت انتقادًا من السياسيين الفلسطينيين، الذين اعتبروا أن رئيس السلطة صاحب نظرية إذا فشلت المفاوضات فبديلها المفاوضات أيضًا، لم يعد يملك شيئًا يقدمه في وجه كيان الاحتلال، والغالبية العظمى من صنّاع السياسية الفلسطينية وان اختلفوا على آلية التعاطي مع الاحتلال فهم لا يختلفون على ضرورة قطع العلاقة تمامًا مع المحتل الإسرائيلي.
محمود عباس، استسلم فورًا لنتنياهو وقدم له أوراق الطاعة، معتبرًا أن لا خيار للتعامل معه غير السلام والانصياع له، لكنه تجاهل وجود خيار آخر ألا وهو سلاح المقاومة الذي أوجع كيان الاحتلال دائمًا وخصوصًا في الفترة الأخيرة، وقبل أن يعلن نتنياهو، تشكيلتَه الحكومية ووجّه له الشعبُ الفلسطيني ضربةً في مقتل بعدَ عمليتي طعنٍ ودهس نفّذَها مقاومة فلسطيني في مستوطنةِ أرئيل جنوبيَ نابلس، قُتل خلالَها ثلاثةُ مستوطنين، وأُصيب آخَرون واستُشهد الفلسطينيان بعدَ مطاردةٍ واشتباكاتٍ مع قواتِ الاحتلال. حيث تشهد الضفةُ الغربية والقدسُ المحتلة تصاعدًا ملحوظًا ونوعيًا في عملياتِ المقاومة خلالَ الفترةِ الأخيرة.
التوجه الفلسطيني نحو المقاومة ورفض الانصياع والانكسار أمام سياسات كيان الاحتلال، هو أفضل خيار لأن تكلفة المواجهة دائما ما تكون أقل من تكلفة الخنوع والخضوع، لأنك عندما تنكسر لعدوك وتقدم له كل شيء، يطمع أكثر بك ويطلب المزيد والمزيد حتى يأخذ حياتك نفسها، وبالتالي عندما تواجهه وترفض املاءاته وقوانينه وتتصلب بمواقفك، سينصاع هو لك، والأمثلة على ذلك كثيرة سواء في الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، أو من قطاع غزة وبعض مناطق الضفة الغربية، وهي أمور ما كانت لتتم لولا المقاومة وقوة سلاحها ووحدة الصف، والفلسطينيون لا يقبلون عباس وسياساته الانبطاحية والخضوعية لكيان الاحتلال لأنهم يعتبرون أنه يضيع عليهم فرصًا كثيرة وذلك عبر تنسيقه الأمني مع تل أبيب، وبالتالي المعركة المقبلة مع الاحتلال ستتلخص في الانفكاك الكامل من اتفاقيات أوسلو التي باتت في الزمن الماضي، والذهاب نحو مرحلة جديدة ألا وهي المواجهة التي ارهقت كيان الاحتلال كثيرًا في الفترة الماضية وادخلته في أزمات داخلية وزرعت الشك في قلوب مستوطنيه وقياداتهم.
حكومة نتنياهو الجديدة اثارت الرأي العام في كيان الاحتلال قبل غيره، حيثُ اعتبر رئيس الأركان السابق لجيش الاحتلال غادي إيزنكوت، أن تعيين بتسلئيل سموتريتش وزيرًا للأمن وإيتمار بن غفير وزيرًا للأمن الداخلي مقامرة.
وأضاف إنّها مقامرة ليس فقط لأنه خدم خدمة جزئية، بل لأنه سموتريتش يفتقد للخبرة أيضًا. وأكد أن سموتريتش ليس لديه المعرفة الأساسية للتعامل مع التحديات الهائلة التي تواجهها المنظومة. واعتبر إيزنكوت، أنه قلق جدًا من هذين التعيين، ويعتقد أن هذين الشخصين عديمي الخبرة وأيضًا لديهما وجهات نظر إشكالية، وإذا كانا يعتزمان تنفيذ ما التزموا به فإن كيان الاحتلال سيمر بوقت عصيب.
فيما قالت مصادر امنية في كيان الاحتلال أن تعيين سموتريتش في منصب وزير الأمن يمكن أن يؤدي إلى تصعيدٍ خطير بل حتى تفكك السلطة الفلسطينية. وأكدت المصادر أن مسؤولين في السلطة الفلسطينية نقلوا رسائل في الموضوع، وأن الجانب الفلسطيني قلق من الصلاحيات الواسعة والحصرية التي ستكون لسموتريتش في الضفة الغربية. هذه الأمور تجاهلها عباس وتجاهل أوراق قوته وذهب نحو الانبطاح السريع وتسليم الاوراق لنتنياهو.