الوقت- عقب ترشح الرئيس الامريكي بايدن للمشاركة في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة الامريكية، أطلق بايدن تصريحات قوية ضد السعودية تقضي بمعاقبة السعودية لانتهاكها حقوق الإنسان في اليمن وايضاً منع بيع الأسلحة ووقف تصديرها إلى الجانب السعودي فنتيجة لذلك عقب فوز الرئيس وتوليه رئاسة الولايات المتحدة، بدأت واشنطن تدريجياً بتقريب العلاقات مع الرياض وأبوظبي؛ في محاولة منها لسد الفجوة الكبيرة التي عاشها الجانبان، وخصوصاً في الجانب العسكري.
بعد ذلك نشبت الحرب الروسية الأوكرانية وهنا بدات الولايات المتحدة الامريكية تغير في سياستها تجاه السعودية ولعل زيارة الرئيس الأمريكي للسعودية منتصف يوليو الماضي، كانت ربما بداية لاستعادة جزء من العلاقات القوية بين الجانبين، وما تلاها من خطوات أمريكية وسعودية إماراتية تهيئ لهذه العودة، كان آخرها إعلان واشنطن بيع أسلحة بنحو 5 مليارات دولار للبلدين الخليجيين.فخلال العقدين الأخيرين، مرت العلاقات الأمريكية- الخليجية بعدد من المنعطفات في مسارها، فيما اتسمت قبل ذلك إلى حد كبير بالاستقرار والتفاهم بين الجانبين، باستثناء بعض الأحداث التاريخية الفارقة، ليطرح ذلك سؤالاً عن دلالات الخطوة الأمريكية في هذا التوقيت.
أول صفقة عسكرية في عهد بايدن .. ما الذي تريده واشنطن ؟
في السابق أعلنت الولايات المتحدة الامريكية وعن طريق رئيسها بايدن أنها سوف توقف تصدير السلاح إلى كل من السعودية والإمارات وكانت هذه التصريحات التي أدلت بها حكومة بايدن تشير إلى سياسية جديدة للولايات المتحدة تجاة كل من السعودية والإمارات على عكس السياسة السابقة التي انتهجها الرئيس السابق ترامب، ولكن لم يمر وقت طويل لنرى الرئيس بايدن يتراجع عن مواقفه تجاه السعودية، ففي صفقة هي الأكبر منذ تولي بايدن الحكم، أعلنت الخارجية الأمريكية موخراً (2 أغسطس 2022)، موافقة واشنطن على صفقة محتملة لبيع صواريخ "باتريوت" ومعدات متعلقة بها إلى السعودية بتكلفة تقدر بـ3.05 مليارات دولار، وأنظمة دفاع جوي للإمارات بـ2 مليار دولار.
وأفاد بيان للخارجية الأمريكية، بأن صفقة صواريخ باتريوت للسعودية تشمل 300 صاروخ، وأنظمة الاختبار وقطع الغيار والنقل وبرامج التدريب، مشيراً إلى أن "الصفقة تشمل أيضاً الدعم الفني والهندسي والخدمات اللوجستية". وأضاف البيان: إن "الصفقة المتوقعة مع السعودية تهدف إلى تحسين أمن شريك يعتبر قوة استقرار سياسية". من جانب آخر أعلنت الخارجية الأمريكية الموافقة على صفقة مستقبلية لبيع أنظمة دفاع جوي بأكثر من ملياري دولار للإمارات، دون تفاصيل حولها.
زيارة بايدن.. وعلاقتها بالصفقة
من الملاحظ أن الإعلان الأمريكي عن الصفقة جاء بعد نحو نصف شهر من زيارة الرئيس للسعودية، حيث زار مدينة جدة منتصف يوليو الماضي، وعقد لقاءات مع الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، كما عقد قمة بمشاركة دول الخليج ومصر والأردن والعراق.وحصل بايدن في القمة على جزء من أهدافه، بعد إعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، زيادة مستوى طاقة بلاده الإنتاجية النفطية إلى 13 مليون برميل يومياً تدريجياً، بعد محاولات أمريكية سابقة لزيادة الإنتاج بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية. وكان لافتاً عقب زيارة بايدن للسعودية بأيام، إرسال الرياض رسالة مبطنة، على لسان وزير خارجيتها فيصل بن فرحان، الذي قال إنه إذا لم تتمكن السعودية من الحصول على معدات أمريكية "فستبحث عنها في مكان آخر".
ولعل محاولات واشنطن تهدئة التوتر مع الرياض بدأت مبكراً، ففي نوفمبر من العام الماضي، أعلنت الخارجية الأمريكية بيع السعودية 280 من صواريخ (إيه.آي.إم-120سي-7/سي-8) جو-جو المتوسطة المدى المتطورة، و596 قاذفة صواريخ (إل.إيه.يو-128)، إلى جانب حاويات وعتاد للدعم، وقطع غيار ودعم هندسي وفني تقدمه الحكومة الأمريكية ومتعاقدون، في صفقة بـ650 مليون دولار.وكان أحد أسباب الأزمة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية مرتبطاً باليمن وتعهد بايدن بمنع تسليح المملكة، وانتقاده أكثر من مرة، مشاركتها في الحرب هناك.
النفط مقابل السلاح
الحقيقة أن حاجة الولايات المتحدة إلى زيادة إنتاج المملكة العربية السعودية من النفط نتيجة نمو السعر العالمي لهذا المنتج الاستراتيجي ومن ناحية أخرى لدفع خطة تطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني في منطقة الخليج الفارسي. ومن أجل تنفيذ تحالف إقليمي من الحلفاء الغربيين والعرب في المنطقة، دفع البيت الأبيض إلى الالتفاف حول بعض سياساته المعلنة السابقة ضد السعودية، ولا سيما في موضوع حقوق الإنسان وبيع الأسلحة. لذلك، لا بد من القول إن مبيعات الأسلحة للحلفاء كانت دائمًا إحدى أدوات واشنطن الرئيسية في تعزيز سياساتها الإقليمية.
في الختام تعتبر السعودية والإمارات من الدول القليلة في العالم القادرة على زيادة إنتاج النفط نظرا لطاقة الاحتياط. ولم تسفر زيارة بايدن إلى السعودية -واجتماعه بدول خليجية أخرى غنية بالنفط عن تعهد فوري بزيادة إنتاج النفط لخفض أسعار النفط التي تعتبر أولوية للرئيس الأمريكي في وقت يواجه اقتصاد بلده مستويات تضخم غير مسبوقة. فمن خلال صفقة الأسلحة الاخيرة حاول بايدن أن يوكد التزام الولايات المتحدة تجاه الحلفاء في الشرق الأوسط لتحسين التعاون الأمني لافتاً إلى تطوير البنية الدفاعية الجوية والصاروخية.