الوقت - "نادل يصب كوكتيلات وزجاجات خمور حوله أمام نساء يرتدين البكيني ورجال كاشفي الصدر”.. هكذا سلط تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الضوء على جزيرة “سندالة” الواقعة على شاطئ البحر الأحمر، ضمن مشروع “نيوم” الذي تسعى السعودية لإقامته.
الصحيفة كشفت عن أشخاص مقربين من المشروع ووثائق للمخططات نشرت في يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران الماضيين، أظهرت نادلًا يصب كوكتيلات أمام زجاجات يبدو أنها علامات تجارية فارهة من الفودكا والويسكي والنبيذ، ويجلس الضيوف حول زجاجة شامبانيا وكعك مبردة.
وتُظهر صورا أخرى من الإعلان الترويجي نساء يرتدين البكيني ورجالاً كاشفي الصدر، نادرًا ما يشاهدون في السعودية، يتسكعون على اليخوت ويستحمون في أحواض سباحة، في مؤشر إلى مدى تحدي مشاريع “نيوم” لأعراف ثقافية لطالما امتاز بها المجتمع السعودي طوال القرون الماضية.
ويقع المنتجع بجزيرة على البحر الأحمر تسمى “سندالة”، ويتوقع أن يضم حانة لتقديم النبيذ الفاخر وأخرى منفصلة لتقديم الكوكتيلات الكحولية وواحدة للشمبانيا والحلويات. كما تشير المخططات أيضا إلى إنشاء متجر تجزئة لبيع النبيذ.
وفي 2017، أعلن “ابن سلمان”، أنه سيتم بناء مدينة جديدة من الصفر في الصحراء بشمال غرب المملكة. والمنطقة التي يطلق عليها اسم “نيوم” وتبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، ستكون “مكانا للحالمين”، وستدار بالذكاء الاصطناعي، ويمولها صندوق الثروة السيادي للمملكة.
وجاء في وثيقة المخطط أن جزيرة “سندلة” ستجعل البحر الأحمر وجهة جديدة لليخوت الفاخرة، وستجذب بعضا من أكثر الأشخاص ثراء وتأثيرا في العالم. وفي حين أن المشروبات الخالية من الكحول، كالبيرة والكوكتيلات، أصبحت شائعة في المملكة، إلا أن الأشخاص المقربين من “نيوم” قالوا إن المشروع يخطط لوجود نبيذ حقيقي، حتى لو لم يتم ذكر كلمة كحول في وثائق المخطط.
وأشارت الصحيفة إلى أن موقع جزيرة “سندلة”، الذي يتوقع افتتاحه العام المقبل، يمكن أن يوفر غطاء قانونيا، باعتبار أنه لن يتم تقديم الكحول في الأراضي السعودية الرئيسية.
ويُحظر بيع وحيازة واستهلاك الكحول في المملكة، ويعاقب على مرتكب ذلك بعقوبات تصل للسجن والغرامة والجلد أحيانا. وتُظهر صور أقمار صناعية أعمال بناء متواصلة في جزيرة “سندلة”، التي ستقع على بعد أميال قليلة من منتجع شرم الشيخ السياحي في مصر، حيث يتم تقديم الكحول.
وحسب الصحيفة، فإن بيع الكحول، سيمثل علامة فارقة محفوفة بالمخاطر للتحول الاقتصادي والثقافي الذي يقوده ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”، والذي يهدف جزئيًا إلى جذب السياح الأجانب وتشجيع رجال الأعمال المغتربين على العيش والعمل هناك.
وتابعت الصحيفة إن السعودية باعتبارها موطنًا لأقدس المواقع الإسلامية في مكة والمدينة، تصور نفسها على أنها مثالا للأخلاق الإسلامية، وأن السماح للكحول، التي يحرمها الإسلام والقرآن الكريم، من شأنه أن يؤدي إلى ردة فعل عنيفة بين السعوديين المشهود لهم بالالتزام الديني.
ومع ذلك، يقول الوافدون في استطلاعات الرأي، إن الحصول على الكحول سيكون مهمًا لنوعية حياتهم في “نيوم”، وهي مجموعة مترامية الأطراف من التطورات على أرض المدينة التي توصف بأنها مستقبل المملكة.
وقدم المسؤولون السعوديون في الأشهر الأخيرة، رسائل مختلفة حول بيع الكحول، ويمكن للحكومة أن تقرر في النهاية السماح أو عدم السماح بشرب الكحول في أي مكان في المملكة، بما في ذلك “نيوم”.
وفي مقابلة نُشرت في مايو/أيار الماضي، مع صحيفة “أبوظبي” الوطنية، قال “أندرو ماكيفوي” رئيس السياحة في “نيوم”، إن قوانين المشروع ستلائم “طموحات أولئك الذين نحاول جذبهم للعمل والعيش هنا”.
ونفت الحكومة السعودية في بيان لاحق ما ورد في تصريحات “ماكيفوي”، قائلة إن “نيوم” ستكون خاضعة لسيادة السعودية، ولكن لديها قوانين اقتصادية خاصة. وسبق أن ذكرت تقارير أن شركة قانونية أمريكية أوكلت إليها مهمة وضع قوانين المدينة، التي ستكون ذات نظام قانوني وقضائي منفصل عن السعودية.
يذكر أن الأميرة هيفاء بنت محمد آل سعود مساعدة وزير السياحة ردت في المنتدى الاقتصادي العالمي بشأن سؤال بيع الكحول في السعودية. وقالت في حينه: “الإجابة المختصرة هي أننا سنواصل قوانيننا الحالية”، لكنها لم تنفِ خطط الحكومة بالسماح ببيع الكحول مستقبلاً، حسب الصحيفة.
في المرحلة التي تمر بها السعودية وفي ظل التغييرات السريعة، فإن السعوديين يتساءلون وبنوع من النشوة عند البعض، والقلق عند البعض الآخر، عما إذا كانت إحدى علامات البلد ستختفي، وهي منع الكحول".
ففي ظل حكم محمد بن سلمان تعرضت المملكة لشجب دولي وتوبيخ بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي وملاحقة الناشطين، لكن تخفيف القيود الاجتماعية يسهم في تأكيد رواية القيادة عن التحولات الاجتماعية والاقتصادية، فلم يكن من المتخيل قبل سنوات أن تختلط المرأة بالرجال في الأماكن العامة، ولا حتى كان بإمكانها قيادة السيارة، وفي الوقت الذي لم تقل فيه الحكومة شيئا عن الكحول، وإن سمح بتعاطيه للأجانب فقط، فإن مجرد الحديث عنه يعد في حد ذاته مثارا للدهشة".
وحسب بعض وسائل الاعلام فإن هدف محمد بن سلمان هو ربط السعودية بالسوق العالمية، وخلق مكان جذاب للمواهب الدولية مثل أبو ظبي، إضافة إلى أنه يريد ازدهار التجارة، وتدفق السياح إلى منتجعات البحر الأحمر التي يخطط لإنشائها، مشيرا إلى أن المسؤولين السعوديين لم يردوا على طلب الموقع للتعليق.
ونقلا عن مسؤولين وسعوديين مقربين من الحكومة، قولهم إن لن يتم السماح بالخمور أبدا؛ لان المملكة هي حارسة مكة ومهد الإسلام، ويتجه المسلمون في أنحاء العالم كله لمكة عند الصلاة، ولهذا السبب يجب أن تظل السعودية معقلا للأخلاق الإسلامية.
وكما جاء في إحدى التقارير، فإن السعودية لم تكن أبدا خالية من الكحول، فعندما جاء رجال النفط إلى السعودية الفتية تدفق الخمر معهم، وشاركوه في الحفلات التي حضرتها النخبة السعودية، إلا أن نجلا للملك عبد العزيز قتل عام 1951 نائب القنصل البريطاني في جدة، ما دفع الملك لمنع الخمور.